هل ينجح سمير جعجع بتكرار تجربة بشير الجميّل في الوصول إلى الرئاسة الأولى؟

لم يعد رئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع يخفي سعيه للوصول إلى موقع الرئاسة الأولى من خلال خوض الانتخابات الرئاسية اللبنانية التي بدأت مهلتها الدستورية منذ الخامس والعشرين من آذار وتستمر حتى الخامس والعشرين من شهر أيار المقبل.

فخلال الاحتفال في ذكرى 14 آذار أعلن جعجع مواصفات «الرئيس المطلوب» من قبل القوات وهي تنطبق عليه بشكل مباشر حيث يريد «رئيساً قوياً يحمل مشروع قوى 14 آذار ولديه مواقف واضحة من التطورات الداخلية والخارجية».

وقد أشارت مصادر قواتية مطلعة إلى «ان قيادة القوات بدأت بوضع خطة تفصيلية لخوض المعركة الرئاسية وتم تشكيل لجان مفصلة لمتابعة كل الاجراءات السياسية والتنظيمية والإعلامية بانتظار الإعلان الرسمي الواضح لترشح جعجع».

وتقارن بعض الأوساط السياسية الخطة التي تعتمدها القوات اليوم مع الخطة التي وضعتها القوات برئاسة بشير الجميّل ما بين عامي 1980 – 1982 والتي أدت إلى وصول الجميّل الى الرئاسة الأولى، مع ان هذا القرار اعتمد أساساً على الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982.

ورغم تغير الظروف السياسية والواقعية ما بين عامي 1982 و2014 فإن جعجع يحاول تكرار التجربة من خلال اعتماد خطة جديدة عبر الانفتاح على جميع القوى وفي مقدمها حزب الله وإعلان برنامج سياسي واضح كي يتم تبنيه من قبل قوى 14 آذار.

فأين هي نقاط القوة والضعف في مشروع «القوات اللبنانية» لإيصال رئيسها الدكتور سمير جعجع الى الرئاسة الأولى؟ وهل تستطيع القوات تجاوز كل المطبات والاشكالات لتحقيق حملها بالوصول الى موقع رئاسة الجمهورية؟

نقاط القوة والضعف

بداية ما هي أبرز نقاط القوة والضعف التي تتمتع بها «القوات اللبنانية» وزعيمها الدكتور سمير جعجع؟

منذ خروج الدكتور جعجع من السجن بالعفو الخاص الذي أصدره مجلس النواب بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، استطاع ان يعيد تنظيم وضع القوات ويحوِّلها الى مؤسسة تنظيمية وشعبية وسياسية قوية، ومن خلال التحالف مع «تيار المستقبل» وقوى 14 آذار أصبح لدى القوات كتلة نيابية فاعلة، وأما على الصعيد الشعبي فقد امتدت القوات الى مناطق عديدة في الشمال والبقاع والجنوب إضافة إلى بيروت وجبل لبنان، كذلك في الجامعات والمدارس والنقابات فقد أصبح لطلاب ومؤيدي القوات حضور فاعل ويبرز ذلك من خلال الانتخابات الطلابية والنقابية.

كذلك عمد جعجع خلال السنوات التسع الماضية الى توسعة دائرة اتصالاته الداخلية والخارجية، وقام بعدة زيارات للدول العربية وأصبح له علاقة قوية مع السعودية ومصر إضافة الى الدول الغربية.

ويعتمد جعجع في خطاباته ومواقفه على الوضوح والصراحة، وان كان الهجوم على حزب الله وسياساته وأدائه هي أبرز النقاط في معظم مواقفه.

لكن رغم كل هذه النقاط القوية لمصلحة جعجع والقوات اللبنانية، فإن «القوات» لا تزال تمثل بالنسبة إلى بعض الأوساط المسيحية «القوة المقاتلة في الحرب» وما يحمل ذلك من مشاكل وأخطاء، اضافة الى كون جمهورها يركز على أبناء القرى والأرياف أكثر من أبناء المدن والنخب المسيحية حسب بعض المطلعين على الواقع المسيحي.

وتواجه القوات اليوم بعض الاشكالات في العلاقة مع «تيار المستقبل» بعد تشكيل الحكومة الأخيرة والخلاف الذي برز بين الفريقين والتقارب الحاصل بين «المستقبل» و«التيار العوني».

ويضاف إلى ذلك العلاقة السلبية مع قوى 8 آذار وعدم ارتياح بعض «قوى 14 آذار» لترشح جعجع لرئاسة الجمهورية وتفضيل شخصيات أخرى عليه.

لكن بعض الأوساط السياسية القريبة من القوات تستذكر تجربة الرئيس بشير الجميّل وكيف نجح بتحويل النقاط السلبية الى نقاط قوة والاستفادة من المتغيرات الداخلية والخارجية، ما سهَّل وصوله الى رئاسة الجمهورية عام 1982.

ويشكل استعداد جعجع والقوات للحوار مع حزب الله بداية التغيرات في مواقف القوات تمهيداً لخوض المعركة الرئاسية.

الوصول إلى الرئاسة

لكن هل ستستطيع «القوات اللبنانية» إيصال الدكتور جعجع للرئاسة الأولى أم انها تريد قطع الطريف أمام مرشحي قوى 8 آذار (العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية)، ومن ثم الوصول الى مرشح توافقي؟

المتابعون للمعركة الرئاسية في لبنان، يعتبرون ان وصول الدكتور جعجع الى موقع الرئاسة الأولى ليس سهلاً، إن لم يكن مستحيلاً، لأن أمامه عقبات عديدة داخلية وخارجية، وهو من المرشحين الصقور، وان تغيير خطابه ومواقفه قبل أسبوعين من انطلاق المعركة الرئاسية قد لا يساعده كثيراً في تحقيق هدفه.

لكن هل يراهن جعجع والقوات على حصول تغييرات كبرى في المنطق تساعده من تحقيق هدفه كما حصل مع بشير الجميّل عام 1982؟

لا يبدو حالياً ان هناك تغيرات كبرى في المنطقة، وخصوصاً على صعيد الملف السوري، حيث ان النظام نجح في الصمود في مواجهة الضغوط، وهو حقق بعض التقدم في مناطق أساسية، رغم انه يواجه تحديات جديدة في ريف اللاذقية ومنطقة درعا.

اذن، إن ترشّح جعجع سيؤدي على الأقل إلى أن يكون أحد الناخبين الرئيسيين، أو انه قد يساعد في قطع الطريق أمام وصول مرشحين أقوياء من قوى 8 آذار، ما قد يمهد الطريق للبحث عن شخصية سياسية تحظى برضى جميع الأفرقاء المحليين وبدعم دولي وإقليمي.

وبالاجمال فإن «القوات اللبنانية» من خلال خوضها معركة الرئاسة الأولى والسعي إلى أن يكون الدكتور جعجع المرشح الأساسي لقوى «14 آذار» قد تهدف إلى تأكيد موقعها السياسي والشعبي في الواقع اللبناني والتعويض عن عدم تمثيلها في الحكومة الحالية التي يؤدي فيها حزب الكتائب والتيار العوني دوراً فاعلاً.

والأيام المقبلة قد تشهد المزيد من المواقف والاطلالات والمبادرات الجديدة لقائد القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، التي ستسهم على الأقل في دعم حضور القوات سياسياً وإعلامياً وشعبياً، إن لم تؤد الى إيصال جعجع الى موقع الرئاسة الأولى.

 

السابق
الجمهورية: سجال في مجلس الوزراء حول قضية النازحين
التالي
رياض سلامة خيار الراعي لقصر بعبدا