ليلة رأس السنة: مسلسل تنجيمي طويل

منجمون
السهرات الفلكية والتنجيم والابراج هم نجوم ليلة رأس السنة بلا منازع هذا العام، كما في الاعوام السابقة، إذ يجبر من لا يمتلك القدرة او الرغبة على السهر خارج المنزل على متابعة وابل من الاكاذيب والتبؤات التي لا تمت للمنطق بصلة، فيلجأ هؤلاء الى استخدام الحركات الصامتة أثناء لفظهم للكذبة عن فلان او علان بهدف تعميم الفكرة لتصبح مقبولة ويعمل بها لدى المشاهدين.

ميشال حايك، ليلى عبد اللطيف، مايك فغالي، سمير زعيتر، سمير طنب، زياد الخالدي.. وغيرهم من أبطال الشاشة، سيفترشون شاشات التلقزة في ليلة رأس السنةـ الامر الذي يحول السهرة المنزلية بين العائلة والاصدقاء الى كابوس مزعج لكل من لا يؤامن بهؤلاء او لا يهتم لاكاذيبهم وأقوالهم.كما كل عام، يبدأ السيناريو مع كلمة “أكشن” التي يطلقها المخرج في مسرح التصوير المحضر بشكل كامل من ناحية الاضاءة الخافتة وصوت الموسيقى التي تهدف الى جذب المشاهدين، وبحضور المذيع (ة) نفسه (ا).

يأتي هؤلاء المنجمون بكامل أناقتهم، وغالبا ما تكون ملابسهم داكنة اللون للايحاء بالاهمية، وتبدأ عملية الاصطناع، إذ بدأون برسم الوجوه الشاردة للفت النظر، ويقومون بإتخاذ وضعية المتبصر، القلق ضرورات “الشغل.تغيرت ليلة رأس السنة وباتت حكرا على السهرات الفلكية، فلم يعد للمسابقات والالعاب التي تجذب المشاهدين على المشاركة اي دور يذكر على القنوات بل باتت من الامور الثانوية، ولم تعد الحفلات الغنائية التي لطالما تنافست عليها تلك الشاشات لاحضار من هو أهم او أغلى أو يمتلك قاعدة شعبية كبيرة.

سهرة رأس السنة المنزلية تحولت الى سهرة من الاكاذيب والاضاليل التي يطلقها هؤلاء بوحيّ يهبط عليهم أثناء نومهم أو في الحمامات، لينذرهم بوقوع إنفجار هنا، او رئيس هناك، موت فلان او صعود نجم . ما ان تنتهي حفلة التنجيم المرتبطة بالوحي او “الحاسة السادسة” كما يقول بعضهم، حتى يبدأ دور الحظ والابراج، مع آخرين يدعون بأنهم من “علماء الفلك”، دون علم من وكالة “النازا” الاميركية التي لا تعلم بوجودهم أصلا وإلاّ كانت استعانت بخبراتهم التي لا تحصى في هذا المجال واستطاعت من خلالهم الوصول الى المريخ باستخدام ما رأوه في كوكب نبتون او بلوتو لبرج الجدي او برج القوس.
ربما تكون الازمات السياسية المتلاحقة، والمشاكل الامنية المتنقلة من منطقة الى أخرى هي السبب في تعلق الناس بخيط أقل من رفيع لطمأنتهم ومنحهم الهدوء والامل ان الغد قد يكون أفضل. ربما الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها البلاد تجبر عددا كبيرا من اللبنانيين على ملازمة منازلهم ليلة رأس السنة، فيضطروا على متابعة هؤلاء المنجمين، على إعتبار ان الافلاس الاعلامي التي تعاني منه معظم القنوات اللبنانية تجعل من الكاذبين أبطالا.

هذا المسلسل التنجيمي يتنقل على كافة المحطات، ويلعب المذيع دورا بارعا في إدارة الحديث، فيبدو المنجم وكأنه يعتصم مخه لإخراج التوقعات، فيبدو عليهم ملامح التعب من التفكير، والقلق على مصير البلاد، “لزوم الشغل”، لا سيما وانهم يدركون ما سيحصل مع المشهورين من الناس قبل حصوله.يذكر ان المنجمين يطلقون العنان لمخيلتهم وتنبؤاتهم في ليلة رأس السنة وفقل لميوله السياسية والحزبية، فالمنجمون التابعين للنظام السوري على سبيل المثال، يؤكدون أنه صامد ولن يسقط، أما معارضوه فيتوقعون له السقوط. والتوقعات أيضا ترتبط بتوجه المحطة، فمن يدعم الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يتوقع له الانتصارات والتقدم، في حين يتنبأ من يعارضه بفشل حزبه في الوصول الى مبتغاهم، وعدم تحقيق ما يرجون.

السابق
ماجد الماجد سيدفن في لبنان إذا امتنعت السلطات السعودية عن تسلمه
التالي
القوات العراقية تستعد لشن هجوم كبير على «الفلوجه»