.. عن السياحة الثقافية جنوباً

قلعة شقيف
لتفعيل الدخل المالي لموارد القطاع السياحي اللبناني،الذي يلقى تراجعا دراماتيكيا لم يسبق له مثيل، إلا في حالات الحروب.

تكرّسَ مصطلح السياحة الثقافية، في المفهوم المعاصر، وتعزّزَ العمل به، لجهة تضافُر مختلف عوامل السياحة، وذلك في المعاني الذي يحملها هذا المصطلح، على الصعيد الإقتصادي، عبر درّ الأموال على خزينة الدولة. وأيضا على الصعيد الجماليّ الإرثيّ، عبر تعزيز أهمية الآثار، وروافدها التاريخية والحضارية معا.

وبما أن السياحة بحد ذاتها، تشترط دولةً تنعم بالأمان والسلام و”ببحبوحة” زائريها من السياح الأجانب. وبما أن لبنان لا ينعم اليوم بالذات، بهذا الأمان الأمني والسياسي، على الصعيدين المحلي والعربي. فالعديد من الشرائح اللبنانية لا يعرف أبناؤها بلدات وقرى ومعالم وآثاراً من لبنان،رائعة الجمال، عميقة الغور في قصص التاريخ، ومكوّنات اللغة الحضارية.لذا فمن الحريّ بالقطاعات الأهلية والمؤسساتية والتربوية والإقتصادية والإجتماعية، أن تتحمّل مسؤولياتها تجاه بلدها،وأن تتحرك باتجاه تنظيم رحلات سياحية وإستطلاعية لمختلف محافظات لبنان، التي تتمتع بأعرق الآثار التاريخية، وأغناها حضارة في المنطقة.بغية تعزيز المفردة الثقافية السياحية عند الأجيال الجديدة، وتفعيل الدخل المالي لموارد القطاع السياحي اللبناني،الذي يلقى تراجعا دراماتيكيا لم يسبق له مثيل، إلا في حالات الحروب.

والسياحة الأكثر أهمية من غيرها في المنظور المعرفي الإكتنازي، هي تلك التي تأخذنا إلى مواقع خلف الضوء، لم تعرف شهرة كشهرة الآثار المكرّسة في قاموسنا وقاموس العالم،مثل آثار بعلبك وعنجر وجبيل وصيدا وصور.فثمة بلدات ومواقع تغطيها رمال النسيان والهجر بمعنى أو بآخر. من هذه البلدات والمواقع نذكر ما يقع منها في الجنوب اللبناني، وهي بلدات ترفل بالكنوزالأثرية، كبلدة الكفور التي تتربع على تلة متطاولة، فتخالها شبه جزيرة تتداخل في بحر من الأودية المحيطة بها، لا يدخلها إلا الذي يقصدها عبر طريق وحيدة تخترق وسط حي البياض في مدينة النبطية.

فقد اتصلت مؤخراً بضاحية “تول” (جنوباً) التابعة لها إدارياً، كذلك بضاحية “كفرجوز” (شمالاً) بعد أن شقت طرقات حديثة إليها. ومن أهم آثارها، ما هو موجود في محلة “الرويسة” على مرتفع صغير، وبمساحة عشرة دونمات إلى الغرب من البلدة، حيث يوجد منطقة أثرية هامة، تعتبر حقاً محمية أثرية وجب الحفاظ عليها، إذ تمتاز بوجود العديد من النواويس الضخمة والقبور المحفورة في الصخر من مختلف الأحجام والأنواع، بالإضافة إلى ثلاث مغاور مدفنية وسكنية، تعود إلى العهود الفينيقية والرومانية، وبالإضافة إلى العديد من الآبار ومعاصر العنب والأجران والنقوش على الصخر. وتشرف هذه التلة على مختلف المناطق من حولها. وقد عثر فيها على فخاريات من مختلف الأنواع، وعلى أدوات وأسلحة حجرية قديمة العهد، تعود إلى العصر الحجري”.

وهناك أيضاً في منطقة حاصبيا، القلعة الشهابية، أو السرايا الشهابية:
وهي قلعة أثرية لا يعرف العلماء من الذي بناها، فلا يوجد دلائل كما سيق ذكره، عن هوية بنّائيها. “تاريخها المعلوم يبدأ مع الصليبيين، ولكنه قد يعود إلى زمن أبعد ليكون حصناً بناه العرب أو مبنى للرومان. أما ما نعرفه أنها ملك للأمراء الشهابيين الذين استولوا عليها إثر الانتصار الكبير على الصليبيين في العام 1170م. والحاكم الصليبي للقلعة كان يدعى الكونت “أورادوبربون”.

ولا ننسى بلدات، كبلدة جويا. فيوجد فيها عدة مغاور وكهوف، موجودة إلى الآن في الجهة الغربية الجنوبية. قلاع ومغاور وهياكل أثرية تتنظر منا التجدد في رؤيتها والتعرف إليها عن كثب.

السابق
حركة ديبلوماسية لافتة ورئيس أركان الدفاع البريطاني في بيروت
التالي
الجنوب.. قلق وترقب ولا حول ولا قوة