مساعي التهدئة تسابق تداعيات حملة حـزب الله على الرئيس

الرئيس ميشال سليمان والنائب محمد رعد

اذا كانت الحملة غير المسبوقة لحزب الله ومن يناصره سياسيا على رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان التي استتبعت بحملة اعلامية من باب تحصيل الحاصل الذي لم يفاجئ احدا تسببت باحتقان سياسي بلغ ذروته اليوم، فان الايام الثلاثة الفاصلة عن الموعد الجديد المضروب لاجتماع لجنة صياغة البيان الوزاري قد تفسح المجال امام اعادة تبريد الاجواء واستئناف خطوط المواصلات بين المقار التي تضطلع عادة بمهمة سحب فتيل التفجير بعدما انقطع الوصال على خلفية الحملة المتصاعدة على الرئيس سليمان.

ومع ان القوى الاساسية الاخرى في 8 آذار نأت بنفسها عن الحملة التي حشد لها حزب الله اعلاميا من دون ادنى اعتبار لمقام الرئاسة وما يمثل على مستوى الدولة والوطن، اعتبرت مصادر سياسية مطلعة ان الحملة لا يمكن حصرها في اطار فردي ومحلي او عزلها عن التحولات الاقليمية والدولية، لا سيما المتصل منها بأزمة سوريا عموما واوكرانيا خصوصا وما خلفتهما من تداعيات اصابت في الصميم العلاقات المباشرة بين الولايات المتحدة الاميركية وروسيا. واوضحت ان سياسة رفع السقف التي يمارسها حزب الله اخيرا لا تعني بالضرورة ان جميع الحلفاء سيتبنون هذا المسار الا ان، لا يمكن في الوقت نفسه القفز فوق الوقائع السياسية المتعاقبة، منذ تكليف الرئيس تمام سلام تأليف الحكومة وشكلت في مجموعها ملامح توزيع ادوار في حملة هادفة اطلقت عبرها رسائل سياسية في اكثر من اتجاه وتبدلت وفق رياح المصالح الاقليمية وصولا الى جلسات لجنة صياغة البيان الوزاري التي شهدت بدورها مدا وجزرا فرملا الاندفاع السريع نحو اقرار البيان الوزاري الذي كان على قاب قوسين او ادنى من اقراره. وسألت هل ان الحملة على رئيس الجمهورية يراد لها فرض وقائع سياسية جديدة على الساحة المحلية وفتح معركة سياسية ام التشويش على المؤتمرات الدولية المتعاقبة الهادفة الى تقديم الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري للبنان، بعدما لم تخف بعض القوى السياسية امتعاضها من الهبة السعودية لمساعدة الجيش اللبناني والتي ستسلك طريقها الى التنفيذ في مؤتمر مجموعة الدعم الدولي للبنان غدا؟ وقالت ان محاولات حزب الله فرض شروط على اركان الحكم ومؤسسات الدولة، يعكس رغبة في الافادة من معطيات اقليمية يعتقد انها توفر له هامشا اكبر في اطلاق يده في لبنان والتحكم باللعبة السياسية والامنية وفق ما يرتأي متجاوزا الحدود الدستورية والاطر القانونية وهيبة الدولة.

وعلى رغم مناخ الاحتقان المعتمل الذي كاد يطيح مساء امس بجلسة البيان الوزاري لو لم يتدارك الرئيسان سليمان وتمام سلام الوضع باعتبار ان من غير اللائق عدم التئام الاجتماع، ولئن لم يقدم او يؤخر في مسار المناقشات، فان اوساطا سياسية متابعة لوقائع المشهد الداخلي اعربت عن اعتقادها بأن ما جرى لا يعدو كونه غيمة صيف عابرة معربة عن اعتقادها بأن اللجنة ستتوصل الى توافق على البيان الوزاري قبل انقضاء مهلة الشهر المحددة لها لانجاز المهمة تمهيدا لرفع البيان الى الحكومة ومثولها امام المجلس النيابي على اساسه لنيل الثقة.

وقالت لـ “المركزية” ان حركة اتصالات غير مباشرة يتولاها اصدقاء مشتركون لمختلف القوى السياسية تجري بصفة شخصية اكثر منها رسمية، قد تحرك الجمود وتكفل اعادة المياه الى مجاريها او على الاقل فتح قنوات التواصل مجددا، ولئن ليس هذا الاسبوع الا ان الامور لا يمكن ان تبقى حيث هي، بعدما وصلت المناقشات لمسودة البيان الوزاري الى آخر محطاتها، واعتبرت ان الموقف الاخير لرئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط الذي يعتبر احد عرابي الحكومة السلامية بامتياز، عكس بوضوح وقوفه الى جانب الرئيس ميشال سليمان لا سيما في ما يتصل بتأييد جميع القوى “اعلان بعبدا”.

في غضون ذلك، استوقف المراقبين التصريح الذي ادلى به وزير الشباب والرياضة العميد الركن عبد المطلب الحناوي لما تضمنه من توضيح حول موقف الرئيس سليمان، اذ اكد ان القيم الوطنية المشتركة التي وردت في كلمة الرئيس تتضمن في مفهومها الجيش والمقاومة والعيش المشترك والعدالة وحرية التعبير والمعتقد وغيرها من القيم، كون الرئيس لم يفرق يوما بين اي طرف سياسي منذ توليه قيادة الجيش وصولا الى سدة الرئاسة وكان هدفه المصلحة الوطنية الجامعة.

واعتبر المراقبون ان من شأن هذا الموقف تبريد السخونة السياسية وتعبيد الطريق امام العودة الى النقاش السياسي الهادئ والهادف.

السابق
الراي: يبرود ليست القصير ..وخسائر حزب الله كبيرة
التالي
سقوط ثلاثة صواريخ على اللبوة وأهلها يقطعون طريق عرسال