جعجع: مستعد لحوار جدي مع حزب الله

أبدى رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع في حديث الى «الأخبار» استعداده للحوار الجدي مع حزب الله. موقف مشروط بعدم تضييع الوقت، هو الأول له بعدما بدا مرشحاً للرئاسة في ذكرى ١٤ اذار لمعركة يصفها بأنها «ام المعارك» بالنسبة الى قوى ١٤ آذار
في كلام رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع ثابتتان: رئاسة الجمهورية، «أم المعارك» بالنسبة الى فريق 14 آذار، والحكومة الحالية ببيانها الوزاري الذي يشبه بيان سابقتها الميقاتية. يطلق الحكيم سهامه على البيان وعلى الحكومة التي لن تمنحها القوات الثقة. لكن جعجع الذي أطلق شرارة المعركة الرئاسية في ذكرى 14 آذار، وبدا مرشحاً أول، يصوغ في حوار مع «الأخبار» موقفاً متقدماً من حزب الله الذي «لا خلاف شخصياً او طائفياً» معه، بل خلافات في وجهات النظر السياسية، مبدياً استعداده لـ «الحوار الجدّي»، و«هم يعرفون ماذا أقول». لهجة جديدة، لكنها مشروطة بالحوار الجدي وليس تضييع الوقت.
نبدأ مع جعجع بتطورات معركة يبرود وانعكاسها على لبنان، فيقول: «أول انعكاس قد يكون إقفال المنطقة الذي كانت تأتي منها السيارات المفخخة الى لبنان. لكن من جهة اخرى، فان ما حصل من مظاهر ابتهاج في لبنان ليس في محله، ومشاركة حزب الله في هذه الاحتفالات وفي معركة يبرود سترفع نسبة الذين يريدون استهدافه. وأتمنى من الدولة اتخاذ كافة الاجراءات اللازمة من اجل درء الاخطار المترتبة على ذلك».
وعن احتمال تدفق مسلحي المعارضة السورية الى لبنان وتأثير ذلك على منطقة البقاع، يجيب جعجع: «لا اعتقد ان ذلك سيحصل. فالجيش اللبناني موجود في تلك المنطقة، ولا اعتقد بأن المسلحين سيأتون بالعشرات الى لبنان. كما ان السلطات المحلية في عرسال رفضت ذلك لأنها تدرك معنى مجيء المسلحين اليها».
لا يربط رئيس حزب القوات تزامن تدهور الوضع في طرابلس مع ما يجري على الحدود البقاعية الشمالية، ويقول: «سبب ما يحصل في طرابلس هو غياب القرار السياسي، لأن الاحداث في سوريا لا تنعكس على الاردن وتركيا. المطلوب ان تنفّذ الحكومة سياسة واضحة في طرابلس، وألا تكون كما قوة اليونيفيل، اذ ليس معقولاً ان يبقى لبنان تحت رحمة مسلح من هنا ومسلح من هناك. يجب ازالة كل الالغام من المدينة وتجريد جبل محسن وكل طرابلس من السلاح. وعلى الحكومة ان تتحمل مسؤوليتها في ضبط الوضع فيها».
والى الحكومة التي لجعجع موقف واضح منها. فما هي ملاحظاته عليها بعد البيان الوزاري؟ يجيب: «عملياً سياسة الحكومة في بيانها الوزاري تشبه سياسة الحكومة التي سبقتها.
اولاً، في ما يتعلق بفقرة المقاومة، يبدو ان الحكومة قررت تخصيص الوضعية الاستراتيجية، اذ تركت مجالاً لكل مجموعة ان تتسلّح بحجة المقاومة، فما الذي يمنع مجموعة من المواطنين في جبيل او طرابلس او حاصبيا ان تتسلح لمقاومة الاحتلال، وما الذي ستفعله الحكومة حينها؟ هذه معادلة فضفاضة غريبة عجيبة، لا تحافظ على السلاح الموجود الآن فحسب، انما تضيف اليه سلاحاً جديداً تحت حجة المقاومة.
ثانياً، أنا اتأسف كثيرا لأن اعلان بعبدا لم يذكر بوضوح. فما ورد بالنسبة الى احترام القرارات الدولية ومقررات طاولة الحوار الوطني هي عبارات عامة لا تعني شيئاً عملياً. لو لم يكن الاعلان مهماً لما كان قوبل بالرفض، ولذا كان يجب ان يذكر حرفيا مع كافة مندرجاته.
وهنا أنا اختصر الموقف بأن البيان حافظ على المقاومة ولم يدرج اعلان بعبدا.
ثالثاً، بالنسبة الى الوضع الاقتصادي: طالما ان سياسة الحكومة مثل سابقتها فسيبقى الوضع على حاله. الوضع الاقتصادي ليس معطلا لاسباب تقنية فقط، بل لعدم وجود ثقة بالبلد واستقراره، وطالما ان سياسة الحكومة استمرار للحكومة السابقة فلن يتغير شيء. وكذلك الامر بالنسبة الى السياحة، فالسياحة لم تكن عاطلة بسبب الوزير فادي عبود (وهو من غير تيارنا السياسي)، وهي لن تتحسن الآن لأن الوزير ميشال فرعون مع محبتي واحترامي له تولاها. الوضع السياسي والامني على الارض هو الذي جعل الخليجيين الذين يلعبون دوراً مهماً في السياحة، ومن ثم الاوروبيين، يمتنعون عن المجيء الى لبنان. واستمرار عدم الاستقرار سيبقي هؤلاء بعيدين عن لبنان. وما دام وضع حزب الله على ما هو عليه فلا أعتقد ان الخليجيين والاوروبيين قد يعيدون النظر بموقفهم.
كذلك لديّ ملاحظتان: الأولى ان الغائب الاكبر عن البيان الوزاري هو المحكمة الدولية مع ان اسمها مرتبط بلبنان، والثانية هي انني فرحت كثيراً عندما قرأت تعهد الحكومة متابعة قضية الامام موسى الصدر، لكنني حزنت لأنها تجاهلت مصير اللبنانيين المخفيين قسراً في سوريا، مع العلم اننا شهدنا (امس) الكشف عن اعدام اربعة معتقلين لم يكن نظام (الرئيس السوري بشار) الاسد الكاذب قد اعلن عنهم».
لن تعطي القوات اللبنانية، اذاً، الحكومة الثقة؟ يقول جعجع: «القوات اللبنانية لن تقاطع الجلسة بل ستشارك وستناقش البيان، لكننا لن نعطي الثقة».
وعن امكان تأثير عدم منح الثقة لحكومة تضم حلفاء القوات من المستقبل الى الكتائب؟ يجيب: «الحكومة لا تضم هؤلاء فقط. نحن لن نعطي الثقة للحكومة ككل. علاقتنا السياسية كحلفاء مستمرة ونتواصل دوماً. ولكن المستقبل والكتائب حددوا موقفهم وقرروا المشاركة في الحكومة لاسباب باتت معروفة».
بالانتقال الى الانتخابات الرئاسية، نسأل جعجع عن خطابه في احتفال البيال، وعن خطابه الذي بدأ وكأنه يعلن انطلاق مسار ترشيحه، فيجيب: «وضعت خريطة طريق موضوعية حول نقطتين، وهي ضرورة خوض 14 آذار غمار الانتخابات الرئاسية بكل جدية، والا كيف ستحقق اهدافها. هذه فرصة لا تحين الا كل ست سنوات، واذا لم نعرف كيف نخوضها ستضيع علينا. ثانياً، انا حددت المقومات والمقاييس الموضوعية للمرشحين، لان المعايير موضوعية وعلمية، وانا منفتح على النقاش حول هذه المعايير».
هل بدأتم وضع خطة عملية من اجل الانتخابات؟ يجيب: «بدأنا منذ اربعة اشهر حركتنا واتصالاتنا. فمعركة رئاسة الجمهورية هي ام المعارك بالنسبة الينا. وبخلاف ما يقول البعض بأن رئيس الجمهورية لا صلاحيات لديه، نحن نعتقد ان لديه الصلاحيات، وهو رمز الدولة وكلامه مسموع، والدول تتعامل معه على هذا الاساس. ولو لم يكن كذلك، لما كانت قامت القيامة على رئيس الجمهورية حين قال كلمتين لم تعجبا البعض. رئاسة الجمهورية يجب ان تكون ام المعارك بالنسبة الى قوى 14 آذار».
لقد وضعت خريطة طريق للترشح، ولكن ما هو الحد الذي يجمع بينك اذا اصبحت مرشح 14 آذار للرئاسة وبين حزب الله والعلاقة بينكما متوترة؟ يجيب: «لا توتر مع الحزب، والخلافات معه ليست شخصية او طائفية، بل هي خلافات في وجهات النظر، لانني اعتبر أن ما يقوم به يؤدي الى الهلاك. الخلاف في وجهات النظر موجود بين كافة الاحزاب».
ولكن انت قاطعت طاولة الحوار لأن الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية لم يؤد الى نتيجة مع حزب الله يجيب: «طبعاً لانهم لم يعترفوا باعلان بعبدا ما يعني ان الحوار كان مضيعة للوقت. انا اول شخص مستعد للكلام مع الحزب اذا كان الحوار جدياً. انا اعرف ماذا اقول وهم يعرفون ماذا اقصد، ولكن الكلام الجدي وليس لتضييع الوقت».
الا تخشى اذاً من الفراغ ومن ان يكون انجاز الحكومة وبيانها الوزاري في الشكل الذي حصلا فيها، تحوطا للفراغ، يقول: «لا احكم على النوايا. ولا احد اعلن انه سيقاطع الانتخاب. نشعر ان هناك جوا كبيرا لدى الافرقاء في 8 و14 آذار بضرورة اجراء الانتخابات الرئاسية، وخصوصا مسيحيي الفريقين، ما يعني انهم سينزلون الى جلسة الانتخاب في مهلة الشهرين اللذين يسبقان موعد انتهاء الولاية».
وفق ذلك، هل تجرى اتصالات بين مسيحيي 8 و14 آذار من اجل اجراء الانتخابات؟ يجيب: «الجميع يتحدث مع الجميع في هذه الايام، ولا ينقطع اي فريق عن الاخر ولو بالواسطة، لذا تبادل الاراء موجود حاليا مع الجميع».
هل يعني ذلك انكم غير منزعجين من الحوار بين المستقبل والعماد ميشال عون، يجيب ضاحكاً: «ابداً. انا سررت جدا بهذا الحوار . هكذا على الاقل يعرف مسلمو 14 آذار قيمة مسيحيي 14 آذار. وكلما تعمق الحوار بينهما، كلما عرفوا قيمتنا اكثر».

السابق
سيارة الفاكهة كانت تحمل 170 كغ من المتفجرات
التالي
للضوء البرتقالي تأثير منشط