ما دام حزب الله لا يلتزم ما يوافق عليه لماذا الخلاف إذا

قال قطب مستقل إن قوى 14 آذار التي ظلت تعتبر نفسها “أم الصبي” منذ عام 2005، وتتحمل استفزازات وسوء تصرفات قوى 8 آذار وتحديداً “حزب الله”، هل يعقل أن تتخلى عن أمومتها ولم يبق من العمر سوى ثلاثة أشهر وبعدها قد يبزغ فجر أمل جديد بفعل التحولات والمتغيرات في المنطقة؟ فمن شرب بحر شروط 8 آذار وسياسة الاستفزاز مدّة 8 سنوات عليه ألا يغص بساقية الأشهر الثلاثة الباقية، ومن تنازل عن الكثير وضحى بالكثير حرصاً على وحدة لبنان وسلمه الأهلي، لا يتوقف عن ذلك لأشهر معدودة ليبدأ الإعداد لعهد جديد ينبغي أن يكون فيه اللبنانيون جميعاً على اختلاف اتجاهاتهم ومشاربهم ومذاهبهم “أم الصبي” لا أن يكونوا كما هم اليوم، منهم مع أم الصبي ومنهم من لا يهمهم إن بقي حياً أو مات.

لقد قبلت قوى 14 آذار بشروط قوى 8 آذار حرصاً منها على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي، فلم يكن رئيس الجمهورية منها لئلا يكون الفراغ الرئاسي، وقبلت بتشكيل حكومات وحدة وطنية، وإن كاذبة، مع احتفاظ قوى 8 آذار بالثلث المعطل لتحول دون اتخاذ أي قرار غير مقبول منها، إذا ما أقر عطلت تنفيذه بقوة الشارع كما حصل في 7 أيار لأنها ترفض تشكيل أي حكومة لا تكون ممثلة فيها باسم “الشراكة الوطنية” التي لا حبّ فيها ولا محبة إنما يفرض القوي فيها رأيه على من يعتبره ضعيفاً، وإن تكن نفطة ضعفه هي محبة لبنان وحبها له فقط. وعندما لم تتوصل قوى 14 آذار إلى اتفاق مع قوى 8 آذار على قانون جديد تأجلت الانتخابات النيابية، وصار التمديد لمجلس نواب منبثق من قانون الستين الذي أصبح مرفوضاً بعدما كان الحصول عليه في مؤتمر الدوحة اشعاراً مبيناً واستعادة لحقوق المسيحيين… وعندما صدرت قرارات بالاجماع في لقاءات الحوار لم يساعد “حزب الله” على تنفيذ اي منها لأن سوريا لا تريد ذلك. وعندما حصل خلاف في إحدى جلسات الحوار على موضوع المقاومة عند صوغ البيان الختامي قال النائب محمد رعد رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” وممثل “حزب الله” في الجلسة بوضوح وصراحة: “اكتبوا ما شئتم ونحن نفعل ما نشاء”… وقد فعل الحزب ذلك أكثر من مرّة فاستأثر باتخاذ قرار الحرب ضد اسرائيل في تموز 2006 ولم يسأل لا عن شركائه في الوطن ولا حتى عن الدولة ولا عن الدستور الذي يخضع قرار الحرب والسلم لموافقة ثلثي اعضاء الحكومة في مجلس الوزراء. وعندما تشكلت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة سعد الحريري تنفيذاً لاتفاق الدوحة، خالف “حزب الله” مع حلفائه في 8 آذار هذا الاتفاق باستقالتهم منها لتخلفها حكومة الفريق الواحد برئاسة نجيب ميقاتي وقد عرفت بحكومة “حزب الله”، ومع ذلك فإن الحزب خالف سياسة النأي بالنفس التي اعتمدتها في بيانها الوزاري باطلاق “طائرة أيوب” فوق اسرائيل من دون أن يحسب حساباً لردة فعلها في ما لو حصلت ولكان اللبنانيون تحملوا العواقب. ولم يكتفِ الحزب بارتكاب هذه المخالفة، إنما كررها على نحو أخطر بارساله مقاتلين إلى سوريا لدعم جيش النظام في حربه ضد خصومه، وإذا بسياسة النأي بالنفس التي أعلن الرئيس الأسد شخصياً استهجانه لها وسخر بها تزجّ لبنان في حرب سورية لا ناقة له فيها ولا جمل. وعندما فشلت محاولات إشعال فتنة مذهبية فيه، انتقلت إليه يد الارهاب لتضرب في أمكنة حساسة علّها تنجح في اشعال هذه الفتنة، وإذا لم تنجح فإنها تكون قد أدخلت “العرقنة” إلى لبنان بعد إحداث فراغ حكومي وفراغ رئاسي ثم فراغ مجلسي.
لذلك على قوى 14 آذار التي استمرت في تقديم التنازلات لقوى 8 آذار منذ عام 2005 إلى اليوم، ألا تتوقف عن ذلك ولم يبق من عمر سوء التصرف والممارسة أكثر مما مضى، لتحول دون تمكين هذه القوى من إحداث فراغ حكومي يمهد لإحداث فراغ رئاسي باصرارها على حكومة جامعة، حتى إذا ما تعذر تشكيلها يعود البحث في حكومة حيادية تهدد قوى 8 آذار بأنها لن تقف منها على الحياد.
وما دام “حزب الله” لا يلتزم قرارات هيئة الحوار ولا البيانات الوزارية، فلماذا الاصرار على تضمين البيان الوزاري للحكومة العتيدة ما لا يلتزم به الحزب مثل “اعلان بعبدا” سوى تبرير قوى 14 آذار لمشاركتها مع “حزب الله” في حكومة واحدة أمام جمهورها الذي بلغ به الغضب حداً لا يطاق من كثرة التنازلات، وعليها أن تفهم هذا الجمهور أن من شرب البحر عليه الا يغص بالساقية.

السابق
هل يلتقط لبنان اللحظة الدولية لتشكيل حكومة
التالي
صمت فرنجيّة عند التغيير إحفظ موقعك