من الفاعل؟ من أين أتى وبرعاية من؟

منذ ربع قرن، يواجه حزب الله معركة أمنية مفتوحة في وجه أجهزة استخبارات من كل العالم. وفي هذه الحرب جمع معلومات ومتابعة أنشطته المدنية والعسكرية، الى ملاحقة واغتيال كوادر وقيادات.

لعبت إسرائيل الدور الأبرز، لكنها لم تكن وحدها الطرف المنفّذ.

بعد اغتيال رفيق الحريري، تعرّض الحزب لأقسى حملة تحريض، ترافقت مع أعمال أمنية ضد كوادره وقيادييه. وصل الأمر بجيفري فيلتمان إلى الإعلان أمام الكونغرس أن بلاده أنفقت 500 مليون دولار لتشويه صورة المقاومة.

بعد اندلاع الأزمة السورية، تكثّفت الحملة ضد الحزب. وبعد إعلانه صراحة مشاركته في القتال إلى جانب الجيش السوري، ارتفعت حدّة التهديدات وبدأت الإنذارات تتوالى عن احتمال تعرّضه مباشرة، أو تعرّض الجمهور اللصيق به، لعمليات مهّد لها كثيرون بأنّها أعمال انتقامية رداً على قتاله في سوريا.

قُصِفَت الضاحية بالصواريخ، كما قُصِفت بلدات ومدن في بعلبك والهرمل. فُجّرت عبوات ناسفة على طريق شتوره ـــ مجدل عنجر ـــ المصنع، كذلك فُجِّرت عبوات على طريق الهرمل، وزرعت أخرى على طرقات فرعية. والذروة كانت في متفجرة بئر العبد.

الحزب اليوم في حال استنفار قصوى. منظومته الأمنية لا تزال تركز على إسرائيل باعتبارها مصدر الشر الاول. لكن يبدو أن هناك آخرين من أهل الدار أو المحيط. وهو ما رفع مستوى نشاط المقاومة على الجبهات الاخرى.

في اجتماع مغلق قبل أسابيع، قال الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أمام كوادره: نحن في وضع قد يضطرنا إلى خوض مواجهة على أكثر من جبهة في الوقت نفسه. أطلب منكم الاستعداد لذلك!

المشاركة في القتال في سوريا فرضت على الحزب نشاطا أمنياً واستخبارياً عسكرياً من نوع مختلف عن السائد. وعشية اتخاذ القرار بدخول المعركة في القصير وريفها، باشر حزب الله سلسلة من الإجراءات الخاصة:

ـــ خطوات عملية تقيّد خاطفي الزوّار في أعزاز، وتمنع قتلهم، ولكن كيف تم ردع الخاطفين؟

ـــ العمل على تأمين المناطق التي باتت عرضة للتهديد المباشر، سواء تلك الواقعة في البقاع، وعلى الطريق إلى سوريا أو على الحدود المتاخمة، أو في قلب بيروت والضاحية الجنوبية وصولاً الى جبل لبنان والجنوب.

عيون المقاومة، تراقب كل شيء. لا جبهة سوريا تقلّص اليقظة على جبهة الجنوب، ولا شيء يمنع من خطة عمل واسعة ومكثّفة لحماية عمق المناطق المدنية.

بعد تفجير بئر العبد، قامت وحدات متخصصة في أمن المقاومة بوضع خطط عمل متعددة الاشكال لكشف الفاعلين. إلى جانب هذه الإجراءات، تعمل المقاومة على خطط أمنية تساعد على التعطيل المسبق لعمليات إرهابية تعدّ لها مجموعات معادية للمقاومة أو مرتبطة بجهات خارجية. والنجاح المطلق لا يكون مضموناً طوال الوقت، لكن قاعدة العمل هي: جهد مئة في المئة، من أجل نتائج مئة في المئة.

لطالما كانت إسرائيل هي الجهة الأكثر نشاطاً ضد الحزب والمقاومة. لكن لم يعد الأمر محصوراً بها، مع بروز العوامل الغربية المباشرة من خلال أدوات بعضها على شكل دول وبعضها الآخر على شكل تنظيمات أو حتى مجموعات وأفراد.

والسؤال اليوم: من فكّر في مغامرة من هذا النوع، وقرّر هذا النوع من المواجهة مع حزب الله… ترى، هل فكر في ردّ الفعل مثلاً؟

السؤال له متفرعاته في ظل المعركة المفتوحة. من هم هؤلاء الناس؟ هل هم سوريون من «الجيش الحر» أو «جبهة النصرة»؟ هل هم لبنانيون من جماعات تكفيرية ناشطة في الشمال والبقاع؟ هل هم فلسطينيون تركوا قضية بلادهم واشتغلوا «أدوات موت» في أيدي الجماعات التكفيرية؟

من يساعدهم؟ من يوفّر لهم الحاضنة؟ ماذا تفعل القوى النافذة في طرابلس والشمال والبقاع الأوسط والغربي وصولاً الى عرسال؟ هل يجد تيار المستقبل نفسه معنياً بما حصل ويحصل أم ماذا؟

تزداد الريبة عندما يتوقف فرع المعلومات في الأمن الداخلي (لصاحبه تيار المستقبل) عن العمل. لا يجري التحقيقات الواجبة عليه كجهاز أمني رسمي. لا ينشط حيث له حضور وفعالية أكثر. ولا يبدو مهتماً بأمن الناس. ربما هو يركز اهتمامه فقط على جمع المعلومات عن المقاومين.

على أي حال، عوّدت المقاومة جمهورها وخصومها مفاجآت في العمل الأمني. فهل من مفاجأة جديدة بكشف مدبّري عمليات قصف الضاحية بالصواريخ، أو واضعي عبوة بئر العبد، أو منفّذي الهجمات بالعبوات على طرقات الهرمل وبعلبك ومجدل عنجر؟

السابق
تيار المستقبل يتراجع في طرابلس؟
التالي
صواريخ حقيقية في مقابل الرئاسية