إزدواجيات حزب الله: أجنحة وأهالي. . وانشقاق إعلامي!

حزب الله
إزدواجية الموقف بين "حزب الله" ومجموعة "المنار" الإعلامية في تونس ذكّرت كثيرين بكيف يعمد حزب الله إلى خلق "شروخ" شكلية بين أقسامه في مناسبات مختلفة، من تنظيمات لا يعترف بأبوّتها في الثمانينيات، مرورا بـ"غضب الأهالي" في جنوب اليونيفيل والأجنحة العسكرية المتكسّرة وصولا إلى الجناح السياسي والجناح الاعلامي الذي ولد ليل أمس.

تخلّى تلفزيون “المنار” عن الانتفاضة “البكماء”، واعتذرت مجموعة “المنار” من الحكومة البحرينية ، أي إلى آل خليفة، عن تغطيتها المنحازة للأحداث في المملكة. إعتذار أثار الرأي العام المتابع والمعارض للقناة، ليأتي بعدها بيان “حزب الله” الصادم لجمهوره، إذ تنصل من الاعتذار مؤكدا انه جاء نتيجة تقدير خاص من الوفد الموجود في تونس، لم تتم مراجعة قيادة حزب الله فيه.

هذه الازدواجية ليست بجديدة. فمنذ قيام “حزب الله” لطالما كان هناك فكران ومجموعة اسماء وأجنحة تابعة له، تظهر بحسب الحاجة إليها وعند الطلب.، لتعود وتختفي عند انتفاء الحاجة إليها.

في الثمانينيات، كان “حزب الله” عبارة عن مجموعات من الشباب يديرها الشيخ صبحي طفيلي، واستمرت في القيام بالاعمال الموكلة إليها الى حين استلام السيد عباس الموسوي الامانة العامة للحزب فقام بجمع تلك المجموعات تحت راية واحدة إسمها “حزب الله”، وأكمل المهمة بعد اغتياله السيد حسن نصر الله.

بعد اغتيال القائد عماد مغنية في سوريا، وأثناء تشييعه في الضاحية الجنوبية لبيروت، برزت أعلام كانت تظهر للمرة الاولى ليعرف عنها فيما بعد أنّها جناح جديد تابع لحزب الله يدعى “سرايا المقاومة”. تلك السرايا التي كانت موجودة منذ ما قبل تحرير الجنوب في العام 2000 لاستيعاب الراغبين في قتال إسرائيل من خارج الطائفة الشيعية أو الإيمان العقائدي المقفل داخل الحزب.

وتسمية “السرايا اللبنانيّة لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي” قد أعلنها السيد نصر الله في العام 1997، والهدف منها توفير حل لكل من يريد مقاومة إسرائيل مهما كان لونه الطائفي أو الفكري أو العقائدي، لكنّها خرجت بعلها وباتت موجودة في مدن لبنانية عدّة، من صيدا جنوبا الى طرابلس شمالا، في السنوات الأخيرة.

بعدها جاءت التهديدات الاوروبية والغربية لوضع “حزب الله” على لائحة الارهاب، ليصدر حينها تبرير مفاجئ وسريع مفاده أنّ “الجناح العسكري” للحزب يختلف عن الحزب نفسه، ويعمل بمعزل عن القيادة السياسية، فتغيرت المسميات وبدأ تهديد الغرب يحوم حول “الجناح العسكري” فقط بوصفه إرهابيا.

أكد “حزب الله” في بيانه الاخير انه يقف الى جانب ثورة البحرينية، مؤكدا انه باق على موقفه الداعم والمساند للشعب البحريني ضدّ ظلم السلطات الحاكمة، في حين برّر بيان اعتذار “المنار” بأنّه “نتيجة حرصها على إجراء التقييم الدوري لسياستها التحريرية لتتناسب مع المواثيق والمعاهدات الدولية والمهنية المعتمدة، وتصويب ما يخرج عن هذا الاطار”.

موقفان متناقضان يشبهان المواقف المتباينة التي تنتشر في الآونة الاخيرة في ايران بين الحرس الثوري الرافض لمواقف وسياسات الرئيس الايراني حسن روحاني، والمرشد الروحي السيد علي الخامنئي الذي يلعب دور الوسيط بين الطرفين، فتارة يدعم مواقف المحافظين وبعدها يؤيد سياسة روحاني والعكس بالعكس.

هكذا تمّت معالجة قضية الاعتذار، فبالامس كانت القناة لسان المقاومة و”حزب الله”، واليوم باتت شاردة بمفردها تصدر القرارات بناء على مصالحها الشخصية، وبمنأى عن حزبها.

الازدواجية الموجودة بين إعتذار “المنار” وبيان “حزب الله” لا يمكن أن تقنع الجمهور إلاّ قسرا. فمن غير الممكن ان يكون هناك فصل بين الحزب وإعلام مقاومته، والاكيد أنّه من غير الوارد ان يصدر اي إعتذار من دون موافقة الحزب. وبالتالي فإنّ البيان يشكل سابقة من نوعها في تاريخ “حزب الله”، فللمرة الاولى يعطي هامشا للقناة الناطقة باسمه لتتصرف على راحتها ودون الرجوع إلى قيادتها، وفق ما جاء في بيان التنصّل.

السابق
رثاء لرثاء مانديلا: ليس قدّيسا.. هو قالها
التالي
اطلاق نار في حارة صيدا