العرقوب 3: في شبعا سوريون أكثر من السكان

نازحة
من بيروت الى العرقوب، المسافة ليست بعيدة: 120 كلم. لكن الفروقات كبيرة، إنمائياً، اقتصادياً، خدماتياً. منطقة تفتقر إلى أدنى مستويات مقومات الحياة، وهذا ما ستظهره جولتنا الميدانية التي قمنا بها في المنطقة، لنرى الحقيقة عن قرب، ونتلمس معاناة أهلها، ونسجل صرخة أبنائها عسى أن يسمعها أحد ممن لم تصمّ آذانهم عن سماع مناشدة المحرومين.

فجراً انطلقنا من بيروت، مررنا بصيدا فالنبطية، وكفرتبنيت إلى مرجعيون، وصولاً إلى “سوق الخان” علي مدخل العرقوب. هذه المنطقة التي قرى شبعا، كفرشوبا، الهبارية وكفرحمام. منذ مدخل العرقوب شعرنا تلقائياً بحالة الحرمان والإهمال التي تعيشها هذه المنطقة. لا عمران ولا مؤسسات ولا جامعات ولا معاهد تعليمية ولا مستشفيات تستقبل المرضى، ولا حتى مزارع أو مشاغل أو معامل ألبان وأجبان. رغم أن هذه المنطقة تعتمد على إنتاجها الزراعي بنسبة 90 %. وهو لا يحظى بالتصريف اللازم والرعاية من قبل الجهات المختصة.
من سوق الخان، مررنا بالهبارية وتوجهنا مباشرة إلى شبعا، التي تعد من أكثرالبلدات المأهولة في جبل الشيخ. إذ يبلغ عدد سكانها أكثر من 45000 نسمة موزعين ما بين مناطق لبنان وبلاد الاغتراب. وتبعد شبعا عن العاصمة حوالي 135 كلم. وترتفع عن سطح البحر بين 1350 و1650 متراً. وشبعا تعد اليوم المركز الأكبر لاحتضان النازحيين السوريين في منطقة العرقوب، وذلك بسبب محاذاتها الحدود السورية، وصلات القرابة والنسب التي تربط عائلات شبعا بعائلات القرى والبلدات السورية، خصوصا منطقة “بيت جن” السورية.
في مجمع “الجماعة الإسلامية” 500 نازح تقريبا معظمهم من النساء والأطفال. وبحضور الحاج صافي نصيف نائب رئيس بلدية شبعا، ومالك غادر منسق الملف الاجتماعي في “الجماعة الإسلامية” في شبعا، وخضر الخطيب منسق ملف النازحيين في شبعا المنتدب من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية. كانت جلسة مع النازحين: “يحتاجون كل شيء”، لسان الحال: المأوى الملائم والأمتعة والمواد الغذائية وخصوصا أن فصل الشتاء يقترب، ما ينذر بمشكلة جديدة وهي نقص التدفئة والمازوت. فشبعا في الشتاء تغطيها الثلوج وتنخفض درجة الحرارة إلى ما دون الصفر.

ومن النواقص أيضاً شبكة الصرف الصحي. فالمجاري مسدودة نتيجة الضغط الكبير على الشبكة، ما يهدد بكارثة بيئية على المنطقة وعلى أبنائها. كما أن توجيه المياه الآسنة من المجاري إلى نهر الحاصباني الذي يغذي المنطقة يسبب أيضاً في تعجيل القضاء على الثروة السمكية. “يجب على وزارة البيئة التحرك فوراً لمعالجة هذه المشكلة”، يقول خضر الخطيب، ويضيف أيضاً أن “كميات مياه الشرب والمياه بشكل عام لم تعد تكفي بسبب تدفق أعداد النازحيين بازدياد يومي. ففي شبعا وحدها أكثر من 500 عائلة، أي ما يعادل عدد العائلات الميقيمة أصلا في شبعا. وفي ما يخص الموضوع الصحي فيجمع كل من الخطيب وغادر ونصيف على أنه وجد حلاً له بالتنسيق مع الأمم المتحدة التي أنشأت مكتباً لها في صور لتسجيل النازحيين لتأمينهم صحياً في مستشفيات خارج المنطقة. وقد سجلت آخر دفعة منذ أسبوع، خصوصا أن منطقة العرقوب في الأصل تفتقد إلى الخدمة الصحية بسبب افتقادها المستشفيات.
ويقول نصيف أن القوى والجمعيات في شبعا تعمل بالتنسيق مع البلدية لتوفير كافة مستلزمات النازحين. وتقوم بأقصى جهدها لكي يشعر النازحون أنهم بين أهلهم بالرغم من المعاناة والضغط الكبير الذي يقع على عاتق شبعا وأهلها وفي بداية العام الدراسي أصبح يفتقد النازحون إلى تسهيلات الالتحاق بالمدارس الرسمية، خصوصاً أنّ المناهج التعليمية في سوريا تختلف عن مناهج عن لبنان، ما يستوجب ربما إنشاء صفوف خاصة بالنازحيين واستقدام أساتذة متخصصين بالمنهاج السوري.

السابق
لبنان منطقة محظورة على الاتراك
التالي
مؤشرات إيجابيّة تظلّل الوضع اللبناني