هل ستردّ إيران على الضربة من لبنان

سؤال واحد بات يُطرح بعد تزايد احتمالات الضربة الأميركية للنظام السوري، وهو ماذا سيكون ردّ إيران وحلفائها في المنطقة وخصوصاً «حزب الله» الذي لا يزال يتحرّك على قاعدة أنّ الرد محسوم، من دون أن يعطي أية إشارات حول طبيعة هذا الرد والمدى الذي يمكن أن يصل إليه؟

الواضح انّ النوايا المعلنة كلها تشير إلى انّ إيران لن تستطيع التغاضي عن هذا الرد، لانّ ذلك سوف يعني خسارة موقعها على طاولة التفاوض المستقبلي حول سوريا، فهل ستلجأ إيران الى الرد بما يشعل حرباً شاملة في المنطقة، أم انها ستوعز لحزب الله القيامَ بعملية تذكيرية ضدّ إسرائيل سواء من جنوب لبنان أم من الجولان؟

تذهب أوساط لبنانية الى توقع انفلات قواعد لعبة الضبط والهدوء التي حكمت المعادلة الداخلية منذ العام 2006 بما يتعلّق بالخط الازرق، وتشير الى انّ احتمال تحريك الجبهة اللبنانية الإسرائيلية امر وارد، لكنه سيكون الخيار الأخير لإيران في ظلّ توافر خيارات أخرى لا تقلّ شأناً وتاثيراً.
تلخص الاوساط احتمالات الرد الإيراني بالآتي:

سيكون هدف إيران وحلفائها إجبارَ الولايات المتحدة الأميركية على تمديد ضربتها العسكرية، من أيام إلى اسابيع وأشهر ربما، هذا التمديد يُراد منه نقل الحرب الى مستويات من التورط تأمل من خلالها إيران التأثير في الرأي العام الأميركي المعارض للضربة، وإلى وضع الولايات المتحدة أمام خيار الانتقال من مجرد تنفيذ ضربة عقابية سريعة، إلى شن حرب طويلة، وهذا سوف يُضعف خيارات الرئيس الأميركي ويجبره على تغيير الخطة الاولية للضربة وعلى اضطرار طلب تمديد المهل تحت طائلة إعلان فشل المهمة، خصوصاً إذا ما خرج النظام السوري من الضربة الاولى بقدرات عسكرية سليمة، اذا لم تنجح الضربة في تدمير قيادة هذا النظام، وإذا ما بقي لديه من قوة غير تقليدية للإستعمال، يمكن أن يلجأ اليها فيما بعد لتأكيد فشل المهمة العقابية التي من أجلها تلقّى هذه الضربة.

لتحقيق هدف الحرب الطويلة الأمد، ترى الاوساط انّ إيران سوف تلجأ كرد اولي على الضربة العسكرية الى توجيه رسالة تحرّش بإسرائيل لجرّها الى المعركة، وإسرائيل التي أعلنت انها سترد على أيّ هجوم صاروخي، لن تستطيع الامتناع عن الرد، ذلك على رغم انّ الادارة الأميركية ستبذل جهداً غير مسبوق لمنع اشتراك اسرائيل في الحرب، أسوة بما فعلت في حرب الخليج الاولى، لمنع إيران والنظام السوري من حرف هدف الحرب الى تصويره على انه صراع عربي اسرائيلي، وهو هدف دعائي ثمين يسعى اليه النظام السوري.

السؤال بحسب الاوساط هو حول كيفية تحريك الجبهة مع اسرائيل، وعن المكان الذي يمكن أن يتم فيه هذا التحريك، سواء من الجولان أم من الخط الازرق، أم في مزارع شبعا، والتساؤل الآخر يتعلّق بسيناريو الرد والرد المضاد الذي يمكن أن يحصل فور إطلاق ايّ صاروخ على إسرائيل، كما يتعلق بمدى قدرة حزب الله على تحمّل فتح جبهتين في وقت واحد، أولى في الداخل السوري وثانية في مواجهة اسرائيل.

وإذا كان الواضح من التحضيرات الأميركية لتنفيذ هذه الضربة انّ القوة العظمى باتت جاهزة لتجاوز ما قامت به روسيا والصين طوال السنتين الماضيتين من تعطيل لدور مجلس الامن، وهذا لا يتم الّا عبر بناء تحالف دولي يتم تركيبه، فإنّ المحور المقابل يستعدّ لاستعمال كل أسلحته المضادة حتى المحرّمة منها.

وتعطي عمليات إجلاء الدبلوماسيين الجارية في بيروت إشارات واضحة إلى انّ هناك قراراً بالعودة الى مرحلة التفجيرات وخطف الرهائن وكل ما يمكن أن يؤثر سلباً في الرأي العام الغربي المعارض لشنّ الحرب.

وعن ذلك تدعو الاوساط الى ترقّب المراحل التالية للضربة الاولى التي لا يعرف الى اين ستؤدّي، خصوصاً إذا ما قررت إيران أن تلعب لعبة المواجهة الكبرى في المنطقة.

السابق
بين الغاز الطبيعي والسارين
التالي
الأطهار في سوق النخاسة