لم يكن شوشو بيروتياً ولا جنوبياً. حتى على مستوى اللهجة، الثأثأة، كان شوشو هو “البيروتي” الآتي من الضواحي، أي ليس ريفياً، وليس مدينياً، لا جنوبياً ولا بيروتياً. وهذه الشخصية في الستينات والسبعينات كانت روحية “النازح الكادح” من الأطراف إلى المدن.
وهو ليس جنوبياً بالمعنى الذي عرفناه لاحقاً من تهجير ونزوح ونضال، فجون بلدة شيعية فوق صيدا، في إقليم الخرّوب، ومنها جاء نصري شمس الدين.
بعده حاول كثيرون خلق شوش بديل مثل “أخوت شنايه” و”دويك” و”بربر آغا” و”جحا”.
أذكر أن في منزلنا العائلي، عندما كنت صغيراً كنت أستمتع بمشاهدة البرامج التلفزيونية وخصوصاً إذاعة تلفزيون لبنان الرسمي التي، وللأسف، هي المحطة التلفزيونية المُهملة منذ أكثر من عشرِ سنوات بسبب قلة المسؤولية المتوارثة لدى السلطات التي مرت على بلادنا وعدم الإكتراث بالتطوير البصري والسمعي من قبل وزارتي الإعلام والثقافة اللبنانية.
أذكر الشارب الطويل على وجهه الغريب التكوين مع جسده النحيل مُتحركاً، ضاحكاً مع صوته التهكمي، على رأسه قبعة أوو طربوش، ويلبس ثياب غير متناسقة للتعبير عن الاختلاف عن عصره والتعبير عن أفكار مباشرة شعبية، غير سريالية.. ويسخر من الجميع على مسرح الاستوديو الذي كان يُستعمل لتصوير برامج ومسرحيات يشارك في بطولتها.
ولد شوشو، أو حسن علاء الدين قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية في 26 شباط 1939 وتوفي قبل اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية في 23 كانون الثاني 1975. هو فنان مسرحي لبناني كوميدي ناقد كان من مؤسسي المسرح الوطني اللبناني وبدأ مسيرته المسرحية في فرقة شباب هواة، ووجد طريقه إلى الإذاعة والتلفزيون حين تعرف إلى الفنان محمد شامل عام 1965 وقدم العديد من المسرحيات مثل: “شوشو بك في صوفر، مريض الوهم، شوشو عريس، شوشو والقطة، الحق ع الطليان، البخيل، حبل الكذب طويل، طربوش بالقاووش، آخ يا بلدنا،…” وعمل أيضاً في العديد من المسلسلات التلفزيونية مثل “حلقات فكاهية، المشوار الطويل، يا مدير، شارع العز” وأيضاً في العديد من الأفلام السينمائية والبرامج الإذاعية.
في القرن الواحد والعشرين وحالياً تُعرض مسرحية “بيروت… الطريق الجديدة” التي تحمل معها الكثير من الذكريات البيروتية التيي نعيشها منذ زمن شوشو حتى الآن. زياد عيتاني (الممثل في مسرحية بيروت الطريق الجديدة) والقريب عائلياً من شوشو يقول: “أنا عرفت شوشو الإنسان أكثر من ما عرفته كممثل لأنني كنت أسمع خبريات عنه بين أفراد عائلتي وعرفته من خلال أعماله وهو لا شك ظاهرة تُدرس في عالم المسرح اللبناني، فهو لم يكن أكاديمياً بل استعمل الشعب وهمومه وأفراحه لعرضها على الخشبة أو في المسلسلات والأفلام”.
عام 1965، أنشأ شوشو مع نزار ميقاتي المسرح الوطني. نهض شوشو بالمسرح الوطني وكان نجمه الدائم. في المرحلة الأولىى (1965 ـ 1970)، كان نزار ميقاتي شريكه الرئيسي (كمخرج ومؤلف) وفي المرحلة الثانية (1970 ـ 1975) كانت مرحلة الذروة في تكوين فرقة وتكوين جمهور مسرحي، وتأسيس لنظام مسرحي يومي بلون شخصية فنية كبيرة. لمع شوشو في اقتباسات نصوص موليير في “البخيل” و”مريض الوهم” وفي الاختبارات العديدة لأعمال لابيش، وفي مسرحية توباز لمارسال بانيول. أما روجيه عساف فأخرج المسرحية الشهيرة “آخ يا بلدنا” عن أوبرا القروش الأربعة لبرشت المأخوذة بدورها عن أوبرا الشحاذين لجون غابي، و”خيمة كراكوز” من تأليف فارس يواكيم. فيما أعد محمد شامل مسرحية لشوشو هي مسرحية “وراء البارفان” وأخرجها محمد كريم. و قد ضمّت فرقة شوشو العديد من الممثّلين الّذين ما زال ذكرهم في الوجدان اللبناني. وقد عمل شوشو مع ماجد أفيوني وإبراهيم مرعشلي وأماليا أبي صالح وآماليا العريس وشفيق حسن ومرسيل مارينا وفريال كريم والكثير غيرهم.
أيضا نال إعجاب كثير من الجمهور المصري عن دوره في فيلم فندق السعادة مع الفنان أحمد رمزي وعبد المنعم إبراهيم وشمسس البارودي وإبراهيم مرعشلي.
أمس احتفى موقع Google بشوشو فوضع صورته مكان حرف O في الصفحة الرئيسية يوم 26 شباط 2014 لمناسبة الذكرىى الخامسة والسبعين لمولده، والجنوب لم يذكره.
