المستقبل: الأمن بالتراضي يستبيح طرابلس

كتبت “المستقبل ” تقول:  بقيت طرابلس أمس، لليوم الثاني على التوالي، جرحاً مفتوحاً تحت رحمة اعتداءات “الحزب العربي الديموقراطي” على مختلف مناطقها وأحيائها، في ردّ واضح على الخطة الأمنية وعلى دعوات المدينة وفاعلياتها لأن تمسك الدولة بزمام الأمور وتضرب بيد من حديد، ونتيجة لسياسة “الأمن بالتراضي” المتّبعة وعدم اتخاذ قرار بنزع السلاح من كل المتقاتلين، بحسب تأكيد مصدر أمني.
ورغم الاجتماع الأمني الذي عقده رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أول من أمس مع نواب المدينة وممثلين عن الأجهزة الأمنية والاتفاق خلال الاجتماع على توحيد القوى الأمنية بإمرة الجيش، استؤنفت الاعتداءات وعمليات القنص على كل المحاور منذ الصباح، وسط تبادل بيانات التهديد بين “أولياء الدم” في جبل محسن وفي التبانة. فيما أعلنت قيادة الجيش في بيان أن وحداتها “نفّذت عمليات دهم لأماكن تجمّع المسلحين ومراكز القناصة، وأوقفت ثمانية مسلّحين وضبطت كمية من “الأسلحة الحربية..”. وقد بلغت حصيلة ضحايا جولة العنف الثامنة عشرة 12 شهيداً من المدنيين الأبرياء بينهم أطفال ونساء، و49 جريحاً بينهم ضابط و11 جندياً من الجيش وعنصر من قوى الأمن الداخلي.
ومساء أعلنت الوكالة الوطنية للاعلام، أن “انفجاراً وقع في بناية الحلبي في جبل محسن، أدى الى انهيار ثلاث طبقات منها، ولم يُفد عن وقوع إصابات”. وفي وقت ادعى الحزب العربي الديمقراطي أن مقاتلين تسللوا من منطقة باب التبانة وفجّروا المبنى، رجّح مصدر أمني لـ”المستقبل” أن يكون الانفجار ناجماً عن انفجار مخزن للأسلحة عائد للحزب.

شربل
وعزا وزير الداخلية مروان شربل تجدّد هذه الاعتداءات الى ما سماه “حقداً أعمى بين الطرفين تفاقم بعد التفجيرين في طرابلس وتضاعف بعد الاعتداء على العمال العلويين”. وقال لـ”المستقبل”: “ان كلاًّ من طرفي القتال اصبح يريد إثبات نفوذه، المسألة تعدّت تبادل الرصاص والقذائف وبلغت حدّ تبادل التهديد بإقفال المدارس وغيرها”. وختم قائلاً ان حلّ المشكلة “تجاوز قدرة الأجهزة والقوى الأمنية وبات يتطلب قراراً سياسياً كبيراً يُتّخذ في اجتماع يضم كل المسؤولين عن الاقتتال يعلنونه هم بأنفسهم، “آملاً أن تكون خطوة توحيد كل القوى الأمنية بإمرة الجيش اللبناني “حلاً لهذه المعضلة”.

“المستقبل”
وبدوره اعتبر نائب طرابلس سمير الجسر أن توحيد القوى بإمرة الجيش “فرصة قد تشكّل بصيص نور كونها تقطع الطريق على كل من يرفع المسؤولية عن نفسه في مواجهة ما يحصل ويرميها على الآخرين”. وأضاف لـ”المستقبل” أن الاجتماع الأمني الذي عقد أول من أمس في طرابلس “أقرّ الاستعانة بستماية عنصر قوى أمن داخلي اضافي”، داعياً الدولة الى القيام بدورها “وتوقيف المطلوبين بدءاً من المتهمين بتفجير المسجدين وصولاً الى مطلقي النار وفارضي الخوات والمتعدين على الأملاك العامة وهم معروفون جميعاً”.
وفيما اعتبر المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي في تصريح لـ”المستقبل” أن ما يجري في طرابلس إنما يصبّ في محاولة البعض تغيير مناخ المدينة وهواها السياسي لصالح فريق 8 آذار في ظل حكومة نجيب ميقاتي، وهذا أمر مستحيل”، دعا في تصريح آخر ميقاتي الى “الاعتكاف ورفع الصوت واتخاذ القرار لوقف هذه الجريمة، وإلا فلن تقبل منك طرابلس أنت وكل المقصّرين أو المتآمرين من أمنيين وسياسييين أقل من الرحيل، لأن دماء الأبرياء لا ترحم”.

السنيورة
وأكد رئيس كتلة “المستقبل” النيابية الرئيس فؤاد السنيورة أن هناك “من يعمل من أجل إبقاء طرابلس جرحاً نازفاً”، ورأى أن هناك حاجة “لأن تعمد الدولة الى سحب السلاح من الجميع في طرابلس”، معتبراً ان “التراخي الأمني منذ تفجيري المسجدين دفع بالبعض لأن يحاول أن يأخذ زمام الأمر بيده ولأن يستعمل السلاح للقصاص ممن ليسوا هم مسؤولون عن هذا الأمر”. وقال: “هذا أمر مرفوض جملة وتفصيلاً ونعرف أنه لا يجوز لا بالقانون ولا بالشرع ولا بالانسانية، فلا تزر وازرة وزر أخرى.. وهذا يشكّل مظهراً من مظاهر تردّي دور الدولة وحضورها وهيبتها”.
وكان الرئيس السنيورة زار أمس رئيس مجلس النواب نبيه برّي الذي استبقاه الى مائدة الغداء ودار الحديث حول الأوضاع والتطورات الراهنة، في ظلّ “أجواء ايجابية” كما قالت أوساط السنيورة.
وعلمت “المستقبل” أن السنيورة سيزور اليوم البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في بكركي تلبية لدعوة على العشاء على رأس وفد من كتلة “المستقبل” لمتابعة البحث حول الاستحقاق الرئاسي والاقتراحات الممكنة للحؤول دون حصول فراغ في هذا الاستحقاق.
وكان البطريرك استقبل قبل أيام عضوي الكتلة النائبين أحمد فتفت وهادي حبيش للغاية نفسها.

فتفت
من جهته، أوضح عضو كتلة “المستقبل” النائب أحمد فتفت لـ”المستقبل” أن “وضع طرابلس سيئ جداً ومن الواضح أن هناك من يشعل المدينة بقرار ما، وهناك عدم تنفيذ للخطة الأمنية بجدية، والجدية تبتدئ بإحالة كل من علي عيد ورفعت عيد على القضاء، ومن دون ذلك لن تهدأ الأمور، والناس تشعر بالظلم ويبدو أن الوضع الراهن في المدينة سيطول جداً”.

“عين الحلوة”
وفي الوضع الأمني ايضاً، توتر الوضع بعد ظهر أمس في مخيم عين الحلوة إثر اغتيال العنصر في حركة “فتح” محمد عبد الهادي عبد الحميد الملقّب بـ”السعدي”، وإصابة العنصر في “الجبهة الشعبية” عبد اليوسف بجروح.
وهذا هو الحادث الأمني الثاني الذي يشهده المخيم في غضون يومين متتاليين بعد الاشتباك الذي وقع بين عناصر من “فتح” وآخرين من “جند الشام”. وقال أمين سرّ حركة “فتح” في المخيم العميد ماهر شبايطة لـ”المستقبل” إن الوضع في المخيم “متوتر جداً لكنه ممسوك حتى الآن”.

السابق
الديار: وضع طرابلس يتدهور والامور تخرج عن سيطرة الدولة
التالي
اللواء: ليل طرابلس مثل نهارها قرابة 70 قتيلاً وجريحاً برصاص القنص