حين يقلق المجتمع الدولي علينا

على حين غرّة فاجأنا المجتمع الدولي بإعلان قلقه على حالنا، والذي لا يحسدنا عليه حتى الأعدقاء وبعض من يدرجونهم في خانة الأشقاء.

خير؟ قال إن الفراغ في قيادة الجيش، فضلاً عن "الفراغ الحكومي" الذي وضع البلد في أرجوحة حكومة تصريف أعمال وحكومة ممنوع تأليفها، هذا الفراغ يجعل المجتمع الدولي، حفظه الله من كل فراغ، مؤرقاً تتجاذبه الهواجس، فصار في حاجة الى حبوب منوّمة يصدّرها عادة الى شعوب العالم الثالث، ليستطيع أن يغمض عينيه ولو في نصف إغفاءة.

خبرٌ من هذا النوع، وبهذه الأهمية، لا يمكن تجاوزه. ومن شأنه دفع اللبنانيين، المحظوظين بقياداتهم ومسؤوليهم، ليناموا ملء جفونهم عن شواردها. ومن دون حبة المنوّم الزهرية أو الحنطيّة. ولتسهر أحزاب السلاح الثقيل وتقاتل في حمص وحلب والشام وصيدا وطرابلس، وربما تعمّم "وجودها" النضالي والجهادي على كل الأراضي اللبنانية.

وما همّ جونية من هدير البحر؟ وما همّ لبنان من هدير المدافع ما دام "المجتمع الدولي" قلقاً الى هذا الحد؟

بطيخ يكسّر بعضه…

مَنْ عنده مجتمع دولي يقلق عليه لا يعود يخشى حتى الأسلحة الكيماوية والجرثومية، وتلك التي لا تزال حبيبتي هيروشيما تئنّ من زيارتها الذريّة النووية (ذي بيبي)…

على أن هذه الأنباء القلقة المقلقة لا تسمن ولا تغني من جوع ولا تحبِّل، كما تقول الأمثال. فلطالما سمعنا كلاماً يعجبنا وشفنا أفعالاً تركتنا في حال من الاستعجاب والاستغراب.

إلا أن ما أثار دهشتنا وتساؤلاتنا الغياب التام لصوت "الشرعيّة الدولية"، التي انقطع حسها فجأة فيما تكاد معالم مدينة حمص تمحى من الوجود. صمت مدقع بالنسبة الى المجازر والكوارث والفظائع التي تؤثر حتى في الصخر. لا مَنْ رأى ولا من دري. ولا أثر للكلمات الأرقّ من الحرير التي غالباً ما يلجأ اليها الأمين العام للأمم المتحدة في الأحداث المقلقة لـ"المجتمع الدولي"…

الشباب هنا، في بلد الفراغ والتسيّب والفلتان والانحلال الجماعي لمؤسسات الدولة وكيانها ووجودها، لا يزالون يتزاجلون بكل حيويّة. يوميّاً يتبادلون الاتهامات والشتائم، بلا أي كلل أو ملل.

لبنان محاصر بالفراغ من داخل ومن خارج. ومحاصر بالمخاطر من داخل ومن خارج. وعلى أعين الجميع. ومن زمان، والمجتمع الدولي والشرعية الدولية على علم بما يحصل ويحدث ويحاك. وعند كل العواصم الكبرى والصغرى الخبر اليقين عما يُغزل بالإبرة والصنارة.

فماذا كان ردّ الفعل، وما هي الإجراءات، وأين هي القرارات والتدابير لـ"المجتمع الدولي" و"الشرعية الدولية"؟

إعلان خجول عن القلق. يا ليل يا عين يا مجتمع. ويا بشرى سارة للشعوب والدويلات، وللجيوش والميليشيات والمقاتلين ببسالة الى جانب النظام في سوريا. فناموا على حرير, أو على عكسه.

السابق
نواب دائرة الخطر: نحن كالعصافير
التالي
تيارات “المستقبل”