سرايا المقاومة في صيدا: مقاومون أم شبيحة أحياء؟

سرايا المقاومة في صيدا

منذ العام الفائت بدأت تظهر في بعض وسائل الإعلام أخبار تتحدث عن مجموعات سرايا المقاومة في مدينة صيدا، وقد تباينت الآراء بخصوصها بين أطراف تمجدها وتنعتها بأفضل النعوت وأخرى تهاجمها وتصفها بالمجموعات الخارجة عن القانون، والتي تعتدي على المواطنين وأمنهم في الأحياء الصيداوية. والمفارقة أن مؤيدي سرايا المقاومة أو منتقديها في المدينة رفضا عند الحديث عنها الكشف عن أسمائهم الصريحة وتحت حجج مختلفة.
قبل أيام أقدم أحد عناصر سرايا المقاومة م.ح. في أحد أحياء المدينة على إطلاق النار في الشارع بسبب خلاف شخصي مع صهره. وقبلها حاول أحد عناصرها ص.أ. إطلاق النار على شخص من آل ر. لكن المسدس تعطل مما أنقذ حياة الضحية.
وفي الأسبوع الماضي أقدم شخصان، قيل أنهما من نفس التنظيم، على الاعتداء على مواطن وتحطيم محله تحت حجة أنه من مؤيدي الأسير. كما جرى الاعتداء على المواطن ع.ت. من قبل أ.ش.ز. كل هذه الحوادث حصلت من دون أن تتخذ الأجهزة الأمنية إجراءات بحق مرتكبي هذه الحوادث.
وكانت أبرز هذه الحوادث ما حصل قبل رأس السنة بأيام في محلة نزلة صيدون بين أحد عناصر التنظيم الشعبي الناصري ومجموعة من سرايا المقاومة، قتل في الاشتباك أحد عناصر السرايا، وقد علق أحد المعنيين أن خلافاً فردياً حصل، لكنه استطرد قائلاً: تعرف كيف تحصل خلافات في الأحياء حول تزعّم الحي وأن “كلمة زعيم الحي هي الأقوى”. وبعد هذه الحادثة نقل حزب الله عضوه المشرف على السرايا هـ.ح. إلى منطقة أخرى.
أحد المعادين لسرايا المقاومة، يتهم حزب الله بتشكيل هذه السرايا بهدف الإمساك أمنياً بمدينة صيدا، “بعد أن اكتشف عجزه عن الإمساك بها سياسياً، رغم محاولته الدؤوبة”.
يضيف هذا المصدر: يعرف حزب الله أن التنظيم الناصري له حيثية محلية ومساحة خاصة لتحركه تمنعه أن يشكل الغطاء الكامل لسياسة حزب الله ومواقفه، كذلك فإن الدكتور عبد الرحمن البزري لا يستطيع أن يجاري الحزب بمواقفه كافة. مما دفع الحزب للتعاون مع قوات الفجر والشيخ ماهر حمود، لكن الطرفان لم يستطيعا أن يوفرا الحالة الصيداوية السياسية المؤيدة بشكل كامل لسياسة حزب الله، وبجانبهما حاول التعاون مع الشيخ خ.ك. وفشل ثم مع الشيخ ص.ح. ووصل إلى نفس النتيجة مما اضطره اي حزب الله الى الاشراف بشكل مباشر على تشكيل مجموعات في الأحياء تنفذ سياسته بحذافيرها ويؤمن لها الحماية الأمنية والسياسية والدعم المالي”.
ويعرض المصدر بعض الأسماء المتواجدة في الأحياء للدلالة على سوء الاختيار عند حزب الله علما أن قسماً منها معروف بتعاطيه المخدرات، وقسم آخر بعلاقته مع الأجهزة الأمنية. ويتساءل: كيف يمكن لهؤلاء الأشخاص المعروفين لكل أهالي المدينة أن يكونوا عنواناً لمقاومة مجيدة وشريفة؟

من جهة أخرى يوضح أحد مؤيدي سرايا المقاومة بالقول: إنهم شباب متحمس يحبون المقاومة، مستعدون للانخراط في صفوفها، لكن أنظمة المقاومة وأساليب عملها تفترض مستوى معين من الالتزام الديني غير متوفر فيهم، فاستنبط حزب الله هذا الشكل الاستثنائي وتم قبولهم في سرايا المقاومة، ويعمل في الوقت نفسه على توجيههم وتعليمهم التصرف والسلوك السليم، لأن الظرف لا يحتمل التأجيل بسبب الفتن والمؤامرات المتلاحقة.

ويضيف: بطبيعة الحال، وكأي جهة تعمل على الارض، ممكن أن تصدر مع عناصرها أخطاء، تتم معالجتها بجدية لافتة، وبسرية بالغة وليس كما يصور المغرضون. أن أعضاء السرايا هم مناضلون وليسوا مجموعة من الزعران والحشاشين تقوم بأعمال غير لائقة، كما يقول المفترون. والجهات التي تضخّم “خطر” السرايا وأخطائها تحاول التغطية على أخطائها في السياسة” وتغطية اعمالها المريعة التي ارتكبها بعض السياسيين في ملف قضية الشيخ احمدالأسير، حيث ساهم بتكبير حركته ومواكبتها الى ان وصلت إلى المستوى الخطير الذي وصلت إليه وأدت إلى ما أدت إليه. وحتى بعد انتهاء المعركة، تحدث بعض السياسيين بقضايا تجافي الحقيقة (الأسير مظلوم وقد جر إلى معركة لم يردها) مع أن الأدلة والإثباتات تثبت العكس.

ويزيد: هذه المواقف أساءت إلى صيدا وإلى مطلقيها، ولم يكن سهلاً أن نترك الأمور متجهة نحو مرحلة من المراوحة السلبية لتتفاقم معها الأمور، فتم تجنيد هؤلاء الشباب وانتشال بعضهم من بعض الممارسات غير المقبولة، وأعتقد أنهم صاروا في مكان أفضل يؤهلهم لأن يكونوا منتجين اجتماعياً وفي موقع سليم بمواجهة التزوير اليومي الذي يلجأ إليهم الآخرون.

يصمت فترة ثم يتابع: سرايا المقاومة هي استكمال لمشروع المقاومة، لكنها ليست مشروعاً سياسياً في المدينة. وإذا تصرفوا في مكان ما بطريقة خاطئة، يخبرونا و”يحطوا على عيننا”، وتجري متابعتهم. يمكن أن يحصل استنفار هنا أو هناك في مواجهة الفتنة لكن الضجيج أكبر من حقيقة الواقع . وأريد أن أشير إلى أن كثيراً منهم لجأ إلى سرايا المقاومة بعد تركه التيار الآخر.
ويختم قائلاً: إذا حصل اتفاق سياسي في المدينة ونُظر في الاتفاق إلى موضوع السرايا كجزء من مشكلة، فيمكن حل المشكلة بسرعة.

السابق
حزب الله ينعي أحمد حمود: «استشهد متأثرا بجراحه»
التالي
المربعات الامنية والسياسية في عين الحلوة