الغيوم بين أميركا وإسرائيل: هل ينتهي التحالف؟

الى اين قد يصل الخلاف الاسرائيلي الاميركي القائم حول الملفات السياسية الاقليمية والعالمية؟ خصوصا بعد التقارب الاميركي الايراني؟ وهل ينقلب التحالف إلى عداوة؟

يعاني التحالف الاستراتيجي بين الولايات المتحدة الاميركية واسرائيل من مشاكل عديدة في الفترة الاخيرة، تتمحور في العلن حول الملفين الايراني والفلسطيني، وتحت الطاولة حول الازمة الاقتصادية والمالية التي تعكر صفو العلاقة بينهما، بعد قرار البنتاغون خفض الميزانية السنوية الخاصة بإسرائيل. إلا أن هذا التحالف هو نهج ثابت لدى الإدارات الأميركية جميعها التي توالت على البيت الابيض، ويشكل جوهر سياسة أميركا في الشرق الأوسط.
يتبنّى الرئيس الاميركي باراك أوباما سياسة ديبلوماسية تفاوضية في الملف الايراني، فيما تطالب الحكومة الإسرائيلية بإجراءات حاسمة تصل إلى ضرب المنشآت النووية الإيرانية. كذلك يمارس أوباما ضغوطا سياسية على حليفه الإسرائيلي لدفعه الى استئناف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، في ظل تعنّت الحكومة الاسرائيلية ومماطلتها. ورغم هذا التباين في الرؤى لا يزال الدعم الأميركي لاسرائيل عسكرياً في ارتفاع مستمرّ.

الباحث في الشؤون الاسرائيلية حلمي موسى يؤكّد هذا الامر،. ويعتبر، في حديث لـ”جنوبية”، أنّ سبب الخلاف “يكمن في جوهره بالتقييم، ففي الملف النووي اسرائيل تعتبر ان وجود دولة أخرى في المنطقة تمتلك السلاح النووي يلغي احتكارها له، إضافة الى انه يشكل خطرا وجوديا عليها، في حين أميركا لا تستشعر هذا الخطر”.
والمعروف أنّه منذ العام 2012 والعلاقات الاميركية – الاسرائيلية تشهد أزمة تعكس حالة من عدم الثقة بين كل من اوباما ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بسبب تباين النظرة الى الملف النووي الايراني. وازدادت توترا مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الامريكية السابقة، التي فاز خلالها اوباما بولاية جديدة.

 ويشير موسى لـ”جنوبية” الى أنّ “اسرائيل تبالغ في تضخيم الخطر الايراني للوصول الى خطوات لصالحها بينما قد تكون هذه الامور خارج اهتمامات المصالح الاميركية”.
وكانت إدارة أوباما في العام 2010 قد أعلنت غضبها العارم من اسرائيل لإعلانها بناء مزيد من المنازل الاستيطانية حول القدس خلال زيارة لنائب الرئيس جو بايدن.
والسؤال الذي يطرح عن العلاقات الاميركية الاسرائيلية هو: هل هو تحالف ومصالح مشتركة بين البلدين، أم هي علاقة استغلال متبادل؟
تنتشر فكرة وحيدة لدى القارىء العربي مفادها أنّ “اللوبي الصهيوني متغلغل في مختلف مفاصل الادارة الاميركية، وأنّ السياسة الاميركية، من أصغر موظف وصولا الى الرئيس، تسهر على تنفيذ أعمال التجسس والمراقبة واستخدام حق الفيتو في مجلس الامن لحماية الدولة الصهيونية ولتنفيذ أهدافها في الشرق الاوسط”. والدليل الجاهز أنّ “الإدارات الأميركية المتعاقبة تلتزم الوقوف مع اسرائيل بوجه جميع التحديات”، لأنّ “دعمها يتعدى الاحزاب الاميركية”، وفقا لخطاب سابق لاوباما.

من جهته أكد موسى ان الازمة المالية الحاصلة في اميركا “ليست نقطة خلاف حقيقية لأنّ الخلاف استراتيجي وفي الرؤيا، وهو خلاف بين أصدقاء، ولا يمكن ان يغيّر اي شيء في علاقتهما على مدى المستقبل المنظور”.

يؤكد هذا الامر العديد من المراقبين الذين يعتبرون أن علاقة اميركا واسرائيل متينة جدا وأكبر من أن تؤثر عليها مثل هذه الأزمات البسيطة بسبب التحالف الاستراتيجي التاريخي بين الكيانين.

لكنّ آخرين يعتبرون أنّ “العلاقة بين إسرائيل غالبا ما تتكدّر في الولايات الديمقراطية، وتنفرج حين يصل الجمهوريون إلى البيت الأبيض”. والتحليل هذا يصل إلى أنّ “العلاقة ليست مقدّسة، وكلّ شيء قابل للتغيير إذا استمرّت حفلة الجنون في التحالفات المتقلّبة حاليا”.

لكن حين قال الرئيس الاميركي جيمي كارتر في سبعينيات القرن الفائت: “علاقة اميركا بإسرائيل أكثر من علاقة خاصة، بل كانت ولا تزال علاقة فريدة، وهي متأصَّلة في وجدان وأخلاق وديانة ومعتقدات الشعب الأميركي”، فإنّ هذا واضح وبائن. ولا تزال أصداء المقولة هذه مستمرة وتتوارثها الادارات المتلاحقة في أميركا.

السابق
«أمل» و«حزب الله» احتمالات اربعة لمعركة الرئاسة
التالي
رجال الأمن يتحوّلون «النخبة الفعلية»