مسيحيو الشرق الأوسط إلى أين؟

وضع المسيحيين في الشرق الاوسط خلال الفترة الانتقالية الراهنة، كان موضوع مؤتمر نظمه مركز التقدم الاميركي في واشنطن وجامعة فيلانوفا قرب مدينة فيلادلفيا، قبل ايام. المؤتمرون من عرب وأميركيين رسموا صورة قاتمة لواقع المسيحيين في الدول العربية منذ الغزو الاميركي للعراق وتحديدا موسم الانتفاضات العربية، وما تعرضوا له من عنف وتهجير، في العراق وسوريا ومصر. الهدف الاساسي كان معرفة الاسباب التي تجعل العنف الراهن مختلفا عن السابق، والدور السياسي والثقافي للمسيحيين في القرن العشرين، وما هي الاتجاهات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تؤثر عليهم، ومعالجة تحديات الحريات الدينية في سياق التعددية السياسية، وأخيرا ما الذي يمكن المسيحيين ان يفعلوه لمواجهة الاخطار الراهنة وهل هناك من دور لواشنطن في هذه المعضلة؟.

كان هناك رأي واسع، الى ان الاخطار الراهنة تختلف عن سابقتها في القرن الماضي، بأنها أكثر شراسة ودموية وتحدث على نطاق المنطقة، وفي سياق تدهور اقتصادي كبير واستقطاب سياسي – ايديولوجي عميق (مصر)، وإخفاق سياسي صارخ للانظمة “القومية” التي كانت تدعي انها “علمانية” مثل العراق وسوريا في ظل حكم البعث، بينما كانت في الواقع مذهبية، إذ عمقت ممارساتها الاستقطابات المذهبية على خلفية قهر سياسي واحتكار اقتصادي أوصلا دولة مثل سوريا الى جحيم الحرب الاهلية، واعطيا “العلمانية” أسوأ سمعة ممكنة. وكانت هناك اشارات الى ان أحد اسباب خطورة المرحلة الراهنة على المسيحيين هو انفجار العنف المذهبي بين السنّة والشيعة على نطاق اقليمي ووقوع المسيحيين في العراق وسوريا بين ناري المتطرفين من الطرفين.
بعض المؤتمرين أشار الى السياسات التمييزية لمعظم دول المنطقة ضد المسيحيين (وغيرهم من الاقليات الاتنية والدينية)، كما كان هناك تركيز على ان المسيحيين يجب ان يناضلوا من اجل حقوقهم الكاملة كمواطنين وليس كأفراد أقلية دينية، وفي سياق التعددية السياسية، وفي ظل دولة مدنية ودستور عصري يضمن حقوق المواطنة للجميع ومن دون أي تمييز. البعض رفض بقوة مقولة طلب او قبول “الحماية” من حاكم متسلط يتلاعب بمخاوف المسيحيين والاقليات كما يجري في سوريا، او طلبها من عسكري طموح، كما جرى أخيرا في مصر. ولوحظ ان دور المثقفين في الانتفاضات العربية كان هامشيا وانهم غابوا عن صياغة الاسئلة الصعبة او البحث عن الاجوبة الاصعب.
كان ثمة اجماع على أن غزو العراق (الذي ساهم بشكل غير مباشر في مأساة المسيحيين) قد أضعف قدرة واشنطن على مساعدة المسيحيين في سياق دعم حقوق الانسان. البعض دعا الى دور محدود، وآخرون لدور أميركي أقوى على خلفية ادراك الجميع لعدم وجود اهتمام اميركي كبير بمعضلة المسيحيين.

السابق
جثة عند الضفة اللبنانية لمجرى النهر الكبير
التالي
ما قاله السبكي عن هيفا