اللواء: إلكسا سياسية تهدّد بانقطاع الكهرباء وكوارث بشرية الحُرّ

كتبت “اللواء ” تقول:  تتبارى القوى السياسية في البحث عن تبريرات لنقل البلاد من مأزق الى آخر، فبعد مأزق تأليف الحكومة، ومأزق عقد اجتماع لحكومة تصريف الاعمال، سواء تحت عنوان امني او نفطي، ومأزق الجلسات التشريعية لمجلس النواب، توقع النائب ميشال عون ان تذهب البلاد الى فراغ رئاسي، فيما اعرب الرئيس ميشال سليمان عن تفاؤله باجراء انتخابات رئاسية وانتخاب رئيس جديد للجمهورية، معتبراً ان تعيين قائد للجيش اصعب من انتخاب رئيس، مشيراً الى ان النواب “مجبرون على الذهاب الى المجلس لانتخاب رئيس”، وقال: “لا يجوز ان تصبح جميع مؤسسات الدولة سائرة نحو التعطيل”.

واذا كانت جملة المآزق السياسية معلقة على تداعيات الازمة في سوريا، والتطلع الى ما يمكن ان تسفر عنها المعارك الدائرة في منطقة القلمون السورية، فإن مشهد “الكباش السياسي” والاتهامات التي شهدها اللبنانيون بين وزيرين معنيين بفضيحة نفق مطار بيروت الدولي الذي امتلأ بمياه الامطار يوم الاربعاء الماضي، اعطت انطباعاً سيئاً عن طريقة مقاربة مصالح الناس ولو من باب تصريف الاعمال، لا سيما بعد بيان مؤسسة كهرباء لبنان التي تخوفت من ان استمرار حجب الاموال لشراء الفيول اويل، من شأنه ان يوقع البلاد في ازمة كهرباء جديدة، في تقنين قاس جداً قد يصل الى 18 ساعة يومياً، بما في ذلك العاصمة بيروت، مع العلم ان وزارة المالية وزعت بياناً لفتت فيه الى ان تحويلات الخزينة الى مؤسسة الكهرباء بلغت 2.213.88 مليار ليرة لبنانية بين شهري كانون الثاني وآب من العام الحالي.

وبالتزامن حذر وزير الشؤون الاجتماعية وائل ابو فاعور من كارثة انسانية تصيب النازحين السوريين في الخيم العشوائية المقامة في المناطق الجبلية الباردة، مشيراً الى لجنة وزارية دولية توجيهية ستقوم بتقديم المساعدات لهؤلاء من دون تحديد موعد، وان كان اعلن ان الوزارة في حال استفنار.

وازاء هذه “الالكسا” السياسية التي تهدد لبنان بالكهرباء والكوارث البشرية والمالية، اعلن الرئيس سليمان سلسلة من المواقف لجبه المخاطر واعادة الثقة ورسم صورة بعيدة عن التجاذبات والاشتباكات السياسية، كان البارز فيها اطلاق “رصاصة الرحمة” على الاتجاه الحكومي الذي تردد في الايام الاخيرة لتفعيل عمل الحكومة المستقيلة، من خلال العودة الى عقد اجتماعات لمجلس الوزراء، اذ اعلن خلال لقائه مجلس نقابة الصحافة، ان لا ضرورة لعقد جلسة لمجلس الوزراء، إلا إذا كان هناك سبب لذلك، مشيراً الى ان هناك قراراً لمجلس شوري الدولة لا يجيز للحكومة الحالية ان تقرر في ملف النفط، متسائلاً انه اذا تم تجاوز قرار مجلس الشورى، وتقدمت الشركات بمناقصة، وجاء من يطعن بالقرار، ماذا سيحصل حينها؟
اضاف: “لماذا الاستعجال، الحمد الله ان النفط تحت الارض وليس فوقه والا لكان قد ضاع”.

ورأى ان الوضع الامني في طرابلس لا يستدعي عقد جلسة للحكومة بعد ما اعطيت مهمة حفظ الامن الى الجيش، مشيراً الى ان هناك حالة واحدة وهي ان يطلب قائد الجيش او وزير الدفاع او وزير الداخلية اعلان حالة الطوارئ، وفي هذه الحالة، فإن الامر يحتاج ايضاً الى جلسة لمجلس الوزراء.

وكشف الرئيس سليمان أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لم يبحث معه موضوع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء، وأنه قرأ ذلك في الصحف، مشيراً إلى أنه قد تكون للرئيس ميقاتي أسباب منطقية، مذكّراً بما نص عليه الدستور في ما خص وضع جدول الأعمال بالاتفاق بين رئيسي الجمهورية والحكومة، مؤكداً بأن الجلسة لا يمكن أن تعقد إذا لم يحصل ت وافق على جدول الأعمال، وإذا لم يوافق الرئيس على ذلك، موضحاً أن أهمّ شيء هو المحافظة على الدستور، نافياً أن يكون قد خطر في باله في أي مرة من المرات تأليف حكومة أمر واقع، متسائلاً: هل نحن في سلطة انتداب؟

ورأى أن الفرصة لتشكيل الحكومة قبل انتخاب رئيس الجمهورية ما تزال قائمة، والمسعى يقوم على أن تنال الحكومة ثقة مجلس النواب، إذ لا يمكن أن نتركها كبئر من دون قعر، لافتاً إلى أن هناك نواباً يشغلون مناصبهم منذ 30 عاماً وهناك استحقاق، فعليهم الحضور إلى المجلس وأن ينتخبوا رئيساً، وعلى الشعب أن يحاسب من لا يأتي إلى الجلسة.

وأشار إلى أن الدستور لم يلحظ من يتسلّم صلاحيات رئيس الجمهورية إذا حصل فراغ: الحكومة المستقيلة أم الحكومة التي لم تنل الثقة، لكنه قال أنه عندما يوقّع مرسوم تشكيل الحكومة تصبح الحكومة قائمة، ويبقى السؤال: بماذا ينوبون عن الرئيس هل في تصريف الأعمال أم في كل شيء؟
وجدد التأكيد أنه خلافاً لكل ما يُحكى هناك انتخابات رئاسة ورئيس جديد، ومهما كان هناك من اجتهادات فوجود الدولة هو الأساس.

وبالنسبة إلى موقفه الأخير من الاتهامات التي سيقت ضد المملكة العربية السعودية، سأل سليمان: هل هناك من خطأ فيما أعلنته عن المملكة؟ ولماذا ذهب الرئيس نبيه بري إلى إيران؟ أليس بهدف اختبار إمكانية تقريب وجهات النظر بين إيران والسعودية؟ وهل إذا قلنا أن السفارة السعودية هي من فجّرت السفارة الإيرانية نكون نصلح بينهما، خصوصاً وأن إيران اتهمت اسرائيل؟ وهل يجوز أن أُخلفهم على أرضي من دون دليل.
أضاف: “أنا رئيس الدولة، فلماذا لم أزود بالدلائل قبل توجيه الاتهام؟ مؤكداً أن موقفه ينطلق من واجبه كرئيس للدولة.

وكان الرئيس سليمان قد غرّد أمس عبر “تويتر” قائلاً: “الوطن المحكوم بالموازين الدقيقة لا يحتمل الخيارات القصوى على مستوى الرجال والعقائد، ويتطلب الاعتدال والشجاعة والحكمة على كافة مستويات الحكم”.

لا جلسة للحكومة
هذه المواقف للرئيس سليمان، والتي وصفت من قبل مصدر نيابي في كتلة “المستقبل” بـ “الممتازة”، نسفت، بحسب تقدير المصدر، أي إمكانية لعقد الجلسة الحكومية، سواء كانت لتلزيم بلوكات النفط، أو غيرها، على الرغم من إصرار فريق 8 آذار على عقدها.
وفي تقدير مصدر وزاري أن فضيحة الصفدي – العريضي، والكهرباء كذلك، والتي تطايرت شظاياها في أكثر من اتجاه، واستدعت ردوداً، قضت على أي أمل بلم الشمل الوزاري مجدداً، بعدما تحولت مآسي ومعاناة اللبنانيين إلى مجرد مصالح خاصة، وتصفية حسابات شخصية بين الوزراء، على خلفية توقيع مخالفة من هنا وتمرير صفقة من هناك، وربط مصيرهم برفع أرصدة هؤلاء في المصارف من خلال مشاريع مشبوهة وتعديات على الدولة التي يفترض انهم مؤتمنون عليها وعلى خزينتها العامة.
وفي هذا السياق قال وزير العمل سليم جريصاتي لـ “اللواء” إن انعقاد مثل هكذا جلسة في الوقت الراهن، هي دستورية مائة في المائة، متسائلاً عن أي مواضيع أكثر إلحاحاً من المواضيع المطروحة حالياً، إن على مستوى النفط أو الوضع الأمني أو القضايا الحياتية والمعيشية للمواطنين.
ويبدو أن موقف الرئيس سليمان، حتّم إلغاء أو تأجيل اللقاء الذي كان مقرراً اليوم بين الرئيسين بري وميقاتي في عين التينة، وقال مصدر نيابي إن اللقاء مبدئياً لم يعد وارداً، خصوصاً وأن الرئيس ميقاتي ما زال في جوهانسبورغ لحضور مأتم رئيس جنوب أفريقيا السابق نيلسون مانديلا، وفور عودته قد يتم الاتفاق على موعد جديد.
وبالتزامن مع هذا التطور، سأل الوزير جريصاتي عبر “اللواء”: “كيف يمكن ان تبادر حكومة لم تنل ثقة مجلس النواب الى ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية في حال لم يتم انتخاب رئيس جديد، باعتبار انها تصرف اعمال بالنطاق الضيق جداً”
.وقال مصدر دستوري، ان لا حكومة تصريف اعمال ولا حكومة جديدة، لم تنل ثقة المجلس تستطيعان تولي مهام رئاسة الجمهورية في حال الفراغ، وان رئيس الجمهورية في ظل حكومة تصريف الاعمال يقوم بمهام تسهيل المرافق العامة من خلال توقيع مراسيم ونقل اعتمادات واعطاء سلفات.
فهل هذا يعني ان لبنان مقبل مجدداً على ظاهرة الحكومتين، مثلما كان الامر عند نهاية ولاية الرئيس امين الجميل في العام 1988؟

عون
العماد عون، في مقابلة تلفزيونية مع محطة M.T.V رأى أن الأمر مختلف لأن الوضع الأمني لا يسمح بأن يكون في لبنان حكومتان، لكنه أكد بأننا ذاهبون إلى مأزق، إلا انه اشار إلى ان كل الفرقاء لديهم مصلحة في حصول الانتخابات الرئاسية، واختصر موقفه بثلاث كلمات: لا تمديد ولا تجديد ولا فراغ. معتبراً انه ليس مرشحاً للرئاسة إلا اذا أراد من لديه الأمر ذلك، معللاً رفضه أن يكون رئيساً لإدارة الأزمة، نافياً أن يكون قد أرسل رسالة إلى رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع بأنه سيتبنى ترشيحه لرئاسة الجمهورية.
وعما إذا كان يحضر الظروف ليكون مرشح 8 آذار الوحيد للرئاسة، لفت عون إلى “انه ليس مستعجلاً لأن الاستعجال يضر”.
ولفت عون إلى ان لديه خيبة أمل من الرئيس ميقاتي، معتبراً انه لا لزوم للندم وهو بات يوضع الاستقالة، مشيراً إلى ان ممارسة الحكم ليست انتقائية بل يجب أن تكون على قواعد ثابتة. موضحاً ان في صيغة 8+8+8 سيأخذ 4 وزراء وكذلك الأمر في صيغة 9+9+6، لكنه أعرب عن اعتقاده بأن لا حكومة ستشكل قريباً.
وعن اتهام “الجيش السوري الحر” له بإرسال مقاتلين إلى سوريا، أعرب عون عن استغرابه عندما سمع الخبر، لافتاً إلى انه لو أراد القيام بذلك لفعله بالعلن” لكنه أكد ان ليس لديه ميليشيا ولا نية له بذلك، متسائلاً: “هل يخططون لعمل عدواني ضدي؟”.

السابق
الشرق: رئيس الجمهورية: النواب ملزمون بتأمين نصاب الانتخابات الرئاسية
التالي
الأخبار: لا تعويم للحكومة الميقاتية