الجمهورية: الهيئات الإقتصادية ترى الوضع سوداوياً

جريدة الجمهورية

كتبت “الجمهورية” تقول، انشغل العالم بأسره أمس بالشلل الحكومي الذي اصاب الولايات المتحدة الأميركية، بعد فشل الكونغرس في حل الخلاف حول مشروع قانون لتمويل الأنشطة الحكومية، وطلب الرئيس باراك أوباما من الوكالات الفيدرالية الأميركية البدء بتنفيذ آلية وقف نشاطاتها، متهماً خصومه الجمهوريين بالتسبب بشلل جزئي لإدارات الدولة الأميركية تحت شعار “حملة ايديولوجية”، وحضّهم، خلال مداخلة في حديقة البيت الأبيض، على وضع حد لهذا الشلل.

برّي مستقبلاً الهيئات الاقتصادية أمس

أفاد مراسل “الجمهورية” في واشنطن أن مجلس الشيوخ الاميركي رفض أمس للمرة الرابعة على التوالي التصويت على مشروع الموازنة التي رفعها مجلس النواب. وأكدت مصادر في مجلس الشيوخ أن كل المعلومات المتداولة حول عمليات تصويت بدءاً من اليوم ما هي إلا مضيعة للوقت للايهام بأن مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون يحاول ان يقوم بعمله.

وقالت:”لا مشروع اتفاق قد تم التوصل اليه حتى الساعة، وعلى الارجح ان مثل هذا الاتفاق اذا حصل، فإنه لن يحصل قبل نهاية الاسبوع”. واشارت الى “ان الجمهوريين متخوفون من اطالة أمد الاقفال الجزئي للحكومة الفيدرالية نظراً لانعكاساته على شعبيتهم، خصوصاً ان حملة اعلامية نجحت في تحميلهم مسؤولية هذا الاغلاق”.

وأضافت الاوساط نفسها: “ان الديموقراطيين لن يتراجعوا عن قرار رفض تمرير موازنة الجمهوريين، وإن الأخيرين هم من سيقدم التنازل في هذا الاطار، لأنه كلما طال وقت اغلاق الحكومة كلما صار صعباً على الجمهوريين فرض نسيان هذه الواقعة على جمهورهم، خصوصاً ان انتخابات نصفية ستجري السنة المقبلة”.

البنك الدولي يحذّر

الى ذلك اعتبر رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم ان شلل الموزانة في الولايات المتحدة الذي ادى الى شلل جزئي في انشطة الدولة الفيدرالية يمكن ان يلحق “اضراراً جسيمة” بدوَل الجنوب. وقال في كلمة القاها في واشنطن انّ “الشكوك المالية في الولايات المتحدة تثير قلقنا الى اعلى درجة”.

الحراك الدولي

ولوحظ ان هذه الازمة المالية الاميركية التي تهدد الاقتصاد العالمي ايضاً، لم تنعكس سلباً على الحراك الدولي في شأن الملف الإيراني النووي في ضوء التقارب بين واشنطن وطهران، على رغم “التشويش” الإسرائيلي، وكذلك في شأن الملف الكيماوي السوري الذي دخل مرحلة جديدة مع وصول مفتشي منظمة حظر الأسلحة الكيماوية أمس الى دمشق عبر الحدود اللبنانية، ومباشرة مهماته، تنفيذاً للاتفاق الاميركي- الروسي في جنيف، وسط تشكيك روسي في قدرة الغرب على إقناع ممثلي المعارضة السورية بحضور مؤتمر “جنيف ـ 2”.

توتر ايراني ـ اسرائيلي

وبعد اللقاء الأميركي ـ الإسرائيلي في البيت الأبيض أمس الأول، برز التوتر مجدداً على خطّ تل أبيب ـ طهران من جهة، وعلى خط الملف النووي وطهران ـ واشنطن من جهة ثانية، وذلك على خلفية إعلان اوباما خلال لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ان الخيار العسكري ضد طهران ما زال موجوداً على الطاولة.
وكان نتنياهو تعهّد عدم سماح إسرائيل لإيران بتطوير أسلحة نووية، حتى لو اضطرت للتحرك عسكرياً بمفردها، وقال امام الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك: “إن ايران لم تتجاوز بعد الخط الأحمر، لكنها مستعدة لتسريع وتيرة (أنشطتها) حين تشاء.

وفي مواجهة هذا الخطر، لا خيار آخر أمام إسرائيل سوى الدفاع عن نفسها”. ودعا المجتمع الدولي إلى الإبقاء على ضغط العقوبات على إيران”، متهماً الرئيس الإيراني حسن روحاني بتبنّي “سلوك لطيف” للتخلص من العقوبات، لكن مع “الاستمرار في تطوير سلاح نووي” ووصفه بأنه “ذئب في ثياب حمل”. وقال: “أتمنى أن أصدقه لكني لا أستطيع”. ورأى “أن إيران نووية أخطر “خمسين مرة” من كوريا الشمالية”.

وفي المقابل ردت إيران على نتنياهو واتهمته ببثّ الأكاذيب حول مشروعها النووي، وقال وزير خارجيتها محمد جواد ظريف: “إن نتنياهو يحاول تضليل الرأي العام العالمي من خلال قوله إن إيران أصبحت على قاب قوسين من إنتاج أسلحة نووية”. ودعا الرئيس الأميركي إلى تبني ما وصفه “سياسة متعاقبة” في الإتصالات بين البلدين، محذراً من “أن التذبذبات في الموقف الأميركي قد تؤدي إلى ضعضعة الثقة والنيل من صدقية واشنطن”.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية مرضية افخم بأن اميركا اليوم امام اختبار كبير، ويجب النظر الى اي مدى ستقاوم امام ضغوط دعاة الحرب، انّ كيفية تصرفها يجعل إمكان المزيد من التعاطي والتحرك نحو نهج بناء قابل للدراسة. ودعت المسؤولين الأميركيين الى التعاطي مع إيران والشعب الايراني على اساس سياسة واقعية ومن منطلق التكريم لا التهديد.

لا حجّ لروحاني

في غضون ذلك، برز امس إعلان إيراني رسمي بأن روحاني لم يخطّط لحضور مراسم الحج هذه السنة بسبب تراكم جدول أعماله. وقال مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان: “نظراً للآفاق الإيجابية بين إيران والسعودية ورغبة الطرفين في توسيع العلاقات، ستعقد لقاءات بين المسؤولين الكبار في أقرب فرصة”.
وعلمت “الجمهورية” ان الاسباب التي ادت الى تأجيل روحاني “حجّه” السعودي، بناء على دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، تتعلق بعدم استكمال المفاوضات الجارية بين طهران والرياض في عدد من الملفات التي ستتناولها المحادثات السعودية – الايرانية.

وإذ أكدت مصادر ديبلوماسية في بيروت لـ”الجمهورية” ان لقاءات ستعقد بين الجانبين خلال الاسابيع المقبلة بما يمهد الى قمة ناجحة بين البلدين، رجحت مصادر أخرى ان يكون الغاء روحاني زيارته للسعودية مرتبطاً بخلافات استجدت بين البلدين في اللقاءات التحضيرية للقمة السعودية ـ الايرانية، وعليه ارتأيا هذا التأجيل في انتظار تسوية هذه الخلافات.

الوضع السوداوي

وفيما الملف الحكومي الى مزيد من الإنكفاء، ومع إطفاء الرئيس المكلف تمام سلام محرّكات التأليف، نقل زوار رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ”الجمهورية” عنه قوله انه ما زال مصراً على مبادرته الحوارية ولا يرى خياراً بديلا لها، وقال: “من لديه خيار آخر فليطرحه”. وكرر التأكيد “ان لبنان اليوم هو افضل نسبياً من اي بلد في المنطقة على رغم ممّا هو حاصل داخلياً وخارجياً”.

وعلمت “الجمهورية” ان بري قرر استئخار الاجتماع الذي كان سيعقده مع رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان لإطلاعه على حصيلة مواقف الافرقاء من مبادرته ليقرر في ضوئها خطواته في شأن الحوار، وذلك في انتظار اجتماع آخر سيعقده قريباً مع رئيس كتلة “المستقبل” الرئيس فؤاد السنيورة بعد عودة الأخير من الخارج.

القصّار لـ “الجمهورية”

وفي ظل انسداد الأفق السياسي وتأخر تأليف الحكومة، ومراوحة الأزمة مكانها، تحرّكت الهيئات الإقتصادية امس باتجاه مراكز القرار السياسي، للمطالبة بتهدئة الأجواء والإسراع في تأليف الحكومة.

وفي هذا الإطار، زار وفد من الهيئات برئاسة الوزير السابق عدنان القصار كلاً من رئيس مجلس النواب نبيه بري، والرئيس المكلف تمام سلام، ناقلاً اليهما هواجس الهيئات جرّاء الظروف الصعبة التي يمر بها الإقتصاد اللبناني، والخسائر التي يتكبّدها بسبب الركود غير المسبوق الذي يواجهه، نتيجة استمرار الأزمة السياسية وعدم تأليف الحكومة حتى الآن.

وفي الموازاة، يباشر الإتحاد العمالي العام اليوم نشاطاً رديفاً من خلال جولة على المسؤولين يبدأها بزيارة الرئيس المكلف للمطالبة ايضا بتسريع تأليف الحكومة.
وعلمت “الجمهورية” أن الأجواء والخلاصات التي خرج بها وفد الهيئات لم تكن مشجعة. (تفاصيل ص 11)

وقال القصار لـ “الجمهورية” انّ الجولة التي بدأت اليوم (امس) ستستكمل فور عودة ميقاتي من واشنطن قبل ان تختتم بزيارة رئيس الجمهورية تمهيداً لعقد مؤتمر آخر للهيئات الإقتصادية في وقت قريب لتحديد الخطوات المقبلة.

ولم يستبعد القصار “العودة الى تحرك “4 ايلول جديد”، فهو يوم يمكن ان يتكرر في اي يوم، ملوّحاً بخطوات تصعيدية أكثر ايلاماً فالوضع الإقتصادي ينحدر بسرعة والنتائج السلبية وحدها سائدة في معظم القطاعات الإقتصادية وكل المؤشرات تنذر بما هو أخطر”. ودعا الأفرقاء الى “الإبتعاد عن المهاترات والخلافات وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الخارجية”.

بين “المستقبل” وصحناوي

وفي تطور لافت، دار سجال بين كتلة “المستقبل” ووزير الإتصالات نقولا الصحناوي بعد اتهامها ايّاه بعرقلة عمل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، مُنتقدة تعاطيه مع طلبات المحققين في المحكمة “حيث دلت الوقائع على إهمال وتأخير متعمّد تجاه هذه الطلبات، ما يؤكد نية تأخير مباشرة المحاكمة وبالتالي افساح المجال أمام المجرمين للإفلات من العقاب” .

ورد صحناوي ببيان حمل فيه على كتلة “المستقبل”واتهمها بـ”الكذب والتضليل”، وذكّر بما اعلنه الناطق باسم المحكمة مارتن يوسف في 27 ايلول الماضي، من أن “مكتب المدعي العام يؤكد التعاون المستمر والمتواصل من السلطات اللبنانية على رغم التأخير في الماضي في ما يتعلق ببعض الطلبات، والذي تمّ التغلب عليه من خلال النهج التعاوني. ويعوّل المدعي العام على استمرار التعاون مع كل السلطات اللبنانية”.

الضحايا الغرقى

من جهة ثانية، ظلّت مأساة غرق العبّارة قبالة شواطىء اندونيسيا ومقتل لبنانيين فيها واحتجاز آخرين، حاضرة بقوة في المشهد الداخلي، وتداعياتها محور متابعة رسمية مع توجّه وفد لبناني رسمي اليوم الى اندونيسيا لتأمين عودة الناجين، وشعبية من خلال انتفاضة أهالي الضحايا وإقفالهم الطرق في طرابلس وعكار، إحتجاجاً على طريقة متابعة قضية أبنائهم، وقضائية مع توقيف القضاء أربعة لبنانيين بعضهم من عكار على ذمة التحقيق، لاحتمال تورّطهم في عمليات التسفير غير الشرعية التي تتم بين لبنان وماليزيا واندونيسيا وصولاً الى استراليا.

مجلس أمن لطرابلس

على صعيد آخر، يترأس وزير الداخلية والبلديات مروان شربل قبل ظهر اليوم اجتماعاً إستثنائياً لمجلس الأمن المركزي للبحث في الأفكار المطروحة لخطة امنية جديدة لطرابلس في ضوء التكليف الذي انتهى اليه الإجتماع الوزراي ـ النيابي ـ الأمني الأخير برئاسة رئيس الحكومة المستقيلة نجيب ميقاتي.

وقال مرجع امني لـ”الجمهورية” انّ المدينة لا تحتاج الى خطة بالمعنى الكامل، ففيها ما يكفي من القوى الأمنية من جيش وقوى امن داخلي، وهي القوى التي كلفت سابقاً فرض الأمن فيها ومنع الظهور المسلح ومكافحة اعمال القنص وقطع الطرق وتوقيف المخالفين والمرتكبين، خصوصاً المطلوبين بمذكرات توقيف لاعتدائهم على قوى الأمن والجيش وتورطهم في اعتداءات طاولت الممتلكات العامة والخاصة.

وأكد المرجع انّ الصيغ المطروحة لدمج الميليشيات الطرابلسية في قوى الأمن الداخلي والأجهزة الأمنية ما تزال فكرة متداولة لم تطرح جدياً على بساط البحث بعد، على رغم الحديث عن سُبل تقليص دور المسلحين ولجم تحركاتهم. واكد انّ الحديث عن دمج ميليشيات جديدة في صفوف قوى الأمن لا يستقيم بقرار سياسي، فأصول التطوع محددة في القوانين المرعية، وهناك أمر مهم وهو يتصِل بسلوكية المتطوع في السلك الأمني والعسكري، وتعتبر وثيقة “السجل العدلي” من أهم الوثائق المطلوبة.

علوش لـ”الجمهورية”

من جهته، قال القيادي في تيار”المستقبل” النائب السابق مصطفى علوش لـ”الجمهورية”: “في الوقت الذي تستجدي فيه السلطة دخول الأمن الى الضاحية وبعلبك وغيرها من المناطق، يستجدي أبناء طرابلس ويتمنّون أن تدخل السلطة الى مدينتهم وتفرض الأمن فيها”.

وأكّد أنّ “طرابلس ليست في حاجة الى خطط أمنية، فالخطط طُبّقت أربع عشرة مرّة قبل الآن. طرابلس تحتاج الى أمن وسلام وإلى وجود دائم للقوى الأمنية في شوارعها بما يتناسب مع حجم المدينة.

السابق
الاخبار: بري لا عودة إلى الحروب العبثية
التالي
البلد: الحراك يعود الى الشارع من بوابة الخطف وعبّارة اندونيسيا