انتهاء فصل جبهة النصرة: الفتنة بلا معلم

 الخميس 19 حزيران 2013
علي الامين- البلد
سيظل المعبر اللبناني نحو "الاراضي المحررة" في القصير السورية ، وما بعدها وما قبلها، معبرا خلاّقًا لمزيد من التوترات الامنية اللبنانية، وناقلا ملائماً لعدوى المواجهات في سورية الى اكثر من منطقة لبنانية، يبدو المشترك فيما بينها انها مناطق ذات غالبية سنية، ومتعاطفة مع الثورة السورية وداعمة لها كما كان الحال في طرابلس قبل ايام، وامس في صيدا، وحاليا ولاحقا في عرسال. لكن هذه العدوى السورية تقتصر على بعض توترات امنية متنقلة بنكهة استخباراتية صبيانية لن تصل الى حدود فتح بوابة الحرب الاهلية كما كان الحال بين العامين 1975 و1990. اي ذلك المشهد المقيت الذي قامت خلاله خطوط التماس ووفرت القوى الاقليمية والدولية شروط التمويل والتسليح وخطوط امداد التذخير.
من حسن حظ اللبنانيين، رغم تحملهم الصبيانية الامنية والاستخباراتية في يومياتهم، ان القوى المسلحة التي تقاتل حزب الله او المعادية له، لم تجد من يوفر لها سلاحاً ومالاً الى حد ان تصمد او تقاتل حزب الله لمدة زمنية طويلة. القرار الاقليمي والدولي المناهض لحزب الله لا يريد الحرب في لبنان، بمعنى انه لم ولن يسمح بدخول سلاح معادي لحزب الله الى لبنان بالمعنى الفعلي، وهو واقع يؤكده ضبط الحدود البحرية اللبنانية دولياً، بما يمنع انتقال اي سلاح غير شرعي عبرها. وهذا قرار ليس هناز ما يدلل على امكانية تبدله.
اما المخيمات الفلسطينية فهي تنأى بنفسها عن التورط في اي مواجهة مع خارجها، يساعدها على ذلك عدم تدفق السلاح من النظام السوري الى داخلها، وتحذير حزب الله لبعض الاطراف الاسلامية فيها من خطورة تورطها في اي تحرك معاد له، بالتوازي مع شرائه ولاء بعض المجموعات في المخيم. يضاف الى ذلك موقف القيادات الرسمية الفلسطينية المتماسك حتى اليوم وبرعاية اقليمية ودولية، من عدم الانجرار الى اي مواجهات في الداخل اللبناني. ذلك كله جعل المخيمات الفلسطينية خارج الاستعداد اللوجستي او السياسي لأن تكون في خضم معركة مذهبية او طائفية او سورية-لبنانية.
واظهرت مواجهة الامس في صيدا اختبارا على هذا الصعيد. إذ لم تتحرك اي جهة من المخيم دعما للشيخ احمد الاسير، كما كشفت المواجهات ان مدينة صيدا ستكون ساحة اي معركة مقبلة، بحيث بدا ان هناك قدرة لحزب الله وانصاره في المدينة على خوض المواجهة داخلها بخلاف ما كان يروج له بعض مناصري الاسير بانه يمكن ان يجعل صيدا خالية من مقاتلي حزب الله وسراياه. وبرزت للمرة الاولى محلة حارة صيدا في المعادلة العسكرية، بحيث اظهر الضغط العسكري، الذي مارسه مقاتلو حزب الله، انهم قادرون على منع الاسير ومناصريه من السيطرة على الشقتين الشهيرتين لحزب الله في منطقة عبرا.
الى كل ذلك يبقى ان النظام السوري غاضب غضبا شديدا على رئيس الجمهورية ميشال سليمان. فقيام الأخير بواجب الاعتراض الكلامي على انتهاك السيادة اللبنانية وتطلعه الى الامم المتحدة وجامعة الدول العربية في سبيل تسجيل وقائع ما يطال لبنان من عدوان، كان الرد الاولي عليه برسالة تمرد وزير الخارجية بتمنعه عن الاستجابة لتوجيهات سليمان. ولما اصرّ الرئيس على حفظ حق لبنان، ما لبثت ان انفجرت في البقاع الشمالي رسالة و صلت الى قلب العشائر البقاعية. ورغم عدم اتضاح هوية مرتكبي جريمة اغتيال ابن بلدة عرسال علي الحجيري، واغتيال اربعة آخرين ثلاثة منهم من عشيرتي جعفر وامهز، الا ان الاستنفار المذهبي على اشده، وبات مشهد الاستنفار والاستنفار المضاد عنوان البقاع اليوم. وهو استنفار مرشح لان يتطور الى مواجهات يدفع بها أكثر حالات التحريض المذهبي والعشائري المستمرة بين الاهالي، من جهة، واستمرار المواجهات السورية اللبنانية المتداخلة والممتدة من القصير الى الصواريخ التي تتساقط بين الحين والاخر في محيط بعلبك والهرمل.
كان الدخول الى القصير مبرره منع جبهة النصرة من الانتقال الى لبنان وحماية وحدة لبنان، لكن الثابت ان ازمة التوتر العشائري والمذهبي جعلت من جبهة النصرة هامشا في متن الفتنة المستعرة من البقاع الشمالي الى صيدا.

السابق
قتلى وجرحى باشتباكات بين مناصري الاسير وسرايا المقاومة في صيدا
التالي
الجماعة الإسلامية لعبت دورا في إشكال صيدا