إلى رندة بري: هو إغتصاب يا عزيزتي!

في حفل إطلاق الحملة الوطنية لحماية القاصرات من الزواج المبكر، أوجدت نائب رئيس الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية رندة بري مبررا لئلا يعاقب القانون الزوج على الإغتصاب الزوجي: "لأنه تبين أنه لا يمكن إثبات حدوث هذا الفعل في غرفة نوم مقفلة". في غرف النوم المقفلة يا عزيزتي، تحدث الكثير من الكوارث. أمّا أنت يا سيّدة برّي أقول لك من امرأة إلى امرأة: هو اغتصاب يا عزيزتي. هو فعلاً إغتصاب!

هناك دائماً تبريرات “شرعية” للرجل الذي يريد أن يُكره زوجته على ممارسة الجنس. سيقول لها إنّ التعاليم الدينية تجبر الزوجة أن تدور حول فراش الزوجية سبع مرات لترى إن كان الرجل يرغب بممارسة الجنس. سيقول لها إنّ الرسول أوصى بذلك. سيقول إنّها زوجة سيئة. سيقول لها إنّه حقّه. كأنّ عقد الزواج هو عقد ملكية يُفقد المرأة أيّ حق بجسدها وهو حقّ لا يعترف لها المجتمع به في أيّ من الأحوال.

يستطيع أيضاً أن يضربها إن لم تكن تريد أن تنام معه لأنّها مثلاً متعبة أو مريضة أو مستاءة منه أو لأنّها بكل بساطة لا ترغب بذلك وهذا حقّها. هناك آلاف النساء، الآلاف وليس المئات، الآلاف وليس الملايين اللواتي يمارسن الجنس مع أزواجهنّ من دون أيّ متعة بل كـ”واجب” فحسب. كثيرات لا يجرؤن أن يرفضن ولا يعرفن حتّى ما هي اللّذة ولا إن كانت حقّاً لهن. لكن يبقى هذا موضوع آخر وإن كان في مكان ما إغتصاب من نوع آخر مرتبط بتركيبة المرأة النفسية.

الموضوع هنا هو إجبار الزوجة أن تنام مع زوجها رغم أنّها لا تريد ذلك. في حالات عدّة، يأتي الرجل مخموراً أو ربما يأتي في منتصف الليل بعد سهرة مع الأصدقاء ويطلب من زوجته أن تخلع ثيابها ليأخذها: “هذا حقي”. نساء كثيرات يحلمن بالطلاق ولا يجدن إلى ذلك سبيلاً. يحاولن أن يجدن تسوية جسدية كأن يتوقف الجنس مع الزوج الذي ما عادت الزوجة تحبّه ولكن تجد نفسها مجبرة أن تذعن. هذا إغتصاب أيضاً. لا زالت إحدى الصديقات تتذكر كيف كانت تبكي بينما زوجها يمارس الجنس معها وهي لا تستطيع أن تمنعه. كانت تقول إنّها “اشبه بعاهرة” في هذا الزواج.

ولنسأل هنا سؤالاً واضحا: لماذا يريد الرجل أن ينام مع امرأة لا ترغب به سواءً كانت زوجته أو لا؟ هل لأنّه يريد أن يثبت أنّه لا يمكن رفضه؟ وهل عقد نقصه أو مشاكله المتراكمة تحلّل له هذا الفعل وتبرّره؟ هل غضبه عذر يكفي؟ لنسأل أيضاً إن كان هذا المجتمع يعرف ما هو الإغتصاب – الزوجي أو غيره، وإن كان يعرف معنى أن تحمل امرأة على جسدها تبعات اعتداءات الآخر من دون أن ينصفها أحد ومع التلازم بشعور بالذنب؟ لنسأل إن كان يدين الضحية أو الجلّاد؟

في حفل إطلاق الحملة الوطنية لحماية القاصرات من الزواج المبكر، أوجدت نائب رئيس الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية رندة بري مبررا لئلا يعاقب القانون الزوج على الإغتصاب الزوجي. قالت إنّها ترى في هذا “حقّاً لأنه تبين أنه لا يمكن إثبات حدوث هذا الفعل في غرفة نوم مقفلة”.

في غرف النوم المقفلة يا عزيزتي، تحدث الكثير من الكوارث ويكفي أن نشجّع النساء ليكسرن حاجز الخوف ويتكلّمن. حقوق المرأة يا عزيزتي ليست “ضيافة شوكولا” أو “منبرا” نحاضر منه. هي معاناة فعلية على أرض الواقع. هي معاناة تستحق أن تُفتح لأجلها غرف النوم المقفلة. فالجرائم يا عزيزتي أكثرها يحدث في العتمة والأقبية المغلقة.

 ليس هناك أمر أرقى أو أجمل من أن تقدّم امرأة نفسها لرجل بملء إرادتها وبوعيها الكامل، بشرعية أو بغير شرعية لا يهم. ما يهمّ فعلاً ألّا تفقد ذلك الرضى عن الذات. ليس هناك أمر أرقى وأفضل من أن تحتفظ المرأة بجسدها لنفسها وتمنعه عن الجميع إن شاءت ذلك أيضاً، بشرعية أو بغير شرعية أيضاً لا يهم. ما يهمّ أن تكون سعيدة. ليس هناك أمر أرقى أو أجمل من امرأة مدركة أنّها ليست ملكاً لأحد وأنّ جسدها لها وبالتالي هي المسؤولة عنه ويمكنها أن تفعل به ما تشاء. أمّا أنت يا سيّدة برّي التي لا أدري بأيّ سلطة أصدرتِ “فتواكِ”، أقول لك من امرأة إلى امرأة: هو اغتصاب يا عزيزتي. هو فعلاً إغتصاب!

السابق
أبناء الحريري يبدّدون 6.5 مليارات دولار من ميراثهم
التالي
النقاب والخمار: أهما من الثقافة الاسلامية؟