هذا هو المطلوب… لبنانيّاً

صحيح أن في ظاهر المنطقة، و”الواقع الجديد” الناجم عن احتمالات توجيه ضربة “ما” الى سوريا، هدوءاً يشبه هدوء ما قبل العاصفة، أو هدوء ما قبل إعطاء إشارة الطلقة الأولى. إلا أن ميزان ضغط القلق لدى كثيرين يسجّل ارتفاعاً متزايداً في هذه الساعات والدقائق التي تسبق خطوة “ما”، قد تأخذ سوريا ولبنان والمنطقة بأسرها الى المجهول.

وربما، الى ما هو أسوأ وأشدّ خطورة.

أما الآن، فلنحاول معاً التأمل في “الضربة” الأميركيّة الدوليّة في حال حصولها، وفي نتائجها سلباً أو إيجاباً، ومدى انعكاساتها على الوضع اللبناني المفكّك من زمان.

وما هي الأضرار والأخطار التي قد “تُهدى” الى هذا اللبنان، الذي بلغ عدد السوريين المقيمين حتى الآن في ربوعه ما يوازي ربع سكان وطن النجوم الأصليين، في أقل تقدير…

فتحت هذا الموضوع الدقيق مع عدد من المتعاطين الشأن العام، وهاتفت بعض مَنْ هم في مواقع المسؤوليّة، وعُدت من هذه الجولة بخلاصة تقول إنّ لا مفرّ للبنانيين من مواجهة الأمر الواقع بمسؤولية، وتعقّل.

ولا مفرّ لهم، كذلك، من مواجهة الغموض الذي يكتنف الوضع السوري، والوضع الإقليمي، والوضع الدولي لجهة “الضربة” المتوقّعة. وبخطوات مدروسة، ومتأنّية، وبعيدة من التشنّج والانفعال، تجنّب الشعوب والقبائل اللبنانية المتجافية جداً، السقوط في حبائل الحرب الأهلية… التي تخوضها حالياً عَبْر الأرضيات والفضائيات، كما في الخلوات والحنوات.

لا أوهام لدى أي مرجع حيال إمكان التوصّل الى تسوية، أو مصالحة تاريخية بين هؤلاء المتنافرين. إنما المطلوب الآن المحافظة على الحد الأدنى من التفاهم… تلافياً للأسوأ.

أضعف الإيمان أن تكون الخطوة الأولى في اتجاه تأليف حكومة على جناح السرعة، يتحمّل عَبْرها كل الناس وكل الفئات مسؤولية الأمن، والاستقرار، والرغيف والماء والكهرباء.

وقبل هذا وذاك الانخراط الفوري، داخل الحكومة وخارجها، في حوار مستمر حول كل شيء، وكل ما هو مصدر اختلاف، والبحث الجدّي المثمر عن حلول نهائية لجميع الأمراض والمشاكل و”الفيروسات” التي تبقي هذا اللبنان في غرفة العناية الفائقة.

وعلى القوى السياسية، التي صعد البخار بكثافة الى رؤوسها، أن تتواضع قليلاً، وتتعقّل قليلاً، وتلقي نظرة متفحّصة على ما يحيط بها، سواءً أكانت مع النظام السوري، أم مع “الضربة” التي قد تزيد الطين بلّة.

مع التشديد على الابتعاد عن الأوهام، وعدم الدخول في أي رهان على الكلام الأميركي، والقرارات الأميركية…

يواش يواش يا شباب. فالتجارب الأميركيّة المتعدّدة لا تشجّع على التفاؤل.

السابق
تأديب الأسد قد يقضي عليه
التالي
مغامرة أوباما: أي هدف استراتيجي ؟