مخطوفون وبازار وهايد بارك

ان مشكلة التسريبات تظهر مع كل حدث امني ، ويستغلها أو يسخرها كل طرف سياسي لصالحه . وهذا ما يضر بالعمل الامني القضائي الذي تقوم به اجهزة الدولة .

تضاربت المعلومات حول قضية المخطوفين اللبنانيين والاتراك . وتناقضت المواقف السياسية المتصلة بها . وعلى جاري العادة تحول الحدث الى أمرين : بازار تسريبات أمنية ، وهايد بارك مزايدات سياسية بين فريقي ٨ و ١٤ اذار . وحده النائب وليد جنبلاط عزف على أوتار عدة فبدا الاقرب الى ملامسة الموقف الحقيقي للناس .

في البازار الامني تبارزت القوى السياسية في ميدان التسريبات . فروجت قوى ٨ أذار سيناريو خيالي عن قرب انفراج ازمة مخطوفي اعزاز ، أو على الاقل ، تحقيق انفراج جزئي كبير يتمثل بالافراج عن ثلاثة منهم مقابل المخطوفين التركيين ، على ان تستمكل المساعي الاساسية التي ستفضي الى تبادل البقية مع سجينات سوريات .

والسيناريو المذكور يفيد أن “الاتصال تم ” بالفعل بين الجهات الرسمية اللبنانية ، والتركية من خلف الستار ، وبين الخاطفين الذين عرضوا  الافراج عن مساعد الطيار التركي مقابل الإفراج عن 4 من المخطوفين في مرحلة أولى، على أن يتم بعد ذلك الإفراج عن الطيار مقابل الخمسة الباقين، الا ان المعنيين رفضوا هذا الطرح . الا ان الاتراك اقترحوا اجراء تبادل جزئي يقضي بالافراج عن ثلاثة من مخطوفي اعزاز مقابل المواطنين التركيين . وقد عزز هذا الاقتراح ، ودائما حسب سيناريو ٨ اذار ، نقل لواء عاصفة الشمال لثلاثة لبنانيين الى مخيم كليس داخل الاراضي التركية تمهيدا للافراج عنهم اذا تمت الصفقة .

واذا كان هذه الرواية تخدم توجه ٨ اذار المؤيد للخطف مقابل الخطف ، فان تسريبات قوى ١٤ اذار ذهبت في الاتجاه المعاكس ، اذ تناولت النشاط اللافت الذي يقوم به فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي لاعتقال خاطفي التركيين المفترضين . وأثمر حتى الآن عن اعتقال محمد صالح قريب المخطوف جميل صالح . والموقوف هو واحد من أفراد المجموعة الذين باتت أسماؤهم وأماكن تواجدهم معروفة  . وقد أدى تسريب خبر توقيف صالح الى فرار البقية الى مناطق أمنية خاضعة لنفوذ قوى الامر الواقع في البقاع .

مصدر بارز في قوى الامن الداخلي لم يؤكد لـ”جنوبية” ايا من المعلومات الواردة في الروايتين ، مشيرا الى ان ما تمتلكه الاجهزة الامنية من معطيات يبقى ملكا للتحقيق باشراف القضاء المختص ، وتبقى كل تفاصيله سرية الى ان يصدر القضاء قراره .

اضاف : ان مشكلة التسريبات تظهر مع كل حدث امني ، ويستغلها أو يسخرها كل طرف سياسي لصالحه . وهذا ما يضر بالعمل الامني القضائي الذي تقوم به اجهزة الدولة .

وعن مفاوضات تبادل المخطوفين أكد أن الامر خارج صلاحيات مؤسسة قوى الامن الداخلي التي تكتفي بما أعلنه وزير الداخلية بهذا الشأن .

وبموازاة هذا الرواية ، صعدت قوى ١٤ اذار من حملتها على الامن الفالت داخل المطار وعلى الطريق اليه . وصوبت مجددا على جهاز امن المطار المخروق بحيث تمكن الخاطفون من معرفة موعد الرحلة التركية . ويضاف الى ذلك التحذيرات من قطع طريق المطار من قبل اهالي المخطوفين بسبب توقيف صالح ، الامر الذي لجمه بسرعة الرئيس نبيه بري . ورغم ذلك خلصت ١٤ اذار الى مطلب واحد هو افتتاح مطارات بديلة لمطار رفيق الحريري الدولي .

وسط هذا العزف النشاز من كل حدب وصوب ، أثبت جنبلاط مرة أخرى وسطيته نائيا بنفسه عن   كل الاستغلال السياسي لما يجري . واذ ندد بخطف التركيين انتقد كل “المعالجات الملتوية لملف مخطوفي اعزاز والتي ولدت نتائج ملتوية”. كما اثار قضية طريق المطار ولكنه شكر من منع قطعها . وفي تناوله لكمين اللبوة رفض هذا الأسلوب المافياوي”، معتبرا عن حق ان “عدم معالجة ذيول الحادثة السابقة التي تم خلالها التعرّض للجيش هي من اسباب تكوين هذه المناخات السلبية”.

اما في شأن الكلام الذي صدر حول الأجهزة الأمنية من قبل البعض، فحذّر رئيس الحزب “التقدمي” من “مذهبة وتطييف الأجهزة وتحويلها الى جزر لحماية هذه الطائفة او تلك”، مؤكداً انها “الحصن الأخير الباقي من هيكل الدولة المتداعي”.

السابق
منفذو كمين اللبوة: ثأرنا لم ينته وسنقتل الحجيري
التالي
لماذا يُعتبر الأب باولو “أيقونة الثورة” السورية؟