اللواء : بعلبك: الجيش يتسلّم الحواجز.. وحزب الله متمسّك بدوره الرقابي ناظم الخوري : لا سبب سياسياً وراء تأجيل زيارة السعودية

كتبت ” اللواء ” تقول : ينطلق الأسبوع الأول من تشرين الأول برهانات سياسية متواضعة، بعد إرجاء الجولة الخليجية للرئيس ميشال سليمان والتي كانت محطتها الأولى في المملكة العربية السعودية غداً، وبترقب حساس لمسار انسحاب عناصر “حزب الله” من على الحواجز المقامة في مدينة بعلبك، وتسليمها تباعاً لوحدات من الجيش اللبناني، غداة الاشتباك الخطير الذي أودى بحياة أربعة قتلى وبضعة جرحى، وامتدت اهتزازاته إلى إحراق محلات تجارية، بعدما اندلعت الشرارة الأولى على حاجز “حزب الله” بين عناصر من عائلة الشياح وعناصر من الحزب، على خلفية تلاسن وتضارب وقع الثلاثاء الماضي على أحد الحواجز الحزبية.
ونسبت وكالة “فرانس برس” الى مصدر في “حزب الله” قوله “سلّمنا إلى الجيش اللبناني كل حواجزنا وتصبح مسؤولية الأمن عنده”.
وكشف المسؤول في الحزب “كنا نقوم بترتيبات لتسليم الحواجز إلى الجيش قبل حادث السبت، لكن الحادث أخّر التسليم إلى اليوم”.
وتمكن انتشار الجيش من نزع فتيل الفتنة في بعلبك، خصوصاً وأنه تم بمواكبة من قبل فاعليات المدينة التي اجتمعت أمس، قبل تشييع القتلى، وأصدرت بياناً رفض الفتنة وطلب من القوى الأمنية ملاحقة المخلّين والمرتكبين، ومن الأجهزة الأمنية وخصوصاً الجيش استكمال خطتها الأمنية لتطال مدينة بعلبك بالكامل.
غير أن مصادر أمنية لاحظت أن وضع بعلبك بالنسبة “لحزب الله” مختلف عن وضع الضاحية الجنوبية، لا سيما بعد الاشتباكات التي حدثت، فالحزب يطالب بنزع سلاح العائلات غير الموالية له، وبإبعاد الأشخاص الذين يشتبه بعلاقتهم مع تنظيمات يصفها بالمتطرفة في لبنان وسوريا، وهو ما يفسر سبب الاعتقالات التي قام بها الحزب بعد اشتباك بعلبك والمعلومات التي روجتها أوساط لصيقة به عن وجود عناصر “لجبهة النصرة” في المدينة.
وأوضحت المصادر أن بعلبك بالنسبة للحزب هي مدينة على تماس مع مناطق سورية تسيطر عليها المعارضة، وأن الحدود بينها وبين المدينة غير مضبوطة، ويسهل تهريب السلاح والمسلحين إليها، وأن لا قدرة للجيش والأجهزة الأمنية على ضبط ذلك، مؤكدة بأن الحزب نشر مجموعات مسلحة له في جرود بعلبك، لكنها لم تستطع ضبط الوضع هناك.
ونقلت هذه المصادر عن مسؤولين في الحزب قولهم إن بعلبك تشكل ممراً للنازحين السوريين بين البقاع الشمالي والبقاعين الأوسط والغربي، وبالعكس، وبالتالي، فإن الرقابة عليها من قبل مجموعاته يجب أن تكون أكثر تشدداً مما هي عليه في الضاحية الجنوبية أو مدن الجنوب، لافتين الى أن “أي خطة أمنية يجب أن تأخذ في الاعتبار مطالب حزب الله ودوره الأمني كي يكتب لها النجاح”.
ولوحظ، في هذا السياق، أن الاجتماع الوزاري – الأمني الذي ترأسه الرئيس سليمان في بعبدا، في حضور رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ووزير الداخلية مروان شربل وقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية، خلا من أي إشارة إلى خطة أمنية لبعلبك، وأنه بحسب تعبير الرئيس ميقاتي، فقط اتخذت الاجراءات لضبط الوضع الأمني في المدينة، ومنع المظاهر المسلحة، والتشدد في ملاحقة المتورطين في هذه الأحداث، ومنع المحاولات الرامية الى افتعال فتنة مذهبية أو نقل الحوادث الأمنية من منطقة إلى أخرى.
وشدد ميقاتي على أن الجيش اللبناني يملك كامل الصلاحيات لضبط الأوضاع، وتنفيذ ما يراه مناسباً من اجراءات وتدابير للجم الفلتان الأمني وإعادة الهدوء إلى المنطقة، والتعاطي بحزم مع كل المخلّين بالأمن.
من جهته، دخل النائب وليد جنبلاط على خط التهدئة، فأجرى اتصالات مع الحاج وفق صفا، وقادة ومسؤولين آخرين من حزب الله، وكذلك مع قيادات في الجماعات الاسلامية في بيروت، طالباً منهم ضرورة التحرك وسحب المسلحين من الشوارع والمساعدة الفعلية على عودة الهدوء والأوضاع إلى طبيعتها في بعلبك.

سلام في بعبدا
أما سياسياً، فيبدأ الأسبوع بزيارة يقوم بها الرئيس المكلّف تمام سلام إلى بعبدا، للبحث في المستجدات المتصلة في تأليف الحكومة الجديدة، بعد أخذ وردّ حول ما نُسب إلى الرئيس المكلّف من أنه لن يتخلى عن حكومة ثلاث ثمانات وما يترتب على ذلك، بعد إيضاح مباشر من مكتبه الإعلامي بأنه مسؤول فقط عن الكلام الذي يصدر عنه شخصياً.
ولم تتوقع مصادر مطلعة أن تحدث مفاجآت في بحر الأسبوع الطالع، ولا في الأسبوع المقبل، بانتظار جلاء المشهد الإقليمي، وإمكان حدوث اتصالات إيرانية – سعودية بعد انتهاء أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة وعيد الأضحى المبارك، أمل السفير الإيراني في لبنان غضنفر ركن أبادي بأن تنعكس بشكل إيجابي على لبنان والمنطقة.
وتأتي زيارة سلام، بعد ارجاء زيارة الرئيس سليمان إلى المملكة العربية السعودية التي كانت مقررة غداً “الى موعد لاحق يُعلن في حينه” وفقاً لبيان مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية.
ونفى وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناظم الخوري ل”اللواء” أن يكون وراء تأجيل الزيارة سبب سياسي، خصوصاً بعدما ترددت معلومات عن تراجع حظوظ تشكيلة الثلاث ثمانات، واكتفى خوري بالقول لدى سؤاله عن اسباب التأجيل: “ما من سبب سياسي وراء ذلك، وأن الزيارة ستتم في وقت لاحق بعد تحديد موعدها”.
ولفتت مصادر سياسية مطلعة إلى أن الرئيس المكلف لن يُقدّم أي تشكيلة حكومية إلى الرئيس سليمان، وأن لقاءهما يندرج في إطار التواصل، ومناقشة ما آلت إليه الاتصالات الهادفة إلى تشكيل الحكومة.
وأشارت المصادر إلى أن الملف الحكومي برمته لم يشهد أي تغيير، وأن الأمور ما زالت على حالها من الجمود بفعل الشروط والشروط المضادة، والتعنت الذي يُبديه بعض الأفرقاء وعدم الرغبة في تقديم التسهيلات التي من شأنها مساعدة الرئيس المكلف في مهمته.
وتوقعت المصادر أن تزداد صورة المشهد الحكومي ضبابية، ولا سيما بعد تأجيل زيارة الرئيس سليمان إلى المملكة، وأن الأوضاع مرشحة للاستمرار على حالها إلى ما بعد انتهاء عطلة الأضحى المبارك، إلا إذا طرأ ما هو إيجابي في هذا السياق، وهو أمر لا يبدو قريباً، خصوصاً وأن “حزب الله” لم يحد قيد شعرة عن موقفه، حيث رأى وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية في حكومة تصريف الاعمال محمد فنيش “بأن الحل الوحيد في لبنان هو تشكيل حكومة وحدة وطنية تتمثل فيها كل المكونات بما يتلاءم مع وزنها ويتناسب مع حجمها التمثيلي داخل المجلس النيابي، لافتاً الى ان حكاية 8+8+8 أصبحت مسألة مفضوحة، لأن رئيس الحكومة المكلف، مع احترامنا وتقديرنا لشخصه، هو جزء من فريق 14 آذار، وحصته هي حصتهم، مشيراً إلى انه “لا يمكن التفكير أيضاً بحكومة يسميها البعض بالأمر الواقع، لأن التفكير بها هو امر غير واقعي وغير بنّاء ويُدخل البلد في مشكلة اكثر تعقيداً”.

“عبّارة الموت”
وتصدرت مأساة أهالي عكار وأبناء التبانة في طرابلس، المتمثلة بغرق “عبارة الموت” في بحر اندونيسيا، بجانب آخر من اجتماع بعبدا، وايضاً في خلال الاتصالات التي أجراها الرئيس سليمان مع كل من رئيس المجلس النيابي نبيه بري والرئيس ميقاتي، وتم الاتفاق على الإيعاز إلى المعنيين بتأمين ما يلزم لنقل الأحياء والجثامين إلى لبنان ومتابعة تأمين موضوع المفقودين، كذلك تم الاتفاق على الطلب إلى الأجهزة المعنية ملاحقة الذين يقومون بأعمال الاحتيال على المواطنين وابتزازهم مقابل وعود باغراءات بتأمين سفرهم إلى استراليا، كما حصل مع الذين كانوا على متن هذه العبّارة.
تجدر الإشارة إلى أن السلطات الاندونيسية أعلنت أمس الأحد أن 28 شخصاً قتلوا بعد غرق مركبهم الذي كان ينقلهم الخميس إلى استراليا بشكل غير شرعي، بينما لا يزال العشرات في عداد المفقودين، علماً ان السلطات اللبنانية أعلنت أن 68 لبنانياً كانوا على متن المركب، وانه تم إنقاذ 18 منهم، وعثر على 21 جثة للبنانيين، بينما الآخرون ما زالوا مفقودين.
ونقلت وكالة “فرانس برس” عن مصدر أمني في الشمال أن ما يقارب 250 شخصاً من اللبنانيين والسوريين هاجروا من شمال لبنان بطرق غير شرعية منذ مطلع العام الحالي، معظمهم إلى استراليا، وقد تم تهريبهم لقاء مبالغ مالية كبيرة.
وأوضح أن ظاهرة الهجرة غير الشرعية بدأت تنشط مع تزايد عدد النازحين السوريين، إذ بدأت شبكات التهريب تركّز على السوريين، ما فتح الباب امام اللبنانيين الذين يرغبون بالهجرة.
وقال مواطنون شماليون غادر اقرباء أو اصدقاء لهم لبنان بهذه الطريقة خلال الأشهر الماضية أن الوسيط الذي كان ينظم رحلات الراغبين بالهجرة هو من طرابلس، وهو يتعامل مع عراقي معروف باسم “ابو صالح” موجود في اندونيسيا ويُشرف على عمليات وصول المهاجرين الى جزيرة “جاوا” ومنها إلى استراليا بحراً.

خطة طرابلس
وبالنسبة إلى الخطة الأمنية لطرابلس، فقد أكّد وزير الداخلية مروان شربل ل”اللواء” بأن الخطة ستوضع بكل تفاصيلها من قبل مجلس الأمن المركزي بالتنسيق مع قيادة الجيش اللبناني في الاجتماع الذي دعا إليه بعد غد الأربعاء في 2 تشرين الاول من أجل حفظ الأمن والنظام، وترسيخ الاستقرار في المدينة وحمايتها.

السابق
المستقبل : سليمان إلى الإمارات الأربعاء في إطار جولة لمتابعة شؤون اللبنانيين في الخليج العربي بعلبك تلملم آثار معركة “الأمن الذاتي”
التالي
الشرق : لبنان باشر تحقيقاته في كارثة “عبارة الموت” في بحر اندونيسيا/ اشتباكات بين “حزب الله” وعائلات بعلبكية … ولا انسحاب من سوريا