كيف نفهم قانون الايجارات الجديد؟

وقت يعتبرُ المسـتأجرون القدامى ان اقرار قانون الايجارات الجديد بمادة واحدة و”بهذه الطريقة” بمثابة يوم اسود في تاريخ المجلس النيابي، يؤكد المالكون القدامى ان الحق بدأ يعود لاصحابه بعد سنوات من الحرمان.

بداية، يشرح لنا احد المحامين طريقة احتساب بدل الايجار في القانون الجديد عبر المثال الآتي: لنفترض ان مستأجراً كان يدفع 450 ألف ليرة بدل ايجار سنوي لشقة تبلغ مساحتها 90 متراً في منطقة مار مخايل-الاشرفية، يُصار الى تخمين اسعار الايجارات في المنطقة. ولنفترض ان معدل الايجار السنوي في المنطقة 12 مليون ليرة، يُصار بعد ذلك الى احتساب 15% من فرق الايجار ، اي 15% من 11 مليون و550 الف، اي مليون و732 الف ليرة. والمبلغ الاخير يضاف الى 450 الف ليرة، ليكون الايجار المتوجب دفعه في السنة الاولى من اقرار القانون الجديد بالنسبة للمستأجر هو مليونان و182 الف ليرة. وتكرر هذه العملية طوال  اربع سنوات. في السنتين الخامسة والسادسة يضاف 20%  من فرق الايجار الى ان يتساوى الإيجار القديم مع الجديد ويثبت دون اضافات خلال السنوات السابعة والثامنة والتاسعة. وفي نهاية السنة التاسعة ، يتاح للمالك الطلب من المستأجر إخلاء العقار المستأجر من دون أي تعويض. علما ان تطبيق القانون يبدأ بعد ستة اشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.

 المستأجرون القدامى رأوا ان القانون مجحف بشكل كبير في حق المستأجر غير القادر على دفع بدل الايجار عند بدء الزيادات التي أُقرّت. وقال نائب رئيس لجنة الدفاع عن حقوق المستأجرين عصمت عبد الصمد لـ”النهار” ان “اقرار القانون بهذه الطريقة هو يوم اسود في عهد المجلس النيابي الحالي ونأمل من رئيس الجمهورية عدم التوقيع عليه رأفة بربع الشعب اللبناني الذي سيطرد الى الشارع مع بدء تنفيذه”. واكد ان “عدم النصّ على تعويض للاخلاء في القانون امرٌ غير مقبول ويجب ان يكون هناك تعويض اقله 40 % من سعر الشقة وفق الاقتراح الذي قدمه الوزير السابق بهيج طبارة”. وعن المهلة التي اعطاها القانون للمستأجر، اشار عبد الصمد الى انه “امر مضحك جدا ما تمت الاشارة اليه في القانون عن المهلة المعطاة للمستأجر لاخلاء المأجور، فهذه ليست مهلة طالما ان الايجار ستلحق به زيادة 15% في كل عام ليصبح بعد 6 اعوام بالقيمة الحالية للعقار المستأجر”. واوضح ان “المهلة الحقيقية هي ان يعطى للمستأجر وقت محدد لينفذ خلاله ما نصّ عليه القانون، وعند انقضاء المهلة اذا لم يلتزم المستأجر، يصبح في امكان المالك ان يجبر المستأجر على اخلاء المنزل، ولكن في القانون الحالي اذا لم يتمكن المستأجر من دفع الزيادات على الايجار، ففي امكان المالك اخراجه من المنزل حتى لو لم تنقض المهلة القانونية”.

وعن الصندوق المخصص لمساعدة المستأجرين، قال عبدالصمد “هذه النقطة ليست واضحة ابدا فمن سيموّل هذا الصندوق… قالوا من التبرعات والهبات لكن لا شيء واضحا هنا، اضافة الى ذلك، فان كل الصناديق التي اسستها الدولة لا تشجع على اعتماد هذه الطريقة لان معظمها اما سرق او وقع في عجز كبير، وفي حال وُقع القانون من رئيس الجمهورية ولم ينشأ الصندوق فمن يعوض على المستأجرين؟”.
في المقابل، ورغم ما أشيع عن فرحة المالكين القدامى باقرار المشروع، فان لجنة الدفاع عن حقوق المالكين القدامى دعت الى التعويض عن “خسائرهم التي تكبدوها بسبب عدم تقاضيهم البدل العادل وباعتبارهم المتضررين”. وطمأنوا المستأجرين الى ان “اخلاء المأجور لا يتم الا في حالات الضرورة العائلية بعد ابلاغ المستأجر واعطائه مهلة ستة اشهر لاخلائه”.

وفي نظرة قانونية الى القانون الجديد، اعتبر المحامي ايلي آصاف ان “القانون زاد من اعباء الخزينة العامة بانشائه صندوقا خاصا لمساعدة المستأجرين الذين لا يتجاوز معدل دخلهم الشهري ثلاثة اضعاف الحد الادنى للاجور وهم كثر، في حين كان بالامكان تفادي هذا الامر عبر اعتماد قاعدة توزيع قيمة المأجور بين المالك بنسبة 60% والمستأجر بنسبة 40%”. وتابع: “فإما ان يقبض المالك نسبة 60% وينقل الملكية الى المستأجر او يقبض المستأجر الـ40% ويخلي المأجور، وهي صيغة مقترحة ومدروسة سابقا تمول من القروض السكنية التي تقدمها المصارف والمدعومة من مصرف لبنان” .

واعتبر آصاف من جهة ثانية، ان القانون الجديد “لم يلحظ أية تعويضات إخلاء للمستأجر لدى حلول مدّة الــ9 سنوات وكأنه أراد التوفير على المالك المسترد لملكه على حساب الخزينة العامة التي تتحمّل كافة الزيادات الملحوظة فيه”. كما رأى ان “القانون ولّد التباساً شديداً حول النصوص الواجبة التطبيق على الدعاوى التي لا تزال عالقة أمام المحاكم. ففي حين نصّت المادة 22 فقرة “د” على تطبيق أحكام القانون الجديد على دعاوى الإسترداد العالقة التي لم يصدر بها قرار مبرم قبل تاريخ نفاذه، نصّت المادة 55 منه على إبقاء الدعاوى المقامة قبل تاريخ العمل به خاضعة لأحكام القوانين التي أقيمت في ظلها”. واضاف أن “هذا التناقض بين أحكام القانون الواحد من جهة وتطبيق أحكام قانون جديد على نزاعات غير مفصولة بعد من جهة ثانية سيخلق أعباءً وتشابكات لدى المحاكم كانت بغنى عنها”.

السابق
إسرائيل ألغت الإفراج عن الأسرى
التالي
كارثة اللاجئين إلى الصدارة مع العدّ المليوني