المستقبل: الوضع الأمني في طرابلس يزداد تدهوراً

كتبت “المستقبل ” تقول: كما كان متوقعاًُ، لم تأت جلسة انتخاب رؤساء ومقرري اللجان النيابية وأعضاء هيئة مكتب مجلس النواب بجديد أمس، فبقي القديم على قدمه باستثناء حلول النائب نضال طعمة مكان النائب هادي حبيش في لجنة الاشغال والنقل والطاقة والمياه، وكلاهما من كتلة “المستقبل”، وكذلك لن تنعقد الجلسة التشريعية المقررة اليوم بسبب استمرار مواقف الكتل السياسية على حالها، غير أن مصادر مقرّبة من رئيس كتلة “المستقبل” الرئيس فؤاد السنيورة كشفت لـ “المستقبل” أن اللقاء الذي جمعه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري جاء استكمالاً للقاءات السابقة التي عقدت بينهما، غير أنه لم يصل إلى نتيجة في ما يتعلّق بالوضع الداخلي.
إلا أن المصادر كشفت أن برّي كان سرّب إلى الرئيس السنيورة استعداده لعقد جلسة لهيئة مكتب مجلس النواب لإعادة درس جدول الأعمال المعترض عليه، شرط أن يصار إلى استبدال بعض أسماء أعضاء هيئة المكتب من دون تغيير في مواقع الكتل النيابية الممثلة فيه، فوافق السنيورة على ذلك إلا أن المفاجأة كانت أن برّي عاد واقترح أن يستبدل أحد الأعضاء بعضو من تكتل “التغيير والإصلاح” الأمر الذي رفضه السنيورة بالمطلق.
وأضافت المصادر أنه “باستثناء هذه النقطة الخلافية، فإن الرئيسين السنيورة وبري اتفقا على أن يصار إلى الاحتكام إلى الأمم المتحدة في قضية النفط والمناطق المتنازع عليها مع إسرائيل، في وقت أعاد بري طرح مبادرته والمستندة إلى دعوته للحوار قبل تشكيل الحكومة واعتماد صيغة 9-9-6- التي توفّر الثلث المعطّل لفريق “8 آذار” وهذا ما نرفضه”، غير أنه تم الاتفاق على إبقاء التواصل قائماً.
في غضون ذلك، وبعد أقل من أربع وعشرين ساعة على كلام الطاغية الكيماوي بشار الأسد الذي انتقد فيه سياسة النأي بالنفس اللبنانية واعتبر منطقة جبل محسن جزءاً من سوريا، ردّ رئيس الجمهورية ميشال سليمان عليه بالقول إنه “ليس لأحد انتقاد سياسة النأي بالنفس”، كما ردت عليه كتلة “المستقبل” مؤكدة أن “جبل محسن جزء من طرابلس، وأمنه من أمن المدينة، وعلى النظام السوري الاقلاع عن تحريض جماعاته فيه وتسليحهم، وارسال المتفجرات لقتل الأبرياء من أهل المدينة”.
في موازاة ذلك، ازداد الوضع الأمني في طرابلس تدهوراً وسجلّت اشتباكات متقطّعة على محاور القتال التقليدية في باب التبانة وجبل محسن استخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة وأدت إلى وقوع خسائر بشرية.

سليمان
وكان لافتاً أمس الردّ غير المباشر لرئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان على انتقاد الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلته التلفزيونية أمس سياسة النأي بالنفس التي يعتمدها لبنان الرسمي، فاستغل مناسبة حضوره ورعايته افتتاح المرحلة الأولى من أعمال توسعة محطة الحاويات في مرفأ بيروت، ليجدّد الدعوة الى “المحافظة على وطننا وعلى وحدتنا التي دفعنا الكثير من أجلها، والى وضع التباينات السياسية جانباً والاتفاق على انقاذ بلدنا من خلال الحوار الدائم وقبول الآخر”، مشدّداً على ضرورة “عدم التنكر للنتائج التي نتوصل اليها في جلسات الحوار خصوصاً إذا كانت تعزز الميثاقية وتساهم بتطبيق الدستور كمثل إعلان بعبدا، الذي ينص على تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الاقليمية والدولية وهذه السياسة التي اعتمدناها هي محط اعتزاز ولا يقررها إلا اللبنانيون وليس لأحد أن ينتقد سياسة لبنان في النأي بالنفس”.
وأكّد على “ضرورة أن نكون أوفياء لديموقراطيتنا، وأن نحترم الإستحقاقات الدستورية، وأولها الإستحقاق الرئاسي المقبل، وإجراء الإنتخابات النيابية في موعدها على قاعدة المناصفة ومشاركة الطوائف كلها في إدارة الشأن العام”، لافتاً الى أنه “لم يكن أمراً عادياً الإجماع الدولي في كنف أرفع شرعية دولية في الأمم المتحدة لدعم لبنان والحفاظ على كيانه وإستقراره، والمساعدة في تنمية إقتصاده”، مشيراً الى أن “أهمية هذا الدعم لم يكن فقط لتأمين المساعدات لإيواء النازحين السوريين، بل أن أهميته اللافتة، تكمن في إعتراف المجموعة الدولية بحق لبنان في التعويض عليه عن الخسائر المترتبة عن تداعيات الأزمة السورية”.

“المستقبل”
من جهتها، استهجنت كتلة “المستقبل” الكلام الذي ورد على لسان بشار الأسد الذي اعتبر جبل محسن بمثابة منطقة سورية معتبرة أن في هذا “الكلام تصعيداً لتدخّل النظام في الشؤون الداخلية اللبنانية”، مناشدة “أهل طرابلس الأبية استمرار التحلي بروح المسؤولية الوطنية وكبح الغضب وضبط النفس وعدم الانجرار إلى حيث يريد النظام السوري أن يجرّ لبنان واللبنانيين إليه وهو الوقوع في أتون الفتنة”.
كما أشادت الكتلة بالنجاحات التي حققتها شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، وبعد سنة من استشهاد الشهيد البطل اللواء وسام الحسن، معتبرة ذلك “انجازا كبيرا يؤكد استمرار هذه المؤسسة في العمل في ذات المستوى المهني الذي سبق للمؤسس الشهيد وسام الحسن أن عمل به”، مشيرة إلى أن “التحقيقات كشفت أن المجرم الذي طالما وقف خلف الجرائم الارهابية التي تعرض لها لبنان سابقاً هو النظام السوري ذاته”.

ورأت أن على الدولة اللبنانية “اعتبار السفير السوري في لبنان شخصا غير مرغوب فيه، والادعاء على المسؤولين السوريين الذين ثبت ضلوعهم في الجريمة، وتقديم شكوى عاجلة الى جامعة الدول العربية للنظر بهذه الجرائم المتكررة بحق لبنان واللبنانيين واعلام مجلس الأمن بهاتين الجريمتين وبالتحقيقات التي جرت لتاريخه”.
واعتبرت أن “الأسباب الدستورية التي دفعتها لمقاطعة الجلسات التشريعية السابقة مازالت قائمة، ولذلك هي تكرر رفضها المشاركة في جلسة تشريعية في ظل حكومة مستقيلة تنحصر مهامها بتصريف الاعمال وعلى أن يقتصر التشريع على الأمور التي تتسم بطابع الضرورة القصوى”، مكرّرة “معارضتها توجهات بعض الاطراف بالعمل من أجل تلزيم التنقيب عن النفط من قبل حكومة مستقيلة لا يمكنها اتخاذ قرارات تؤدي إلى إلزام لبنان واللبنانيين لعقود طويلة قادمة”.

طرابلس
أمنياً، عاد الخوف والقلق يسيطر على أبناء وأهالي مدينة طرابلس من إمكانية أنفجار الوضع الأمني على نطاق واسع، خصوصاً أنه وعلى خلفية ظهور رئيس النظام السوري بشار الأسد على إحدى شاشات التلفزة، بدأ اطلاق غزير للنار مصدره جبل محسن ليطال الرصاص بعض مناطق المدينة وبخاصة في باب التبانة والزاهرية ما أدى لاندلاع اشتباكات متفرقة طالت مختلف المحاور التقليدية، استدعت تدخلا سريعا للجيش اللبناني حاول الفصل بين المتقاتلين، فسيّر دوريات مؤللة وعزّز انتشاره على طول شارع سوريا الفاصل.
غير أن الهدوء الحذر الذي ساد طرابلس منذ فجر أمس وطيلة النهار، بدّدته الاشتباكات التي تجددت مساء على اكثر من محور، وسجّل اصابة عدد من الاشخاص في جبل محسن ومناطق التبانة والاوتوستراد الدولي والقبة واحتراق منزل في منطقة البقار في القبة جراء اطلاق الرصاص. وردّ الجيش اللبناني على جميع مصادر النيران، فيما سجّلت مناشدات من أجل عدم سلوك الطريق الدولية بين طرابلس والمنية وعكار والحدود السورية بسبب رصاص القنص.

السابق
الحملة الصليبية اليهودية
التالي
طرابلس: قتيل و12 جريحاً في طرابلس .. والإشتباكات إستمرت ليلاً