الشرق الاوسط.. وقد بات جديدا كما أرادته أميركا

خريطة الشرق الاوسط الجديد
"الولايات المتحدة الأميركية تطلب مساعدة إيران في البحث عن أميركي مفقود..". ماذا يعني هذا الخبر؟ في أبسط التحليل أنّ حلم الشرق الاوسط الجديد، القديم، وصل الى خواتيمه بعد الاتفاق الايراني الاميركي. فتقسيم المنطقة العربية الى دويلات مذهبية، محاطة بإيران الشيعية وتركيا السنية واسرائيل اليهودية، تحول من سراب الى حقيقة. والفائز الوحيد هي اسرائيل، التي استطاعت بسياسة الفوضى البناءة ان تؤمن نفسها وحدودها وتعيش في استقرار غير مسبوق منذ اندلاع الثورات العربية.

“نحن اليهود لسنا إلا سادة العالم ومفسديه، ومحركي الفتن فيه وجلاديه”، هذا ما قاله الدكتور الصهيوني أوسكار ليفي ووعد به المنطقة. وما يجري في الآونة الاخيرة في الدول العربية لا يمكن ان يشكل إلاّ إثباتا عمليا بأن مشروع الشرق الأوسط الجديد، الذي وعدتنا به الاداره الاميركية قبل 11 عاما، دخل حيز التنفيذ خطوة بعد خطوة.

فالاتفاق الاخير مع ايران بشأن برنامجها النووي، والحرب الداخلية في سوريا، وانقسام العراق ومصر، ومفاوضات السلام بين اسرائيل وفلسطين، والمشاكل المتنقلة والانقسامات الحاصلة في الشارع اللبناني.. كلها مؤشرات تظهر الخريطة السياسية السابقة التي تحدثت عنها كونداليزا رايس، والتي تقوم على نشر الديمقراطيه والحرية في العالم العربي، وفق نظرية “الفوضى البنّاءة”.

الشرق الاوسط الجديد، او ما كان يعرف بـ”حدود الدم”، هو مشروع صاغه المستشرق البريطاني الاصل، الصهيوني الانتماء، برنارد لويس، ووافق عليه الكونغرس الاميركي بالاجماع في العام 1983، ويهدف الى تقسيم و تفتيت الدول العربية والاسلامية إلى دويلات على أساس ديني ومذهبي وطائفي.

فيما أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية في عهد الرئيس جورج بوش، كوندوليزا رايس منذ سنوات، أن اميركا ستلجأ الى نشر الفوضى الخلاقة في المنطقة. وهو مشروع بدأت ملامحه الحقيقية تظهر الى العلن، وأسدلت الستارة الأخيرة في مسرحية التقسيمات الجارية في المنطقة. فالاتفاق على الملف النووي الايراني سيكون له ارتدادات واضحة المعالم على حلفاء ايران من سوريا الى “حزب الله” و”حماس”، على الرغم من التأكيدات الايرانية بأن الاتفاق النووي لن يؤثر على الجوار ولن يغير في خارطة الحلفاء.

كذلك لنراقب ظهور ما يسمى بـ”داعش” في سوريا، و”جبهة النصرة”، وانقسام المعارضة السورية بين مسلحة وأخرى غير مسلحة، وبقاء الرئيس السوري بشار الاسد في سدة الحكم رغم الضغوط والانقسامات التي بدأت تظهر على الخارطة السورية. وصولا الى اعلان الاكراد الحكم الذاتي وبالتالي إنشاء دولة كردية جديدة في المنطقة، الامر الذي يؤرق أنقرة ويهدد استقرار الدولة التركية.

أيضا هناك تقسيم العراق وانقسامه، ما وضع 73 % من إجمالي بترول العالم تحت السيطرة الأميركية. وهناك انقسام بين “الاخوان المسلمين” والمدنيين والقوات العسكرية في مصر. وصولا الى الانقسام الفلسطيني حول مفاوضات السلام، المدعومة من الولايات المتحدة الاميركية، بين “حماس” الرافضة لاي شكل من أشكال التفاوض و”فتح” ممثلة برئيسها محمود عباس، الذي يخوض المفاوضات فاتحا ذراعيه للاسرائيلي للحصول على دولة فلسطينية نهائية للفلسطينيين.

نجحت الادارة الاميركية في عهد الرئيس الاميركي باراك اوباما، على تنفيذ ما بدأ به سلفه جورج بوش، مستخدمة الورقة الطائفية بدل السلاح لتفتيت المنطقة، معتمدة بذلك على الحكام السنّة وما يقومون به لمواجهة احتمالات المد الشيعي، من جهة، وعلى الحكام الشيعة ودفاعهم عن قوتهم ووجودهم في المنطقة.من جهة أخرى.

كل ذلك يؤكد اننا وصلنا الى نقطة اللاعودة، فالشرق الاوسط الجديد بات حقيقة، والشعوب العربية تتقاتل فيما بينها داخل الدولة الواحدة، وآخرها قيام اللبناني معين أبو الضهر بتفجير نفسه بعملية انتحارية بعشرات اللبنانيين في الضاحية الجنوبية، وقبلها الانفجارين في طرابلس والتي يتّهم بها لبنانيون من الحزب “العربي الديمقراطي”، بعد تفجيري بئر العبد والرويس في ضاحية بيروت الجنوبية، وقبلهما الصوارخ على الضاحية وبعدها تفجير السفارة الايرانية في بيروت.

وسط هذه الفوضى ثلاث دول تنعم بالامان: تركيا السنّية، اسرائيل اليهودية، وايران الشيعية. ثلاث دول غير عربية ضمن “الشرق الأوسط الجديد” ستكون كمّاشة الخناق على العالم العربي.

السابق
الطقس غائم جزئيا غدا مع استقرار في الحرارة
التالي
إتفقنا على تفعيل اللجان المشتركة بين لبنان وقطر