ليبرمان ومناكفة عرب الـ48

أريد أنا ايضا ككثيرين آخرين نجاح مبادرة كيري، وأنظر أنا ايضا ككثيرين آخرين في اشمئزاز ممزوج بالرحمة الى فتيان وفتيات ملصقات الليكود الذين يحاولون تعويق رئيس الوزراء ومنعه من كل خطوة تفضي الى اتفاق. وأنتظر أنا ايضا ككثيرين آخرين زعيما متزنا من اليمين يأتي ويحث بنيامين نتنياهو على عمل العمل الصحيح. وأنا أعلم وأشعر بأن كثيرين يعتقدون بأنه يظهر ويبزغ من الظلام زعيم حقيقي كلمته كلمة ألا وهو وزير الخارجية افيغدور ليبرمان.
من الواضح أن ليبرمان الذي حضر اجتماع السفراء في يوم الاحد كان ليبرمان مختلفا ليبرمان بعد هجوم محاولات اقناع وتملق ووعود شتى بالغاء الحظر الامريكي الطويل عليه. وهكذا أصبح الذي قال إنه سيمكن الحديث عن تسوية بعد مئة سنة فقط، والذي أدار كتفا باردة لنتنياهو في المدة الاخيرة، أصبح يقول فجأة إنه لا بديل عن اقتراحات كيري وإن الخيارات التي في الأفق اسوأ.
لا أسهل من قول إن صورة ليبرمان كلها باعتباره انسانا يُصدق فعله كلامه شيء متوهم. ولا أسهل من الثناء على تغييره لمواقفه بحسب ضروروات الوقت. لكن هذا لا يقنعني. فما زلت اؤمن بأن الكلمة عند ليبرمان هي كلمة. حتى لو طال الوقت. قبل سنوات حينما سُئلت بعد حديث سياسي معه كيف كان انطباعي، قلت إن ليبرمان مستعد لاستجابة أكثر مطالب الفلسطينيين بشرط أن يأخذوا معهم الطيبة وأم الفحم.
سينهض الآن مُتحدون جدد يُجلون شجاعة ليبرمان وحقيقة أنه تجرأ على السير بعكس التيار العكر الذي يسيطر على اليمين، ويضائلون في الوقت نفسه كلامه عن الحاجة الى ‘تبادل اراض وسكان’ وهو شرطه لكل تسوية. إن تفاصيل التسوية أقل اثارة لاهتمامي. لقد أصبح ممثلا بارزا للعنصرية الاسرائيلية وللشعور بالسيادة والاستكبار بقدر لا يقل عن ذلك.
إن مواطني اسرائيل العرب جزء من المجتمع الاسرائيلي. وهم أكثر اسرائيلية من المهاجرين غير اليهود الذين جاءوا للاندماج في وطن لم يتخيلوه قط. إن طلال محاجنة، صديقي من أم الفحم، هو جزء من نسيج حياتنا، وقد ضربت عائلته جذورها في المدينة قبل مئات السنين وهو اسرائيلي خالص وإن لم يشعر هو واصدقاؤه بهالة القداسة حينما ننشد نشيدنا الوطني اليهودي جدا.
إن محاولات ليبرمان مناكفة عرب اسرائيل عبر عنها ضغطه لفرض تجنيد العرب للجيش الاسرائيلي في ظروف جغرافية سياسية غير ممكنة، ولرفع نسبة الحسم كي لا يكون لهم تمثيل في الكنيست، ولتمييزهم تمييزا سيئا لأنهم ليسوا ‘مُسرحي جيش’. كان مؤسسو الدولة متنبهين لاشكالية انشاء دولة يهودية ديمقراطية في منطقة فيها مسلمون ومسيحيون ودروز وشركس. ولهذا جهدوا في تثبيت قيمة تساوي الحقوق لكل سكان اسرائيل. وهو تساوٍ متوهم معلق على كابح. إن تحدي ليبرمان قد يبلبل كثيرين فهو يؤيد من جهة مبادرة كيري وأصبح هدفا لمجلس ‘يشع′ وأنصاره في الكنيست، وهو من جهة اخرى يؤمن من أعماق قلبه بسياسة الترحيل حتى دون أن يسأل المرشحين له رأيهم.
ليس ليبرمان أُترجة عادية بل هو أُترجة فاسدة. قد يكون كيري حينما يرى شركاءه متمسكا للأسف بالنهضة الايديولوجية لليبرمان ربما لأنه لا يعلم أن ‘الكلمة هي الكلمة’ عند ليبرمان وأنه حينما يتحدث عن ترحيل فهو يقصد ذلك ولا يقصد التسوية.

السابق
الحكومة التركية تقيل رؤساء مديريات الشرطة في 16 محافظة
التالي
اتفاق شعبي على عودة الشرطة الى الفلوجة