تعمير عين الحلوة(3): بؤس عام.. وأمراض عصبية للجميع

تعمير عين الحلوة
يحمل المالكون الأصليون لمنازل حيّ التعمير في عين الحلوة سندات تمليك مؤقتة، لكنّ عددا منهم باعوا منازلهم عند كتّاب العدل.

يحمل المالكون الأصليون لمنازل حيّ التعمير في عين الحلوة سندات تمليك مؤقتة، لكنّ عددا منهم باعوا منازلهم عند كتّاب العدل. وهو بيع تعترف به مديرية الإسكان. لكنّ المشكلة في مكان آخر، إذ أنّ أحداً لا يملك سند تمليك دائم يجعل منه مالكاً اصيلا، وبعد الزيادات الكبيرة في عدد المساكن تعقدت المشكلة وصار المالكون مالكين بالضرورة وليس بالقانون وبالفعل، مما أوجد أزمة قانونية.

توضح مديرة مكتب الإسكان في الجنوب حنان جلال الدين الأمر: “بعد عام 1992 حاولنا اجراء مسح عقاري لمعرفة عدد البيوت وتقديم الاقتراحات المناسبة لتسليم أهالي المنطقة سندات تمليك دائمة، ولكن كل مرة يتبين أن هناك زيادات في عدد المنازل ما يجعل الأمر صعباً للغاية”.

وقد تحول هذا الموضوع إلى ورقة انتخابية، لأنّ عدد الناخبين من سكان المنطقة يتجاوز الـ12 ألفا. وعند كل دورة انتخابية يتبارى المتنافسون على طرح مشروع للاسراع باصدار سندات تمليك دائمة ويبقى ذلك في إطار الوعود الانتخابية.

الوضع الاجتماعي لأهالي المنطقة

الأكثرية الساحقة من سكان المنطقة لبنانيون من مدينة صيدا. لكن بعد عام 1982، بدأ بعض الفلسطينيين بشراء منازل في التعمير، لكن ذلك لم يلغ طبيعتها اللبنانية.

يعمل معظم الأهالي عمالاً في حرف مختلفة وخصوصاً في مهنة صناعة الحلويات. وتجد بينهم حرفيين يعملون في مجالي النجارة والحدادة، لكنّ شبانا كثيرين يشكون من عدم وجود فرص عمل.

محمد كلاس طالب أنهى المرحلة الثانوية، لكنه لم يلتحق بالجامعة بسبب سوء وضع عائلته المادي. مثله عدد من الشبان الذي يقضون أوقاتهم بحثاً عن فرصة عمل لم يجدوها حتى الآن. لكنّ أحدهم، محمد المصري، استطاع الحصول على فرصة عمل في مؤسسة الجبيلي لتجميع المولدات. وابن عمه محمد يعمل في صناعة الحلويات عند آل كنعان.

يشير أحد المقيمين في الحي إلى أنّ “بطالة بعض الشباب هي غطاء لمداخيل سياسية، اذ يلتحق واحدهم بتنظيم سياسي للحصول على راتب شهري يغنيه عن التفتيش عن عمل، ورأسمال العمل هو الاستنفار العسكري عند الطلب”.

لكنّ وفيق فرحات، من أبناء المنطقة، قلق من الوضع الراهن: “لاأعرف إلى أين سنصل، أزمة اقتصادية وأخرى سياسية ومشاكل أمنية، كيف يمكن أن نكمل حياتنا؟”. يقاطعه محمد علي وردة قائلاً :”الوضع سيّء، وأعتقد أنه لن يسوء أكثر من ذلك”.

الوضع التربوي

في منطقة يسكنها نحو 15 ألف شخص، نجد مدرسة ابتدائية واحدة هي “مدرسة عين الحلوة الابتدائية”. عدد طلابها لا يتجاوز 140 معظمهم من الفلسطينيين: “من يجرؤ على إرسال أولاده إلى المدرسة؟ أنظر إلى مدخلها، إنه أشبه بمدخل ثكنة، حواجز الجيش تحيط بها، وعند أي إشكال أمني يهرع الأهالي لإعادة أطفالهم إلى منازلهم”.

وعند مدخل الحي، هناك روضة أطفال تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية، في حين تقع مدرسة “ناتاشا سعد” التابعة لمؤسسة “معروف سعد الثقافية” قرب منطقة الفيلات وهي ابتدائية مجانية. وفي وسط الحي أقامت “الهيئة الاسلامية للرعاية” مركز “إنماء منطقة التعمير” وهو يعنى بتقديم دروس تقوية للطلاب. ويعني كلّ هذا الوضع أن معظم الطلاب يدرسون خارج محلة عين الحلوة.

الوضع الصحي

وجود مستشفى صيدا الحكومي في المحلة المذكورة لا يعني أنها أقيمت لتقديم الخدمات الصحية للأهالي، فالمستشفى موجودة قبل بناء التعمير، لكن المنطقة تحوي ثلاثة مراكز صحية تتبع لأطراف سياسية محلية.

لمؤسسة الحريري مستوصف أساسي قرب مدرسة الأميركان، أي خارج النطاق الجغرافي للمنطقة، لكنه يقدم خدماته الأساسية لأهاليها. وهناك مستوصف الشهيد معروف سعد التابع لمؤسسة معروف سعد الاجتماعية (التنظيم الشعبي الناصري) بالإضافة إلى مستوصف الإمام علي الذي يتبع للجماعة الاسلامية.

وهذه المراكز تقدم خدمات طبية باردة. وتشير آمال الكردي، العاملة في أحد المستوصفات، إلى أن الكثير من أهالي المنطقة مصابون بأمراض مزمنة، وتحددها بأمراض القلب، ضغط الدم، السكري والأمراض العصبية. ونادراً ما تجد أشخاصاً لا يستخدمون أدوية أعصاب، بسبب الوضع الاقتصادي المتردي والأوضاع السياسية والقلق من المستقبل.

السابق
الخارجية الايرانية: لقاء روحاني واوباما ليس على جدول الاعمال
التالي
أسامة سعد استقبل وفدا من الفصائل الفلسطينية