تأثير نزع السلاح الكيميائي السوري على سلاح حزب الله

ترى مصادر في قوى 14 آذار أن نزع السلاح الكيميائي السوري سيضعف ما يسمّى محور “المقاومة” الممتدّ من إيران مروراً بالعراق وسورية وصولاً إلى حزب الله في لبنان، باعتبار هذا السلاح استراتيجياً ويلعب دوراً في التوازن الاستراتيجي مع إسرائيل وفي قوّة الردع لسورية. تقول هذه المصادر إن “لنزع السلاح الكيميائي السوري انعكاسا على ترسانة حزب الله الصاروخيّة في لبنان، بحيث سيكون على لائحة الضغوط الدوليّة لنزع سلاح حزب الله الصاروخي”. ويعود تفاؤل المصادر المناوئة لحزب الله إلى سرعة الاستجابة السوريّة للتفاهم الروسي–الأميركي بشأن تدمير السلاح الكيميائي السوري في مقابل إلغاء واشنطن الضربة العسكريّة التي كانت تعتزم توجيهها ضدّ النظام السوري، على خلفيّة اتهامه باستخدام الأسلحة الكيميائيّة في منطقة الغوطة في ريف دمشق في 21 آب الماضي.

لا يتّفق عدد من الخبراء الاستراتيجيّين والباحثين السياسيّين مع التحليل المذكور أعلاه. يقول النائب اللبناني عن “كتلة الوفاء للمقاومة” التابعة لحزب الله العميد وليد سكريّة إنه “ما من علاقة للاتفاق الأميركي–الروسي بشأن نزع السلاح الكيميائي السوري بسلاح حزب الله”. وهو يعتبر أن هذا الاتفاق الأميركي-الروسي “لم يأتِ نتيجة انتصار أميركي كامل كما كانت تريد واشنطن. فهي كانت تريد ضربة عسكريّة كي تأخذ سوريا كاملة إذا سيطرت المعارضة العسكريّة. لكن الاتفاق جعل واشنطن تحفظ ماء وجهها باعتبار أنها حقّقت مكسباً بتفكيك السلاح الكيميائي السوري وقد أهدت هذا الإنجاز إلى إسرائيل”.

ويوضح سكريّة أن المنتصر هو “روسيا وسورية التي خرجت بأقلّ قدر من الأضرار. فلو وقعت الضربة العسكريّة ضدّها، لكانت سجّلت خسائر كبيرة في الجيش السوري، ما يعدّل ميزان القوى العسكري لمصلحة المعارضة. ونتيجة الاتفاق الأميركي-الروسي، حافظ النظام السوري على قوّته في مواجهة المعارضة العسكريّة، لأن المعركة العسكريّة في سورية اليوم هي بين الطرفَين”.
ولدى سؤاله عن تأثير فقدان سورية سلاحها الكيميائي على التوازن مع إسرائيل، يجيب سكريّة وهو عميد متقاعد في الجيش اللبناني أنه “لا توازن استراتيجيا ما بين سورية وإسرائيل. وسورية لا تخوض حالياً معركة مع إسرائيل، وهي تحقّق هذا التوازن مع إسرائيل من خلال تحالفها مع إيران والعراق وحزب الله. لكن بقاء سورية في محور المقاومة وكدولة مواجهة مع إسرائيل هو بحدّ ذاته انتصار لهذا المحور وقوّة لحزب الله. فلو تغيّر النظام في سوريا وأصبح حليفاً للولايات المتّحدة والغرب حتى لو أبقى على السلاح الكيميائي وحتى لو امتلك السلاح النووي، فهو سيخرج من المواجهة مع إسرائيل”.
ويرى سكرية أن الأولويّة اليوم بالنسبة إلى النظام السوري هي “الانتصار على المؤامرة وبعدها ستعيد دمشق بناء قوّتها العسكريّة”، مشيراً إلى أن “الصراع مفتوح في سورية ولم ينتهِ وأن الولايات المتّحدة تراجعت عن الضربة العسكريّة لأنها غير مضمونة النتائج والعواقب. فحلفاء سورية من إيران وحزب الله إلى العراق كانوا مستعدين للدفاع عن سورية في حال العدوان الشامل عليها”.
من جهته يعتبر المصدر المقرّب من حزب الله أن موضوع السلاح الكيميائي السوري “مفصول عن بقيّة القضايا. فهذه أزمة محدّدة تتطلّب تقديم هذا التنازل ولا يمكن تعميمها على القضايا الأخرى كسلاح حزب الله”.

بدوره، لا يعتقد أستاذ السياسة والعلاقات الدوليّة في جامعة إدنبرة الإسكتلنديّة أدهم صولي أن الصفقة الأميركيّة–الروسيّة سيكون لها تأثير مباشر على سلاح حزب الله. يقول صولي إن “بعض الجهات تتخوّف من احتمال امتلاك حزب الله أسلحة كيميائيّة. لكن تلك ستكون قضيّة ضعيفة جداً. ففي سورية، كانت مجزرة الغوطة التي سمحت بالمطالبة بتفكيك السلاح الكيميائي السوري. أما بشأن حزب الله، فتحتاج الجهات التي قد تدّعي امتلاكه أسلحة مماثلة إلى أدلة قويّة لتأكيد هذه الادعاءات”.
أما الباحث في المعهد الملكي للعلاقات الدوليّة “تشاتام هاوس” في لندن نديم شحادة، فيرى أن “ما من صلة ما بين تفكيك السلاح الكيميائي في سورية ونزع سلاح حزب الله”. يضيف أن “مسألة نزع السلاح الكيميائي السوري هي ذرّ رماد في العيون”، وأن “الأمر خدعة من روسيا والنظام السوري وأن الاتفاقيّة سخيفة وقع في فخّها الأميركيّون لأن الرئيس الأميركي باراك أوباما لا يريد التدخّل العسكري في كلّ الأحوال”.

ويشبّه شحادة الوضع السوري بما قام به الرئيس العراقي الراحل صدّام حسين عندما سمح للأمم المتّحدة بتدمير الأسلحة الكيميائيّة بعد حرب الخليج الثانية في العام 1991، لكنه استمرّ في قتل شعبه حتى العام 2003. ويشير إلى أن الرئيس السوري بشار الأسد “قد اشترى المزيد من الوقت لقتل شعبه”.

السابق
حزب الله: فيديو جديد يقتل فيديو مهدي ياغي
التالي
خائفون على وطن