في مواجهة الإرهاب

انفجار حارة حريك
إن العنف والقوة العسكرية وحدهما لا يمكن أن يعالج مسألة الإرهاب ، ولا بد من اعطاء الدول وإعطاء الشعوب حقوقها ، واحترام سيادتها واستقلاها وحريتها ، وإقامة علاقات صادقة ونزيهة قائمة على أساس احترام السيادة والاستقلال والمنافع المشتركة ، وعند ذلك فقط ينتهي الإرهاب وتنصرف الشعوب لبناء أوطانها وتحقيق الحياة الكريمة اللائقة بالإنسان" .

يقول الباحث والكاتب الساسي العراقي حامد الحمداني ردا على الحملات الأميركيّة الغربيّة في معرض بحثه عن أسباب الإرهاب الذي ضرب أميركا واستشرى في العراق وفلسطين وأفغانستان وغيرها من البلدان:

“هل يتوقع المرء أن تستكين الشعوب المضطهدة ونحن في القرن الحادي والعشرين ، وتقابل قوات العدوان بالتصفقيق ونثر الزهور ؟؟؟

إلا تتشكل هذه المواقف أللا إنسانية ، وغير العادلة ، دافعاً قوياً لممارسة وبيئة صالحة للإرهاب ؟

كيف يمكننا مجابهة الإرهاب من دون أن نعالج أسبابه من جذوره ؟

إن العنف والقوة العسكرية وحدهما لا يمكن أن يعالج مسألة الإرهاب ، ولا بد من إعطاء الشعوب حقوقها ، واحترام سيادتها واستقلاها وحريتها ، وإقامة علاقات صادقة ونزيهة قائمة على أساس احترام السيادة والاستقلال والمنافع المشتركة ، وعند ذلك فقط ينتهي الإرهاب وتنصرف الشعوب لبناء أوطانها وتحقيق الحياة الكريمة اللائقة بالإنسان” .

هذا هو الموقف النموذجي الذي طالما تبناه الكثير من النخب الفكريّة في بلادنا في دفاعهم عن تهمة الإرهاب التي حاول الغرب إلصاقها بشعوبنا العربيه والإسلاميّة دون البحث في أسبابه، فمن وجهة نظر تلك النخب ان الارهاب عمل بربري ومدان، إلا انه عنف تولّد ردا على عنف سياسي وعسكري اسرائيلي وأميركي وغربي قهرت فيه الشعوب التي احتلت وصودرت إراداتها إن كان في فلسطين أم في العراق أم في أفغانستان وغيرها.

واليوم فإن ما ترتكبه “داعش” و”النصرة” وبعض الفصائل الإسلاميّة المتشدّده من أعمال إرهابيّة وحشيّة في سوريا ،لا يمكن أن يندرج إلا ضمن هذا السياق، فعنف وتسلّط النظام أوجد أرضيّة صالحة وحاضنة لهؤلاء الإرهابيين، بمعنى أنه صوّر لهم “قضيّة عادلة” تستأهل التضحيّة بالنفس عن طريق تفخيخ سيارة وقيادتها من قبل مجاهد انتحاري معبّأ بالحقد الدنيوي، وبالعقيدة الدينيّة الصارمة التي تضمن له الجنّة بعد نيله “الشهادة” وتقديم نفسه “قربانا فداء للمسلمين” على حدّ زعمهم.

وللمفارقه، فإن الرئيس السوري بشار الأسد نفسه كان قد بارك العمليات الانتحاريّة التي قام بها “المجاهدون” ردا على احتلال العراق عام 2003 والتي ذهب ضحيتها عشرات الالاف من المدنيين، مبررا أن “هؤلاء المقاومين الأبطال لا يملكون قنابل ذكيّة ولا صواريخ موجّهة فهم يوجهون أجسادهم نحو العدو ويفجرونها به”.

وبعد ان انتقل الإرهاب السوري الى لبنان عن طريق الهجمات الانتحارية المجنّدة من قبل منظمتي “داعش” و”النصرة” الإرهابيتين بواسطة السيارات المفخّخة التي تنفجر في الضاحية الجنوبيّة “الشيعيّة”، فان السبب يبدو واضحا وجليا، اذ لا يمكن فصل هذا الأفعال الارهابية التي تستهدف المدنيين لمجرّد انتمائهم الطائفي عم يحدث في سوريا وبالتالي، فان انخراط قسم من اللبنانيين في القتال داخل سوريا، ونعني حزب الله الشيعي دفاعا عن نظام بشار الأسد، مقابل جماعات سلفيّة جهاديّة سنيّة لبنانية تقاتل ضد النظام هو السبب الأساسي الذي جرّ وجذب الإرهاب القادم من وراء الحدود.

قبل مدة وقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله متحدّيا قائلا: من يريد أن يقاتلنا فليذهب الى سوريا وليقاتلنا هناك”، وكأنما نار فتن الطوائف يمكن أن يتحكّم بها أحد، واليوم يكتشف سيّد المقاومه وبعد انتقال تلك الحرب الى معقله في الضاحية الجنوبية لبيروت ان أحداً لا يمكن أن يتحكم في ساحة المعركة في مواسم حروب الفتن الطائفية والمذهبية.

السابق
الغراميات الرئاسية الفرنسية: من سرّ زائف إلى حقيقة مجلْجلة
التالي
سفينة نوح غير موجودة والبابليون صمموا سفينة مثلها قبل 3700 عام