المأزق..

سوريا

وصل “اللاعبون”، في “الملعب” السوري، بعد سنوات ثلاث، من الثورة و”الحروب”، الى مأزِق، تعددت أسبابه والنتيجة واحدة. قِمة هذا المأزق، أن الانتصار ممنوع والهزيمة غير واردة لأي “لاعب”. النتيجة الاولى لذلك، ضرورة التفاهم والعمل بالتكافل والتضامن، لصوغ حل مُرضٍ للجميع. الخاسر الوحيد والكبير هو الشعب السوري الذي أضاع 37 سنة من التنمية، واصبح بحاجة الى اكثر من مئة مليار لإعادة البناء. اما الخسارة الكبرى فهي في عدم امكانية تعويض الخسائر البشرية سواء الذين قتلوا او تشوهوا جسدياً او نفسياً..
اللاعبان الكبيران واشنطن وموسكو، استثمرا “الحروب” في سوريا، لكن مؤخراً اخذت تسحب من رصيدهما. باراك اوباما، وهو “اخبث” رئيس عرفته الولايات المتحدة الاميركية ترك الجميع يقاتلون بعضهم بعضاً. هم يخسرون بالمال والرجال، وهو يكسب من خسائرهم. الآن إطالة الحرب اصبحت تعني تضخم التطرف والارهاب وتمددهما خارج سوريا. السؤال الملح للجميع وليس لواشنطن: ما العمل بالآلاف من مقاتلي “القاعدة”؟ الذين يتضاعفون في كل يوم حرب جديدة. كيفية العثور على حل ينهي الحرب ويقيم نظاماً جديداً، وإبعاد الارهاب والارهابيين وضمان عدم اختراقهم لدوائر النار هو الشغل الشاغل للادارة الاوبامية”.
موسكو، استثمرت الكثير في سوريا. حتى الآن بدا ذلك كثير الربح. “القيصر” بوتين قال: “من كان يقول ان هذا “الصبي” اي الاسد، سيؤمن لي مجيء كل القيادات الدولية الى موسكو لسؤالي عن الحل”. الآن بدأ العد التنازلي. لا يمكن الاستمرار في حرب بلا نهاية. يجب العثور على حل يؤمن “للقيصر” مردوداً يوازي ما استثمره سياسياً وعسكرياً. موسكو قلقة من نمو التطرف والارهاب في سوريا، وتحولها الى “مختبر” ميداني أهم من افغانستان (بسبب موقعها الجيو- ستراتيجي) للارهاب خصوصا القادمين من الشيشان. لا شك ان الهمّ الكبير “للقيصر” حالياً، هو انتهاء الاولمبياد الذي كلفه 37 مليار دولار سالماً خصوصاً وان الخوف من الارهاب “يتزلج” في سوتشي.
إيران، هي “اللاعب” الأبرز بلا منازع. المرشد آية الله علي خامنئي وضع كل ثقله، ومعه أموال ايران وخبراتها الميدانية لانقاذ الرئيس بشار الاسد. سقوط الأسد بأي صيغة من الصيغ، يشكل ضربة مباشرة للمرشد في وقت فاصل وحساس في قلبِ السلطة وأيضاً الجنرال قاسم سليماني القائد الميداني الحقيقي للحرب. “الفيلق الشيعي” الذي شكله يضم عشرات الآلاف من العراقيين و”حزب الله” و”الحوثيين” اليمنيين، وباكستانيين وغيرهم. استمرار الحرب في سوريا يشكل لايران عملية استنزاف مبرمجة في وقت خزينتها اصبحت فارغة. غضب الصفوف الطويلة للايرانيين طلباً “للاعاشة” من الرز والبيض والسكر والشاي وشعورهم بالاهانة، في وقت تصرف المليارات في سوريا، يرفع من منسوب الغضب الشعبي والقلق الرسمي.
مأزق القيادة الايرانية خصوصاً المرشد والجنرال؟ (قال جواد ظريف بوضوح ان لا علاقة له بالملف السوري) ان الاستنزاف المالي وحتى البشري مستمران بقوة ودون افق لنهايتهما، وان الانسحاب الفوري من سوريا مستحيل. لا أحد يسلّم “سلاحه” أثناء المفاوضات.
يبقى “حزب الله” المأزوم الكبير. انخرط “حزب الله” بكل قواه، في “الحروب” السورية، مهما كابر فإن خسائره البشرية من المقاتلين هي استنزاف مستمر. خسائره السياسية والمعنوية اكبر بكثير. تحول من مقاومة الى “سلاح” في حرب مذهبية، تهدد الجميع سواء اراد او رفض. لبنان تحول من ارض “نصرة” الى ارض “جهاد”. المطلب الكبير “لحاضنته الشعبية” اليوم، “الأمان”. الارهابيون وخطرهم اصبحوا جزءاً من يوميات الضاحية والبقاع اما الجنوب اي القطاع 1701، فليس مضموناً استمرار تحييده. اما المأزق الحقيقي للحزب، انه ليس بإمكانه الانسحاب بقرار ذاتي، لأنه يبقى جزءاً من ملفات التفاوض. وهذا كله ينسحب على لبنان وفي النهاية على حاضنته الشعبية أي الشيعة.

السابق
هاجس التفجيرات ينتقل الى صيدا: سيارة مسروقة وبطاريات قرب مسجد
التالي
حريق في زفتا