منطقة البركسات: فلسطينيون ولبنانيون والهمّ يجمعهم

البركسات
تعيش أكثر من 700 عائلة في منطقة البركسات الملاصقة لمخيم عين الحلوة في صيدا. وتعتبر ارضا تابعة للمستشفى الحكومي وتتبع لبلدية المية ومية عقاريا. نحو 70 % من ساكنيها من العائلات الفلسطينية.

كانت منطقة البركسات ارضا عليها اسطبلات خيل استخدمتها قوات الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية ثم الانتداب الفرنسي. وبعد زلزال عام 1956 الذي ضرب منطقة صيدا، سكنها لبنانيون من منطقة رجال الاربعين في صيدا، ولكن بعد حوادث 1969 بدأ الفلسطينيون السكن فيها وحصل تغير ديموغرافي وخصوصاً بعد عام 1982 اذ ازداد عدد السكان الفلسطينيين فيها وصاروا يشكلون الاكثرية الساحقة من ساكنيها وقد بنوا فيها مساكن بطوابق تعدت الثلاثة وابنية غير شرعية.

يقول أمين سر اللجنة الشعبية في البركسات محمد سلطان في حديث لـ”جنوبية”: “اكثر من 700 عائلة تسكن حي البركسات منها نحو 70 % عائلات فلسطينية. ورغم انها ملاصقة لمخيم عين الحلوة، إلا أنها لا تستفيد من خدمات وكالة الاونروا في المجالات كافة، اذ تعتبرها خارج مساحة الارض القانونية لمخيم عين الحلوة”.

ويضيف سلطان: “كذلك تنظر السلطة اللبنانية إلى منطقة البركسات وكأنها جزء من المخيم بسبب موقعها الجغرافي، ويمكن ملاحظة أن الحواجز العسكرية اللبنانية التي تحيط بها، تجعل منها أرضاً ملحقة بالمخيم”.

ما يسترعي الانتباه في منطقة البركسات هي عملية البناء المستمر عامودياً، لكن سلطان يوضح الأمر: “هناك صعوبة في عملية البناء ولا تغشك المظاهر، فمن يريد الترميم او زيادة غرف منزله او البناء فوق منزله، عليه أن يقدم طلباً إلى اللجنة الشعبية في مخيم عين الحلوة، ثم يحظى الطلب بموافقة لجنة المتابعة، وتقدم لاحقاً إلى الأجهزة الأمنية المختصة ويأتي الرد في مدة زمنية تمتد من 5 أيام وحتى شهر، وهذا يحصل بدون أي مسوغ قانوني. والأجهزة الأمنية المعنية هي مخابرات الجيش اللبناني، وهي الجهة التي تسمح بإدخال مواد البناء إلى المنطقة”.

بحسب أهل المنطقة يتم البناء بغياب أي قانون للتنظيم المدني مما غير من معالم المنطقة وأوجد مشكلة جديدة تتعلق بالخدمات والبنى التحتية، اذ أن الجميع يتنصل من المسؤولية، الدولة تقول إن الأونروا مسؤولة لأن السكان فلسطينيون، والأونروا تقول إن الأرض ليست جزءاً من أرض المخيم، وبالتالي فإن الدولة هي المسؤولة.

حاولت جمعية “الاسعاف الاولي” الفرنسية المساعدة في البنى التحتية لكن الجمعية لم تستطع إكمال العمل، فكانت مثلاً تبلط غرفة وتترك الباقي ما أوجد مشكلة جديدة. أما المؤسسات الدولية الأخرى فإن نشاطها محصور في المخيم ولا يتعدى أرضه القانونية.

ويشكل الكفاح المسلح الفلسطيني المرجعية الامنية في منطقة البركسات، ويبدو أن الانسجام واضح بين الكفاح المسلح واللجنة الشعبية للمنطقة، ويمارس الكفاح المسلح مهامه من ضبط الأمن وحل المشاكل واعتقال المطلوبين في منطقة البركسات.

ويشير سلطان إلى وجود متعاطين للمخدرات “لكنهم الآن أقل بكثير من قبل، يقوم الكفاح المسلح باعتقال الموزعين والمتعاطين وتسليمهم إلى السلطات اللبنانية الرسمية، التي تعود وتفرج عنهم بعد فترة وجيزة، وأحياناً ان الاشخاص الذين يعتقلون المتعاطين تتم ملاحقتهم بتهمة نقل اسلحة غير مرخصة واطلاق نار وهذا ما حصل مع احد الاشخاص ويدعى أحمد الذي اعتقل وحكم عليه عام 2005. ثم اعتقل مرة اخرى بالتهمة نفسها وقد اوقف بعد ذلك لدى الأمن العام، وكل مشكلته أنه شارك في اعتقال متعاطي المخدرات وسلموا الى السلطة اللبنانية آنذاك”.

يمارس معظم أهالي المنطقة أعمال “مياومة”، خصوصاً في قطاع البناء “ونسبة التعليم متدنية لا تزيد عن 10% حسب رأي سلطان”. أما عن ملكيات المنازل فيشرح سلطان ان “لا ملكيات فعلية للمنازل، ويجري التنازل عن البيت من ساكن إلى آخر بموجب ورقة تنازل عند اللجنة الشعبية”، ويصف العلاقة بين اللبنانيين والفلسطينيين في المنطقة بأنها علاقة ممتازة “لأن الهمّ يجمعنا”.

السابق
أيّها الشيعة: هكذا نقضي على التكفيريين
التالي
بزي: الميثاقية شرط وممر الزامي وآمن لكي نصل جميعا الى بر الامان والخلاص