المحكمة الدولية بين اللبنانيين.. إنقسام مبدئيّ

المحكمة الدولية
بعد تسع سنوات من الانتظار، هل فضحت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في لاهاي معلومات غير تلك المتداولة بين الناس؟ هل صحيح انها تكشفت المستور وأظهرت اسماء مفاجئة وغير متوقعة؟ وهل سيتزعزع الامن في لبنان وينفجر صراع داخلي بين مؤيدي المحكمة ورافضيها؟

إنطلقت محاكمات الادعاء في قضية إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وسط حالة من الذهول عند قسم من اللبنانيين بعد المعلومات والوقائع التي يتم عرضها بالتفاصيل الدقيقة. في حين لم يتوقف عدد كبير من المواطنين عند أهمية ما تم نشره، منهم لانه لم يفهم ما يقال، ومنهم رافض ان يسمع او يفهم ما يقال.

تقوم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بعرض كل ما توصل اليه فريق المحققين على مدى 9 سنوات. ومن المنتظر ان يصار الى إطلاق الاحكام غيابيا في حق المتهمين الخمسة، وهم: مصطفى بدر الدين، أسد حسن صبرا، سليم عياش، حسين عنيسي وحسن مرعي، الذين يعتقد أنهم أعضاء ينتمون الى “حزب الله”، الذي لطالما نفى أي دور له في اغتيال الحريري، مطالبا بمحاسبة من يسميهم “القتلة الحقيقيين”. وقد كرر الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله رفضه الاحكام التي تصدر عن المحكمة معتبرا انها اتهامات “باطلة”، مشيرا الى ان تشكيل المحكمة من البداية “لاستهداف حزب الله بشكل مباشر”، مشددا على انه “لن نسمح لها بإضعافنا والنيل من إرادتنا وكرامتنا”.

لذلك فمن غير المفاجىء عدم اقدام الأجهزة الإعلامية التابعة لـ “حزب الله” من مؤسسات مرئية واذاعية والكترونية عدم نقل وقائع انطلاقة جلسات المحاكمة.

في الحقيقة يقف اللبناني بين ما يقوله الادعاء ومحامي المتضررين من الانفجار عام 2005، وبين ما سيقوله محامي الدفاع اليوم. بالنسبة لأم عبد الحلبي، كل الذي تسمعه عبر وسائل الاعلام،  كلام غير مفهوم، وأشارت الى أنها تتابع ما يقوله القضاة في لاهاي، ولكنها لم تفهم من كلامهم  سوى “الالوان”، ومع ذلك فهي تصرّ على متابعة مجريات المحاكمات “من أجل الشهيد”، راجية ان “نصل الى العدالة المرجوة وتكشف الحقيقة”.

بينما علي رحال يتابع ما يقال، وهو متأكد ان المحكمة “لم تقدم شيئا، والصيغة القانونية لاطلاق الاحكام ليست واضحة وما مفهوم شي من شي”. في حين محمد فياض يؤكد ان”النتيجة ستكون مدوية وصادمة”، مشيرا الى ان المحكمة “ستنطق بالاحكام بناء لتقارير وشهود ومعلومات توفرت لديها خلال التحقيقات المطولة”. معتبرا ان ما جاء حتى الان من أدلة على المتهمين “يثير العديد من علامات الاستفهام”، متأملا ان “ينتهي عمل المحكمة دون أي معارك داخلية”.

من جهتها، قالت محاسن حوري: “لا أفهم كيف يمكن لمحامي الدفاع ان يقوموا بمهمتهم بالدفاع عن متهمين غير موجودين أصلا، ولم يلتق بهم ولا مرة واحدة لحصول على معلومات وقرائن يستخدمها في دفاعه”، وتضيف: “لا أهتم بمن قتل ومن نفذ، وكل ما نراه الآن تمثيلية قضائية ليس إلاّ”.

يعول المواطنون والمسؤولون، لا سيما التابعين لقوى 14 آذار، على نتائج المحاكمات وفق ما يسمونه “إنطلاق زمن العدالة”. ولكن في الحقيقة مهما كانت النتيجة فالمتهمون لا يُعرف مكانهم، ولا يمكن الوصول اليهم. هذا الكلام أكده السيد نصر الله عشرات المرات.

ربما تنتهي المحاكمات بشيء جديد ومعلومات لم تظهرها الجلسات التمهيدية، وربما سيكشف للمرة الاولى عن وثائق إضافية، لم تتوفر في التسريبات الاعلامية، ولكن حتى الآن لم تحمل أكثر مما حملت ولن تقدم أكثر مما قدمت.. إلى ان يثبت العكس. والأكيد أنّ من يصدّق المحكمة سيصدّقها وإن كذبت، ومن يكذّبها سيكذّبها وإن صدقت.

السابق
قوى 8 آذار: رفع مجموعات لأعلام النصرة يسرع برفع الغطاء السياسي عنها
التالي
مساعدة النازحين: آن الأوان لمساعدة مستقبليهم