ابنة دباجة ترأس بلدية بميشيغين: عميلة؟ أو فخر لبنان؟

سوزان دباجة

بسرعة البرق انتشر خبر فوز اللبنانية سوزان علي دباجة برئاسة بلدية دير بورن، في ولاية ميشيغان الاميركية. كأنّها المرة الاولى التي يحقق المغتربون إنجازات للبنان. في الحقيقة هي ليست المرة الاولى، والاكيد انها لن تكون الاخيرة في ظل عدد المغتربين الذي يتزايد يوما بعد يوم هربا من الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والامنية السيئة في البلاد.

الجديد أنّه استطاعت إبنة بنت جبيل، جنوب لبنان، التي هاجرت في السبعينات مع عائلتها الى اميركا، ان ترفع إسم الوطن الذي لم يحتضنها في طفولتها ولم تمر في طرقه خلال مراهقتها، والاكيد انها ما كانت لتصل الى منصبها لو بقيت فيه. لنا هنا أن نسأل سؤالا مشروعا: هل يسمح للمرأة في بنت جبيل ان تفوز برئاسة البلدية؟ او هل من الممكن ان تترشح على المنصب أصلا؟

فوز تلك المرأة بعد معركة انتخابية طاحنة، متخطية الرئيس الحالي للمجلس توم تافلسكي، ونيلها 50.4 % من الأصوات في ديربورن، يطرح تساؤلات عديدة حول حقوق النساء في لبنان بالترشح والفوز في المجالس البلدية او النيابية، والحدود المسموح لها ان تصبح عنصرا فاعلا وبقوة في القرار السياسي والمحلي في البلاد.

ففي الجنوب من أصل أكثر من 3000 مقعد في المجالس البلدية، تشغل المرأة 93 مقعدا فقط، أي أنّ النسبة أقل من 3 في المئة. و47 % من اولئك النساء هم في قضاء جزين و22 % من قضاء صيدا، حيث البلديات المسيحية، وبالتالي ما يقارب 70 إمرأة من أصل 93 هم أعضاء في المجالس البلدية وفي معظمهن بقرى صغيرة، وعدد سكانها قليل. في حين 23 إمرأة فقط في باقي مناطق الجنوب، وبالتالي الساحل والداخل الجنوبي يخلو من المشاركة الحقيقية بالعمل البلدي.

تجدر الاشارة الى ان سوزان فازت برئاسة بلدية دير بورن، ومعها أربعة مرشحين ذوو أصول عربية، من أصل سبعة، بعضوية المجلس البلدي، وهم مايك سرعيني وروبرت أبراهم وديفيد بزي. وهي من مواليد الولايات المتحدة الأميركية، متزوجة ولها ثلاثة أولاد، هاجر أهلها من جنوب لبنان في العام 1973. أي أنّهم لم يعيشوا الحرب الأهلية. وربما هذا ما كان سيكون عليه وجه لبنان لو لم تنشب الحرب. واليوم هي تحمل شهادة الليسانس في علوم الحياة من جامعة ميشيغان، إلى جانب دراستها في كلية القانون في جامعة ديترويت. وتكمل سوزان دراستها للماجستير في علوم الحياة في جامعة واين ستايت.

فهل أصبحت عميلة أميركية؟ أم أنّ الجنوبيين فخورون بها وبغيرها ممن يرفع إسم لبنان بواسطة الانتخابات في إطار عملية ديموقراطية؟ وهل تنتقل عدوى مشاركة المرأة والفوز على الممانعين وصولها وفوزها في المجتمع الجنوبي خاصة واللبناني عامة.

في الدول المدنية، حيث الحرية الحقيقية، تأخذ المرأة حقها ويمكنها ان تصل الى أعلى المراتب، وفقا لكفاءتها وقدراتها الثقافية والفكرية، في حين لا تزال في بيئتنا الجنوبية غير قادرة على تفريغ طاقاتها بسبب الهيمنة الحزبية والزعماتية التي تفرض على الناخبين لوائح جاهزة للفوز وتمنع بذلك المرأة من الوصول الى ما تريد.

لماذا لا تفوز امرأة في بنت جبيل بعضوية بلدية؟ ان لم نقل برئاستها؟ الإجابة هي التالية: لا الكفاءة ولا القدرة ولا البرامج الانتخابية من يدرج الاسماء ويحددها في بلديات الجنوب، بل الاحزاب والهيمنة العائلية والاقطاعية هي التي تفرض على الناخبين مرشحيهم. أما المرأة فهي بدل عن ضائع، لا يسمح لها ان تترشح، وإن سمح لها فهي ممنوعة من الفوز.

السابق
زاسبكين: لحكومة لبنانية تؤمن الاستقرار
التالي
حرب: ما نشر عن اتصال جعجع بي ليس دقيقاً لكنه يشكل إشارة لعودة العلاقات