اللواء ابرهيم: تنقصه بركة المرشد فقط

اللواء عباس ابراهيم
قيل يوماً ان الرئيس نبيه بري، وفي ايام العزّ، اي في زمن الوصاية السورية، طرد العديد من كوادر حركة "امل" من صفوفها، لأن بعضهم حاول بناء علاقة خاصة مع المسؤولين السوريين. اليوم يصعد نجم اللواء ابراهيم. وذلك في لحظة سياسية كبيرة. وقد بات من الصعب ضبط صعوده في معادلة المنزل السياسي الشيعي. هو الرجل الذي يعلم حاجة مرجعيته الطائفية له في موقعه وفي دائرة علاقاته التي تتوسع ضمن المحيط الاقليمي والدولي.

بعد 17 شهراً على احتجازهم في اعزاز السورية، تم الافراج اخيراً عن المخطوفين اللبنانيين التسعة، في صفقة تبادل بين اربعة جهات على الاقل، هي حزب الله وتركيا، وجانب من المعارضة السورية والنظام السوري. فيما لبنان الرسمي اقتصر دوره الفعلي على تسهيل صفقة التبادل، عبر تعهد الاجهزة القضائية بعدم تعقب خاطفي الطيارين التركيين من جهة، وبالتالي عدم اجراء اي تحقيق مع الطيارين اثر الافراج عنهما من قبل الخاطفين، ثم تولّي نقل التركيين مباشرة الى الطائرة التي اقلتهما من بيروت الى انقرة.
اما اللواء عباس ابراهيم، الذي نجح في اتمام عملية التبادل، فقد حظي بتنويه من الاطراف السياسية المختلف وباعجاب على المستوى الشعبي والشيعي خصوصاً، على جهوده التي اثمرت اخيراً. فاللواء ابراهيم، الذي يكتسب ثقة حزب الله منذ كان نائباً لمدير جهاز المخابرات في الجيش اللبناني، وقبله مسؤولاً عن هذا الجهاز في الجنوب، خاض تجربة اهّلته لأن يتولى المديرية العامة للامن العام بترشيح ودعم حزب الله وبلا اي منافسة.على ان ابراهيم، الذي يأتي الى موقعه من معبر المحاصصة الاجباري في الدولة اللبنانية، كان تعيينه تعبيراً عن نهاية حصة رئيس الجمهورية في هذا الموقع لصالح مركز القرار الشيعي في الدولة، اي حزب الله.
قبْل اللواء جميل السيد الذي ترأس هذه المديرية، مع وصول الضابط اميل لحود الى سدة الرئاسة الاولى، كان هذا المركز حكراً للطائفة المارونية، وتحت اشراف رئيس الجمهورية. بقي من ذلك الموقع في زمن الرئيس لحود مونة الرئاسة الاولى على اللواء السيد، وان بمعونة الوصاية السورية. لكن قبل بداية عهد الرئيس ميشال سليمان، تم تعيين مدير مكتبه اللواء وفيق جزيني في هذا المنصب. وفي هذا التعيين لضابط شيعي كانت بداية الانفصال بين هذا الموقع ورئاسة الجمهورية التي كان الرئيس اميل لحود يقضي فيها مدة التمديد له. لكن ما خفّف من وطأة هذه الخطوة مارونياً ان قائد الجيش آنذاك لعب دوراً في وصول جزيني الى المديرية.
مع نهاية فترة ولاية اللواء جزيني، والذي توفاه الله لاحقاً اثر مرض عضال، آل موقع رأس المديرية العامة للامن العام، بالمعنى السياسي، بعد الطائفي، الى القيادة الشيعية. اي ان تعيين المدير العام للامن العام بات يُقر داخل المنزل السياسي الشيعي، ثم يتم لاحقا تعيينه رسميا. ومع تعيين اللواء ابراهيم، الذي يحظى باحترام واسع لدى القوى السياسية والطائفية، تمَ انهاء العلاقة بين الموارنة وطائفة المدير، وطبيعة العلاقة التي كانت بين الرئاسة الاولى والمديرية العامة للامن العام. تلك التي رسخها الرئيس السابق سليمان فرنجية وحافظ عليها بعد “الطائف” الرئيس الياس الهراوي.
اقتضى هضم هذا القضم لموقع المديرية العامة للامن العام، ضمن لعبة المحاصصة الطائفية، نحو 12 عاماً. وباتت هذه المديرية اليوم تشكل محور اهتمام كبير على المستوى الشيعي، بسبب ما يحظى به رئيسها من تأييد تفوّق على تأييد اللواء جميل السيد في زمانه. السيّد الذي شكلت علاقته مع الوصاية السورية مصدر قوته وجاذبيته آنذاك لم يكن قريباً من حزب الله ولا من الرئيس نبيه بري. اما اللواء ابراهيم، فقد وصل الى موقعه بفضل دعم حزب الله وعدم اعتراض الرئيس بري. الا ان الاخير لم يعتد الاطمئنان لأي شخصية شيعية تتولى منصباً في ادارة الدولة لا تمحضه الولاء التام. فكيف بمثل شخصية اللواء عباس ابراهيم؟ وان كان اللواء لا يكفّ عن بناء الصلة مع الرئيس بري، بلا “فضيلة” الولاء.
قيل يوماً ان الرئيس نبيه بري، وفي ايام العزّ، اي في زمن الوصاية السورية، طرد العديد من كوادر حركة “امل” من صفوفها، لأن بعضهم حاول بناء علاقة خاصة مع المسؤولين السوريين. اليوم يصعد نجم اللواء ابراهيم. وذلك في لحظة سياسية كبيرة. وقد بات من الصعب ضبط صعوده في معادلة المنزل السياسي الشيعي. هو الرجل الذي يعلم حاجة مرجعيته الطائفية له في موقعه وفي دائرة علاقاته التي تتوسع ضمن المحيط الاقليمي والدولي. وهو يدرك ان نجاحه، بعد كفاءته الشخصية، ينطلق من الثقة التي يوليه اياها السيد حسن نصرالله اولاً، ومن علاقته مع النظام السوري ثانياً، ونجاحه في ان يشكل، كصاحب منصب رسمي – امني، جاذبية لاطراف محلية وخارجية، كونه موصل ايجابي بين دولة حزب الله الفعلية وغير المعلنة، وهذه الدول التي تفضل هذا النموذج من الصلة على ما عداه. اللواء عباس ابراهيم الذي يبدو انه صاحب طموح ينقل عنه البعض انه ليس طموحا سياسياً. فيما البعض الآخر يعتبر انه دخل بقوة في المعترك السياسي واثبت جدارة امنية وسياسية، ولم يبقّ بعد كي تكتمل الصورة الا بركة المرشد.

السابق
المقداد: نطالب الدولة لبذل الجهود لإطلاق محمد وحسان بليبل والمطرانين
التالي
مصرع 5 أشخاص إثر سقوط طائرة في البرازيل