أوكرانيا والخوف على سوريا

صقيع التحفظ والهدوء الحذر الذي احاط بتعامل النظام الإيراني على جميع مستوياته واتجاهاته من الأزمة الأوكرانية  ، يبدو مفاجئا وحتى غريبا وغير عادي . اي حدث في العالم كان يثير عواصف التأييد او الإدانة . دائماً كان ” الشيطان الأكبر” في وسط دوائر الاتهامات والتهديدات ، ودائما كانت خطابات الدعم والتأييد قوية ومؤثرة لخطوات وقرارات تنفيذية لاحقة .
المرشد أية الله علي خامنئي ومكتبه التزما الصمت . الدكتور علي ولايتي مستشار المرشد للشؤون الخارجية علق وكأنه في موقع الحياد التام : ” على طرفي النزاع(دون اي تحديد لهوية الطرفين) التحاور من خلال معالجة الخلافات على إرساء الأمن والسلام في المنطقة “.
اما الرئيس حسن روحاني الذي حضر افتتاح اعمال “مجلس الخبراء”( الذي ينتخب المرشد)  تكلم في كل شيء دون اي  إشارة  بكلمة الى الأزمة الأوكرانية . الشيخ هاشمي رفسنجاني اكتفى خلال لقائه بأعضاء “المنتدى العالمي للأديان” بتوجيه التحية الى ” الجهود التي   تبذل لإنهاء النزاعات واحتواء الأزمات لإرساء السلام العالمي” .
جواد ظريف وزير الخارجية ” الروحاني” توجه الى اليابان وكان شيئا لا يدور في أوروبا ولا يعني روسيا حليفة بلاده ، والتي فرضت على وزير خارجية اسبانيا قطع زيارته لإيران والعودة الى مدريد ، اكتفى بإبداء ” الأمل بألا يتم التصعيد في أوكرانيا والمنطقة التي تعتبر حساسة، وإيجاد حل يتفق عليه ويؤدي الى الهدؤ ” .
الملاحظ ان الوزير البارع لم يشر أبدا الى الأطراف التي يجب ان تجد الحل ، فقد ترك طاولة المفاوضات مفتوح.  آما الغريب جداً وحتى العجيب ان قادة “الحرس” الذين هددوا واشنطن قبل 24 ساعة من الأزمة الأوكرانية بقهرها لاذوا بالصمت ولم يصدر من اي جنرال اي تصريح .
يبقى الاعلام وتحديدا الصحافة المكتوبة . أيضاً طغى الاعتدال والحذر على كل التعليقات ، وكإن تعميما قد صدر بعدم الخوض في تفاصيل ما يحدث في أوكرانيا .صحيفة “الوفاق” الرسمية ، اكتفت في تعليقها بعد مضي 48 ساعة بالقول: “تقتضي الظروف من الجانبين، العودة الى المنطق العمل على التهدئة وإعطاء الفرصة للدبلوماسية لتأخذ دورها في حل الأزمة وفقا لمصالح أوكرانيا وتركيبتها السكانية وليس على حساب مكون غيره” .  لكن مالم يكشف عنه المسؤولين تولت صحف محافظة التطرق اليه ولو مداورة . العقدة في كل ذلك هي سوريا .
صحيفة “سياست روز” كتبت: “لا شك ان الضغط الغربي الأميركي على روسيا في أوكرانيا والقرم وتقديم الدعم الى العصابات الإرهابية في سوريا والعراق ولبنان وحتى تحريض العصابات الإرهابية ضد المصالح الإيرانية يأتي في إطار الانتقام من روسيا بسبب وقوفها مع سوريا والهزائم التي تلحق بأ لعصابات الإرهابية المدعومة من الغرب على يد القوات السورية وحزب الله والقوات العراقية” . ايران التي استوعبت المعادلة لا تريد اثارة الغرب حتى لا ينتقم منها وهو القادر على الانتقام من روسيا .
صحيفة “خبر” كتبت : “كما هو الحال في سوريا فان اوكرانيا تحولت الى ساحة نزال بين روسيا وأميركا . .. الا ان اوكرانيا تشكل فخا  وضعته أمريك لروسيا…. روسيا لا يمكن ان تجازف في احتلال شبه جزيرة القرم لان ذلك سيضعها امام تحديات دولية كبيرة . الغرب وعلى رأسه أمريكا الذين يتحينون الفرص لتحقيق بعض المكاسب في سوريا ، ينتظرون أدنى تحرك من موسكو، على الجبهة الأوكرانية لتشكل ذريعة للتدخل العسكري المباشر في سوريا”.
سوريا وإيران في قلب الإعصار ، ولا شيء يعادل سوريا بالنسبة للمرشد . روسيا قادرة على قلع الشوك الأوكراني بيديها ، ولذلك كما يبدو لا داعي لإثارة عاصفة جديدة في وجه “النسر”الأميركي ، لانه عندئذ سيختار الطرية الأقرب اليه ، وعندها لا يعود امام ايران الفرصة للاختيار فهي اذا تدخلت لدعم سوريا مباشرة خسرت الحرب وكل ما راهنت عليه حتى الان وإذا بلعت الموس أهلكها  نزيف الصمت وخسرت الحرب في سوريا نهائيا .

 

السابق
الدفاع المدني: عمليات اخماد حرائق واسعاف
التالي
لمى سلام استقبلت سيدات المقاصد