لماذا لا يعتذر تمّام سلام؟

الرئيس المكلف تمام سلام
لقد قارب تكليف النائب تمّام سلام بتشكيل الحكومة العام الكامل.. ولا جديد تحت الشمس. حتّى أنّ سلام لم يعد يطلّ على اللّبنانيين ليقول لهم إنّه مستاء مثلهم بسبب هذا الوضع ولم يعد يطمئنهم أنّه لن يستسلم ولن يفقد الأمل.

وتيرة زيارته إلى القصر الجمهوري تتراوح بين المؤشرات السلبية والإيجابية بينما اللّبنانيّون يترقّبون بين التفائل والتشاؤم وعدم الاكتراث.
“عالوعد يا كمّون”، إن لم تتألّف اليوم فغداً وإن لم تتألّف غداً فالأسبوع المقبل والمهلة الأخيرة هي يوم الأربعاء… لا، يوم الجمعة… المهلة الأخيرة مُدّدت هي الأخرى إلى أجل غير مسمّى. أسماء وحقائب وانتظار. لسنا في صدد توصيف طبق شهيّ سيتمّ تحضيره في وقت قريب بل نتحدث عن حكومة من المفترض أن تكون ضرورة قصوى لإدارة شؤون البلاد.
ردود الفعل الشعبية لا تنمّ إلّا عن الإحباط أو عن الأمل بأن توافقا بين الأطراف السياسية سيساهم في الحدّ من وتيرة تدهور الوضع الأمني وتحريك عجلة الإقتصاد. ولكن ماذا يجري وراء الكواليس؟ ماذا يفعل هؤلاء السياسيين؟ إنّهم يتقاسمون الحلوى. إنّهم يتهافتون على الثروة المقبلة: النفط والغاز. وإن كان الصراع القائم منذ الآن على إدارة نفط غير مُكتشف بعد – أي ما زال في عداد غير الموجود – ماذا سيفعل هؤلاء السياسيون إن صار النفط حيّاً؟ هل سينزلون بعديدهم وعتادهم الخاصّة ليغرفوا ويكيّلوا البترول ويتاجرون به بشكل فرديّ؟ هل سيقبلون أن تتّسخ أيديهم بالنفط أم أنّهم سيرسلون رجالهم بالبراميل؟ الحكومة اللّبنانيّة معلّقة وكل طرف يشدّها إليه ونحن لا نعرف كيف تجري الأمور ولا كيف – بقدرة قادر – سنصحو يوماً ما على تسوية ما. هل لنا أن نفرح حينها؟
الحكومة رهن حسابات سياسية غير نفطية أيضا. وإشارات و”غمز من تحت الطاولة” ومسؤولون يتقنون لغة الألغاز والإشارة وتمرير الرسائل عبر الصحف والخطابات “المبطّنة”. ونحن، ماذا نفعل نحن؟ سوى أن نحلّ هذه الرموز ونتكهّن؟ كيف أصبحنا جميعاً محلّلين سياسيين؟ كيف أصبحت مصالحنا سلعة إلى هذا الحدّ؟
لقد قارب تكليف النائب تمّام سلام لتشكيل الحكومة العام الكامل ولا جديد تحت الشمس. الرئيس سلام حاول أن يفرض شروطاً جديدة منها المداورة ليثبت ربّما أنّه أتى ببصمة خاصّة أو ربّما ليكون هناك غطاء للعرقلة الّتي لا حول له أمامها ولا قوّة. هذه المداورة تكاد تنتهي بمهزلة أو تسوية تقتضي أن يبقى جنرال الرابية بطريقة غير مباشرة على رأس “الطاقة”. المداورة الّتي عطّلت لأشهر، وقبلها عراقيل أخرى، لم تأت بجديد وإن أتت ستأتي بحيلة ليس أكثر.
الرئيس المكلّف لم يتعب ولن يتوقّف عن المحاولة ولن يرضى أن ترسم له شاشة طاولة الوزراء المرتقبة شعار “Game Over”. ورغم تقديرنا للمثابرة، لا يمكن سوى القول إنّنا فعلاً سئمنا: فلماذا لا يعتذر تمّام سلام؟

السابق
ديك الجن الحمصي
التالي
الإرهاب العراقي بين الفكّين السعودي الإيراني (2)