باسم يوسف.. أو ما تبقّى من ربيع العرب

باسم يوسف
الحملة ضد باسم يوسف لا يمكن ان توضع إلا في سياق "الردّة" عن الربيع العربي وأفكاره في صيغتها الأولى، قبل التعديلات والانتكاسات الإسلامية والعسكرية.

كما كان متوقعا تصدّر الاعلامي المصري باسم يوسف الصحف بعد الحلقة الاولى من الموسم الجديد من برنامج “البرنامج”. فكان لعودته الصاروخية ردود فعل متباينة ومتشددة وعاطفية. جاء في محصلتها إعتذار قناة cbc من المشاهدين، مؤكدة الالتزام بـ”الاصول والاخلاقيات التي لا تخدش مشاعر المشاهدين”. من بعدها تلقي يوسف بلاغا ضدّه أمام النائب العام  هشام بركات، وذلك بعد أقل من 24 ساعة من إذاعة الحلقة.
إنتقد يوسف الاطراف كلّهم، إلا ان معظم مهاجميه اعتبروا انه اقترب من الـ”محرمات” في المجتمع المصري. فما هي تلك المحرمات التي تخطاها يوسف؟
هل هي الحقيقة عن الصورة التي يتم بناؤها لوزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسي والسخرية من هوس المصريين به، وتصويره على انه “إله” او ما يشبهه؟ ام لأنّه سخر من حقيقة ان الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور  ليس إلا صورة، ولا أحد يتذكر اسمه حتى بوجود السيسي؟ او ربما لانه انتقد أعداد المتظاهرين الذين خرجوا الى الشوارع للمطالبة برحيل الرئيس محمد مرسي ووصف ما حصل في 30 حزيران الماضي بالانقلاب عسكري؟
بحثت بين السطور وبين مقاطع الفيديو التي عرضها الـ”برنامج”، ولم أجد أي شيء جديد أو أي محرم يستدعي انشغال مكتب النائب العام وتلقيه اكثر من خمسين بلاغا ضد يوسف تتهمه بإشاعة الفوضى وتكدير الامن العام وتعمد الاساءة لمصر وتشويه صورتها، فضلا عن اتهامه بسب وقذف السيسي.
شاهدت الحلقة أكثر من 10 مرات ولم أجد أي شيء جديد ومألوف عن الحلقات السابقة التي استغلها للسخرية من الرئيس مرسي والاخوان المسلمين. لم أجد أي شيء ملفت بحجم الحملة التي يقودها “أبطال” مصر “الوطنيين” الجدد.

الاكيد ان يوسف تحدث بحذر ورفق شديدين ووجه نكاته بعناية وحذر الى الجيش والفريق السيسي، وما صدر عنه مقارنة بالحلقات السابقة هو أقرب إلى الغزل والغرام.
ربما تكون الحملة على الاعلامي باسم يوسف منظمة خوفا على حملة “كمّل جميلك” لجمع ملايين التواقيع دعما لترشح الفريق السيسي للانتخابات الرئاسية. وربما لأن تأثير يوسف الكبير على الساحة المصرية يثير مخاوف لجنة الخمسين المعنية بتعديل دستور 2012 المعطل.

لكن لا يمكن ان توضع إلا في سياق انتشار ظاهرة رفض اي انتقاد او رأي معارض في وطننا العربي. وهذا البرنامج الذي يطالب بالديمقراطية وحرية الرأي والتعبير قد يكون ظاهرة في غير وقتها بسبب الانقسام الذي نعيشه والتطرف وسيطرة عقلية “الزعيم” والمرشد على مجتمعاتنا، بعد “الردّة” عن الربيع العربي وأفكاره في صيغتها الأولى، قبل التعديلات الإسلامية والعسكرية. فهل سيكمل يوسف رغم الضغوط والتهديدات ام سينسحب؟

السابق
عن بنات الشيعة والحجاب بدءا من سنّ الخامسة
التالي
الثورة السورية ضدّ المحور الأميركي الإيراني