الحريري بمناقصة الحرب على الإرهاب

سعد الحريري
الحرب على "الإرهاب" ستكون بضاعة الحريري المعروضة ولن يكون بمقدور حزب الله إلا أن يشتريها. في المقابل هنالك مناقصة يعرضها حزب الله تقضي بتلزيم "القضاء على الإرهاب".

لا يمكن لكلمات سعد الحريري أن تمرّ هذا العام دون التبحّر في معانيها المنتقاة بعناية شديدة قلّ نظيرها في شبيهاتها. ولا نبالغ إذا قلنا إنّ ظاهرها فيه دعوة للخير، أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، دفع للظلم ومقارعة للشر وأهله. كلماته صيغت في إطار خطابي منمّق رغب رئيس الوزراء السابق من خلاله إحداث استجابة نفسية لدى سامعيه يحقق بها أهدافا متعدّدة معتمدا على مجموعة من المؤثّرات الأسلوبية والبلاغية والنفسية.

هو بدأها بعبارة: “لقد انتصرت إرادتكم، أنتم الذين زحفتم الى بيروت، مطالبين بتحقيق العدالة، وإنهاء نظام الهيمنة والوصاية، ووقف الاغتيال السياسي في لبنان والوطن العربي”.

الإعلان الذي نحن بصدده هو لقائد من رجالات استقلال 2005 يذيعه على جماهير ثورة الأرز. وهو ليس لسيد المقاومة يتلوه على الجموع المحتشدة في ملعب الراية. بلاغة طربت لها الآذان وخذلت الكثيرين ممن ظنوا أنها  ستدفع الحريري إلى تقديم تبريرات حول العلاقة المفترضة له مع حزب الله. فما كان إلا أن امتشق المنبر، ملأت صورته الشاشة، وأعلن دفن العلاقة المستحيلة معهم. هم، كما قال، ليسوا إلا حماة قتلة معروفين متهمين وبالدليل القاطع باغتيال وقتل ومحاولة قتل شخصيات لبنانية وطنية. فئة منهم لا يستهان بها فاسدة متهمة باختلاس أموال وإتجار بمحرمات. قالها بصريح العبارة: لقد جئت أنهي العلاقة مع الغدر والفوضى مع الظلم والفساد. وأحسبه أراد القول لهم إنّ “آثامكم قد لا تموت بموتكم لكنني لن أسمح لعمل الرجال الشرفاء الصالح أن يدفن مع عظامهم”. إنها بإيجاز مقدمة تنصيب الذات واستعادة الثقة المفقودة.

الحريري أكمل فأعطى للعدالة زمانها، ألزم نفسه وتياره بها، قالها وبالفم الملأن متوجهاً إلى الرفاق قبل الأصدقاء: “إن تيارا لا يكون على شاكلة رفيق الحريري وأخلاقه وأحلامه وتطلعاته  لن يكون”، وهو لأجل ذلك لم ولن يطالب بالثأر إنما بالحق ينشده من محكمة العدل. ولو أراد عكس ذلك،  لشحذ العقول واستثار القلوب وأغضب الناس فثارت. لكن عندها يكون قد أساء الى الشهداء وهم كما يدرك الجميع شرفاء ولن يقدر أحد على الإساءة الى أي منهم”.

آثر  الحريري الإساءة الى القتل وأصحابه والموت وعشاقه، فهؤلاء كما قال  يفعلون ما يأمرون، يبرعون في استغلال السلطة الممنوحة لهم،  تقودهم شهوتهم إلى تقديم الموت على شكل أضحية تقربهم إلى الحكم أو تكسبهم رضى الحاكم.

أما للشريك المسيحي (بيضة القبان) فقد أطلق الحريري سهامه جميعها باتجاه هدف واحد: رئاسة الجمهورية. وأعطاها بعداً تاريخياً وآخر زماني ومكاني أثقل به كاهل أي مسيحي تسوّل له نفسه العبث أو التفريط بهذا المركز، واصفا إياه بـ”المنصب الوحيد الذي يشغله مسيحي في العالم العربي بل والوحيد من سواحل الهند الى شواطىء المغرب”. وأعلن أنّه لن يسمح بتركه كما يريد حزب الله مرشحاً للفراغ. لقد

الدولة والشرعية، الحرب السورية، والطائفة الشيعية، عناوين أفرد الحريري لها في خطابه مساحة. الأولى هي المشروع الوحيد الذي يتبناه تياره ويسعى الى تدعيم استقرار سوريا وصون مؤسساتها وحماية مرتكزات عيشها. أما الثانية فانخراطها بالحرب السورية “بات يشكل الخطر الأكبر على الاستقرار الوطني وعلى أسس الحياة المشتركة بين الطوائف الاسلامية، ومشاركة آلاف المقاتلين من الجنوب والضاحية والبقاع وجبيل في المعارك الى جانب النظام السوري تشكل خطرا على السلامة العامة للبنانيين”.

الحرب على “الإرهاب” ستكون بضاعة الحريري المعروضة ولن يكون بمقدور حزب الله إلا أن يشتريها. في المقابل هنالك مناقصة يعرضها حزب الله تقضي بتلزيم “القضاء على الإرهاب”.

فضّ العروض في هذه الحالة ليس ملزما طالما أنّ الفوز آتٍ من الخارج والداخل  بالتزكية.

السابق
تأجيل امتحانات كلية ادارة الاعمال في الجامعة اللبنانية بطرابلس
التالي
المشنوق لم ينسق مع صفا قبل معاينته الانفجار