بدأ الأمر مع موقع “روسيا اليوم” الذي نقل عن صحيفة “دايلي مايل” مقالا يتحدث فيه أحد خبراء الطقس الروس عن أن “فصل الشتاء سيدخل مبكراً هذا العام على لبنان والمنطقة”، وأنه “سيكون الشتاء الأقسى منذ مئة عام”. فبدأ اللبنانيون يتناقلون هذه التوقّعات، ولم تبق وسيلة إعلام لم يتنشر تحقيقا أو تقريرا أو خبرا. ما أسكن الرعب في قلوب معظم اللبنانيين، فأخذوا يحصنون أنفسهم اتقاء لهجوم البرد القارس والعواصف الثلجية. فهل ستصدُق توقعات روسيا في لبنان؟
لا يبدو ذلك. فتوقعات مصلحة الأرصاد الجوية في مطار بيروت الدولي أظهرت أن درجات الحرارة خلال الأسابيع والأيام الماضية تأرجحت بين خمس وعشرين وثلاثين درجة، والطقس الذي سيطر على لبنان خلال الايام الماضية كان مشمساً. وهذا ما تتوقعه أيضاً لليومين المقبلين.
تجدر الإشارة إلى أنه لا يوجد أي جهاز قادر على إعطاء معلومات مؤكدة للحالة الجوية على المدى الطويل، أي أسابيع أوأشهر. وكحدّ أقصى يمكن التوقع للأيام القليلة المقبلة فقط، بحسب أحد خبراء الطقس في لبنان. وبالتأكيد هذه المعلومات تبقى غير دقيقة، بحسب رئيس دائرة التوقعات العامة في مصلحة الأرصاد الجوية اللبنانية عبد الرحمن زواوي.
من ناحية اخرى، لا يجب التناسي أن كلمة “توقعات” بحدّ ذاتها تعكس احتمال الصواب والخطأ. ومن يتحدث اليوم عن هجوم مبكر لشتاء قاس فإنه يضع توقعاً، بالتأكيد، يحمل في طياته الفشل أو الصواب، مع ترجيح كفة الفشل استناداً لما سبق ذكره من توقعات للأرصاد الجوية اللبنانية.
مع العلم أن الاستعداد للشتاء يبقى أمراً ضرورياً، خصوصا في بلد كلبنان. أما اللافت أن هذا التوقّع، مثل غيره من التوقعات، أخد حيِّزاً كبيراً من اهتمام اللبنانيين، افتراضياً على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي وسائل الاعلام، وميدانيا في الإستعدادات العملانيّة.
خلاصة الأمر: لا أحد يمكنه الادعاء أنه يقبض على الحقيقة والمعرفة الكاملتين بالأمور الكونيّة سوى الله: “واللي بيجي من الله يا محلاه”، كما تقول جداتنا. فيما لم يظهر من الشتاء إلا طرفه المبلول في نهاية أيلول، حتى الآن، والباقي كلّه من علم الغيب.