أساطير ضاحياوية.. حقائق لا تقبل الجدل!

اساطير
مع كل حدث أمني أو سياسي يتفاجأ قاطن ضاحية بيروت الجنوبية بكمّ من الشائعات والأخبار تضخ في الشارع وتلهج بها السنة الناس مداورة، لا تلبث بعدها أن تركز احداها على أفواههم لتصبح الأسطوره المنتخبة التي لا يمكن ان يتقبلها عقل انسان، لكن تسمعها وترددها عقول مخدّرة تعوّدت على التلقي من مرجعيات مقدّسة تعفيها من التفكير الحر والإستنتاج المنطقي.

بالأمس مثلا، وبعد ثلاثة أيام من عمليّة التفجير الآثمة في بيروت، التي نالت من حياة الوزير “المستقبلي”  السابق محمد شطح، وبعد سيل من شائعات وحكايات تحدثت عن تورّط فلسطيني وعن “فتح الإسلام” وغيرها، استقرّت  “الرواية الأسطورة” على ألسنة الجميع واستراحت العقول من التفكير، انه “بندر” الشرير، الأمير بندر بن سلطان، السعودي السلفي الذي يموّل داعش وجبهة النصرة في سوريا والذي يقتل حلفائه السابقين “عملاء أميركا” والمغدور محمد شطح منهم، للإنتقام من موقف واشنطن المستجد من الأزمة السوريّة ومن التقارب مع ايران على حساب مصالح عرب الخليج والسعودية تحديدا.

غير أن التركيز على السعوديّة ورئيس مخابراتها بدأ منذ مدّة وبلغ الذروة مع الإنفجار الانتحاري المزدوج الذي استهدف السفارة الإيرانيّة. هذا ولا تنتشر الأساطير مرافقة لعمليات الإغتيال فقط، بل تتركّز في أوقات السلم أيضا على شخصيات وطنيّة كبيره بل وحتى على شهداء من أجل النيل من سمعتهم وهتكها حتى بعد وفاتهم.

فالأسطورة تقول إنّ الشهيد رفيق الحريري سرق لبنان ولم يعمّره وان ثروته كوّنها بالحرام في السعوديّة، وغيرها من الإفتراءات. كل هذا يقال ويشاع كي تنال أسطورة الكذب من سمعة رفيق الحريري بعد وفاته وهو الذي خلّف وراءه “الخونه والعملاء”  في 14 آذار. وبالتالي فإنّه، وبعيون جمهور مناصري المقاومة، يستأهل المصير الأسود الذي ناله ويناله مناصروه بعده من قتل وتفجير وترهيب.

تشويه سمعة شهداء 14 أذار هو دأب إعلام الممانعه اليومي. فكي لا تبقى مساحات شاغرة عصيّة على التضليل، فإن الجانب المالي يحظى بنصيب أيضا، أسطورة أخرى تناقلتها الألسن: “رفيق الحريري ضحيّة خلاف بينه وبين المافيا العالميّة التي تورّطت بفضيحة بنك المدينة”.

أما خيانة قادة 14 آذار لبعضهم البعض فقد بثّت أساطير عدّة منها وبعد اغتيال قائد شعبة المعلومات الشهيد وسام الحسن فقد اتّهم بالمشاركة في قتل الرئيس الحريري. فالأسطورة في الضاحية تقول إنّ الصحافي سمير قصير قتله الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، و أن الشهيد جبران تويني قتله قائد القوات اللبنانيه سمير جعجع لأنه الوحيد الذي كان يعلم وقت وصوله الى مطار بيروت فاستهدف وقتل صباح اليوم التالي، وكذلك الوزير بيار الجميّل قتله سمير جعجع أيضا.

أما أسطورة الخيانة الكبرى فتتمثّلت بعد إغتيال الوزير محمد شطح  اذ تداول العديد من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو بعنوان (العثور على قاتل شطح) يظهر فيه النائب أحمد فتفت خلال مقابلة مع احدى المحطات التلفزيونية وهو يقول: “أمس لحظة الانفجار كنا في اجتماع من اجل طرابلس. وقفت محاولاً الاتصال بالغائبين فتوجه اليّ الرئيس السنيورة بالقول: شوف لي محمد شطح”. وكان هذا برأي الناشطين مفبركي الأساطير دليل كاف لاتهام رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيوره باغتيال محمد شطح.

وأخيرا كي تصدّق هذه الأسطورة، لا بدّ لك من أن تسكن وتعيش بين أهل الضاحية الطيبين البسطاء المغسولة أدمغتهم يوميا وكل ليلة مع بداية النشرة المسائية لتلفزيون المنار.

السابق
وهج الاغتيالات.. تهديدات بالقتل لإسكات 14 آذار
التالي
نائب وزير الخارجية السورية فيصل المقداد يزور طهران اليوم