ثلاثية: سوريا «التجارة» وإيران «العقيدة» وحزب الله «الشهادة»

عاد الشيعة إلى زيارة مرقد السيدة زينب لهوى في أنفسهم. هوى عاطفي يلتقي مع هوى سياسي بعد توقّف قسري. واليوم، وبعد عدد كبير من الشهداء، بات للشيعة وجودهم العسكري في عاصمة الأمويين الأولى، وما عادوا زوّارا عاديين. فهل زيارة المقام "شمّ هوا" أم "واجب ديني" أم "تجارة"؟

حملات زيارة المقامات الشيعية الى الشام اشتعلت من جديد. واشتغلت الباصات من بيروت، بل من ضاحية بيروت الجنوبية بالذات، إلى مقام السيدة زينب بنت علي (عليه السلام) ومقام السيدة رقية بنت الحسين (عليه السلام). ومعهما سوق الحميدية وكل الاسواق من الحمرا الى الصالحية…

وجلّ هؤلاء الزوار من النساء والصبايا والشباب، الذين اعتادوا زيارة المقامات طالع كلّ نهاية اسبوع وعند كل مناسبة دينية، كذكرى استشهاد احد الائمة او ذكرى ولادة احد الائمة ايضا.

هؤلاء الزوار يرون في المشوار الى الشام متنفسا لهم رغم ان الاماكن المقصودة ليست الا مناطق شعبية لا تحوي اي ترفيه ولا تسلية ولا مطاعم ولا ما يشجع على التعلق بها سوى زيارة مقام السيدة زينب.

فقد وصفت احدى الزائرات المشهد الجديد في المقام بالتالي: “الشباب في كل مكان وبشكل بارز، كعسكريين، وكمفتشين على مداخل المقامات، وكمراقبين، وكمتجولين”. إنّه حفظ الامن”.

وللزيارة، التي توقفت وانقطعت لفترة ليست بقصيرة، اي منذ بدايات الثورة في سوريا قبل 3 سنوات، وجوهٌ متعددة. اوّلها انّه اضافة الى رغبة النسوة والشباب والصبايا في زيارة الشام شبه الدائمة، كان هؤلاء يقومون بالتسوق وشراء كافة انواع البضائع نظرا لفرق العملة، ونظرا لتدنيّ الاسعار قياسيا الى لبنان. إذ أنّ معظم الزوار، واغلبهم من النساء، كانوا يعتاشون من تجارة الالبسة الشعبية والمؤونة الغذائية.

بالمقابل كان المسيحيون اللبنانيون والسوريون يتبادلون الزيارات الدينية ايضا وايضا نظرا لانتشار المقامات المسيحية في كلا البلدين.

وقد عانى عدد كبير من العوائل اللبنانية من الضيق الاقتصادي لجهة توقف الحملات بين الشام وبيروت، وبين حمص وحلب وبيروت. واقفلت مكاتب بعض الحملات التي تنسّق الزيارات. اذ كانت فيما مضى بعض الحملات تتفرّع الى مكاتب وفروع نظرا لازدهار العمل في هذا القطاع بشكل كبير خلال العقد الأخير. كون الخطابات الدينية تشجّع باستمرار على ذلك. لعلّه بسبب التنسيق بين رجال الدين واصحاب الحملات كون رجال الدين من اصحاب هذه الحملات.

واللافت أنّ الشباب اللبناني، من مناصري حزب الله، حرص على الدفاع عن مقام السيدة زينب رغم الحديث القائل بعدم قدسية المقام مقابل حفظ دم الانسان. وقد وجد الشيعة أنّ “الدفاع المقدس” مُبّرر لهم بدعم قوي من النسوة اللواتي يعتبرن ان المشاركة في هذه المعركة أولوية كمحاربة اسرائيل.

الفرحة التي تعود بها الزائرات تشي كأنّ ارضا محتلة عادت وتحرّرت، هذا المشوار بنظرهم  بوابة نحو الاجر والثواب.

وعودة بوابة “شمّ الهوا”، الذي ليس شم هوا طبيعيا، بل هو ذو اهداف دينية، راح يزدهر رغم أنّ الاعلانات لم تعد منتشرة كما السابق في شوارع الضاحية، على ما اعتاد خط بيروت – الشام.

لعل الحدود بين لبنان وسوريا ليست سوى حدودا مصطنعة والشعبان يشتركان في الكثير من الاشياء مع بعضها البعض. لذا كان الدفاع عن المقامات همّا للشيعة للاسباب الآنفة الذكر، وللاسباب الدينية ايضا. ولسبب ثالث هو دخول الشيعة اليوم في المحور نفسه الذي ينخرط فيه النظام السوري الحالي، وايران مهنتها الدين بينهما.

هكذا تتّضح لنا الثلاثية القائمة بين سوريا التجارة، وايران العقيدة، وحزب الله الشهادة.

السابق
بندقية للايجار: من هو شاكر البرجاوي؟
التالي
أردوغان يفقد مصداقيته والشاهد السيد تويتر