اللواء: المشهد المضطرب: إشتباك كلامي بين حزب الله والمستقبل

خلاصة ما قاله الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، أنه باقٍ على أرض المعركة في سوريا. فلا حاجة للتفصيل "فنحن سنكون حيث يجب أن نكون، وما بدأنا بتحمّل مسؤوليته سنواصل تحمّل مسؤوليته". وما لم يقله، انطلاقاً من هذه الخلاصة، أن على اللبنانيين أن يرتبوا أوضاع استقرارهم على هذا الأساس.

وساق السيّد نصر الله، جملة من التوجيهات والنصائح والتحفيزات، سواء في ما يتعلق بالدعوة إلى نبذ الفتنة ككل، لا سيما في منطقة بعلبك – الهرمل، بين عرسال ومحيطها، أو جمهوره الذي أوصاه بضبط النفس وتجنّب الانجرار إلى أي إشكال أو توتّر، أو لما أسماه لكل الموجودين على الأراضي اللبنانية من سوريين وفلسطينيين.

واقتضت المطالعة الخطابية التي قدّمها السيّد نصر الله لتبرير المشاركة الميدانية في الحرب السورية، هجوماً مركّزاً على تيار "المستقبل"، متهماً إياه بأنه "سبقنا إلى هناك مع تيارات كثيرة" رفض أن يسميها، واصفاً دور وحدات الحزب "بأننا نقوم بجزء من المسؤولية في مواجهة المشروع الكوني الأميركي – الاسرائيلي – التكفيري، الذي يريد إسقاط المنطقة وليس فقط سوريا".

ووصف قرار التدخّل بأنه جاء متأخراً "فنحن آخر المتدخّلين في سوريا"، واصفاً مشاركة الحزب بأنها كانت مجدية "فنحن لم نختبئ وراء أصبعنا، وأعلنا ذلك بكل صراحة، فنحن لا نرسل شبابنا إلى سوريا ونقول أننا نوزع بطانيات وحليب، وإذا قُتلوا ندفنهم في سوريا ونسكت أهلهم في لبنان".

ولم يتأخر ردّ رئيس تيار "المستقبل" الرئيس سعد الحريري، الذي وصف ادعاء السيّد نصر الله بأن "التيار يرسل المقاتلين ويدفن القتلى في الأراضي السورية، بأن أقل ما يمكن أن يُقال في هذا الكلام بأنه كلام من إنتاج مخيلة السيّد نصر الله، ولا مكان له على الإطلاق في مراتب الصدق والحقيقة".
واعتبر الحريري أن رمي نصر الله التهم جزافاً يندرج في إطار البحث عن شركاء له في الجرائم التي تستهدف الشعب السوري.

وخاطب الأمين العام لحزب الله قائلاً: "حرام توريط لبنان وتعريض مصالح أبنائه للخطر، وحرام الاصرار على مسار مجهول نهايته الخراب، ومع ذلك تريد حكومة فيها ثلث معطّل، وتريد من سائر اللبنانيين أن يرتاحوا لقرارك مواصلة حرب الدفاع عن نظام بشار الأسد"؟!

هذا هو المشهد، أما الباقي، من طعن أمام المجلس الدستوري، أو مصير الانتخابات النيابية، أو تأليف الحكومة والنقد ومجالات العمل والاستثمار وعمل المؤسسات وبناء الدولة فهو ليس على جدول الأعمال.

ومع أن الرئيس الحريري والسيّد نصر الله في المواجهة الكلامية كلاهما يتصرّف على قاعدة درء الفتنة، فإن الموقف على الأرض لم يكن يوحي بأقل من تصاعد المخاوف من توترات من شأنها أن تخلط الأوراق، وتمهّد الأجواء لانفجار لطالما بقي لبنان بمنأى عنه، منذ اندلاع ثورات الربيع العربي نهاية العام 2010، الأمر الذي دفع قائد الجيش العماد جان قهوجي إلى دعوة العسكريين "للبقاء في أقصى درجات اليقظة والجهوزية لقطع دابر الفتنة البغيضة، مشيراً إلى أن تماسك الجيش وصموده امام التحديات والاخطار، هو الضمانة الاكيدة لعدم عودة عقارب الساعة إلى الوراء، وإدخال لبنان مجدداً في أتون الصراعات الدولية والاقليمية، داعياً الوحدات العسكرية إلى عدم التهاون مع أي اعتداء يطال أرواح المواطنين وممتلكاتهم، والتدخل الفوري لحسم الإشكالات الأمنية وتوقيف المتورطين فيها".

والدليل على تصاعد هذه المخاوف، هو تجدد القصف الصاروخي على بعلبك من الجانب السوري، حيث افيد عن سقوط 9 صواريخ على منطقة الكيال على دفعتين، كانت حصيلتها إصابة شخصين بجروح.

وأفادت "الوكالة الوطنية للاعلام" الرسمية، أن الصواريخ تساقطت على منطقة الكيال، مفرق عدوس، البساتين قرب مدرسة مادي كولدج، وقرب منزل الأسير المحرر سليمان رمضان، حيث اصيبت ابنته منال رمضان، وقرب منزل الشيخ حسن شمص.

الشكوى اللبنانية
في غضون ذلك، كان لافتاً للانتباه، أن وزارة الخارجية لم تتحرك لتلبي الطلب الرئاسي بتقديم شكوى إلى الجامعة العربية والأمم المتحدة بخصوص الخروقات السورية، وغاب الوزير عدنان منصور عن السمع في هذا المجال، في حين اكتفت دوائر الوزارة بالقول انها ما زالت في طور اعداد الصيغة الملائمة للمذكرة التي سترسل إلى الجامعة من دون ان يُحدّد شكلها، وما إذا كانت احتجاجية أم مجرد إبلاغ او شكوى.

ولوحظ أن الطلب الرئاسي، قوبل بشن حملة على الرئيس ميشال سليمان من قبل فريق 8 آذار الذي اتهمته قياداتها بالانحياز، مشيرة إلى أن رئيس الجمهورية يقف منذ مُـدّة طرفاً، وهو يرسل رسالة حسن سلوك إلى الأميركيين، معتبرة أن مواقفه الأخيرة لا تخدم البلد.

وأكدت مصادر هذا الفريق أن الرئيس نبيه برّي وحزب الله ومعهما قوى 8 آذار لن يسمحوا بتضرر العلاقة مع سوريا وسيتصدون لأي محاولة من هذا النوع.

في المقابل، أكدت مصادر قوى 14 آذار، أن المذكرة التي تنوي تسليمها إلى الرئيس سليمان، قد انجزت في مسودتها الأخيرة، في الاجتماع الذي عقدته قيادات هذا الفريق في بيت الوسط مساء أمس الأوّل، مشيرة إلى أن المسودة تدور حالياً على نواب 14 آذار لتوقيعها قبل رفعها إلى رئيس الجمهورية مطلع الأسبوع المقبل.

وتقع المذكرة في ثلاث صفحات وربع الصفحة، مع مقدمة تتناول الوضع الداخلي الصعب والمخاطر التي تواجه النظام الديمقراطي، وسقوط سياسة النأي بالنفس وإعلان بعبدا بعد تدخل "حزب الله" في الحرب السورية على مرأى ومسمع من الدولة اللبنانية.

وتطالب المذكرة، كما بات معروفاً، بانسحاب "حزب الله" فوراً وبشكل كامل من الداخل السوري، وانتشار الجيش اللبناني على كامل الحدود اللبنانية مع سوريا، والاستعانة بقوات اليونيفل بضبط هذه الحدود، والعمل على تشكيل حكومة إنقاذ وطني بأسرع وقت ممكن للحفاظ على سيادة لبنان واستقلاله، وذلك وفق مواصفات ومعايير الرئيس المكلف تمام سلام.

وفي هذا الإطار، اعتبر عضو كتلة "المستقبل" النائب عمار حوري لـ?"اللواء" أن أوّل عنوان لوأد الفتنة التي تحدث عنها السيّد نصرالله في خطابه بـ?"يوم الجريح" يكون بسحب مقاتليه من سوريا.

المجلس الدستوري
وفي مجال آخر، لكنه متصل بالتجاذب السياسي الحاصل، كشفت معلومات خاصة بـ?"اللواء" عن اتصالات حثيثة تجري مع أعضاء المجلس الدستوري الثلاثة الذين تغيبوا عن جلساته هذا الأسبوع لاقناعهم بالحضور في الجلسة المقررة يوم الثلاثاء المقبل، لكن هذه الاتصالات لم تسفر عن نتيجة إيجابية.

الا أن مصادر مطلعة لم تستبعد احتمال الوصول إلى نوع من المقايضة بين النائب العماد ميشال عون وحزب الله عنوانها توفير الظروف المناسبة لانعقاد الجلسة الثلاثاء، وبالتالي تمرير الطعن الذي تقدّم به نوابه ضد قانون التمديد لمجلس النواب، مقابل الدعم العلني الذي أعلنه عون لحزب الله، أمس، في حربه داخل سوريا.

واستندت هذه المصادر إلى الكلام الذي قاله عون خلال إطلاق مشروع بعبدات – ترشيش، والذي تراجع فيه عن موقفه السابق بمعارضة تدخل "حزب الله" في سوريا، إذ أكّد أن "حزب الله منع انتقال المعركة في سوريا إلى لبنان" وأن "ما حصل في البقاع جعل الحزب ينقل الحرب إلى حيث بدأت"، مشيراً إلى أن "من يتهم الحزب اليوم بالتدخل في سوريا هو نفسه من كان يحمي المسلحين ويؤمن لهم ما يؤمن".
وقال: "انا من ناحية المبدأ ضد التدخل في سوريا، ولكني لا استطيع أن أكون ضد من يصد الحرب على حدودي ويمنعها من الدخول إلى بلدي".

لكن المصادر لفتت إلى أن المجلس الدستوري لن يتمكن من قبول الطعن لوجود إرادة سياسية عند فريق 8 آذار بالتضامن مع النائب وليد جنبلاط، بعد إخلال الفريق

السني، ممثلاً بتيار المستقبل وحلفائه المسيحيين بدعمهم للتمديد، بعدم السير في جلسة الدستوري حتى آخر جلسة له في 19 حزيران، والتي ستليها جلسة لمجلس النواب سيدعو إليها رئيسه في العشرين من الشهر الحالي لتأمين التمديد لولاية المجلس 17 شهراً.

الحكومة
أما على الصعيد الحكومي، فقد لفت الانتباه، زيارة قام بها الوزير وائل أبو فاعور للرئيس المكلف تمام سلام، جاءت بعد 24ساعة من زيارة النائب جنبلاط للمصيطبة، حيث استكمل البحث في المواضيع التي عرضها جنبلاط وما يتصل تحديداً بالملف الحكومي.
ولاحظت مصادر مواكبة للملف أن حركة زيارات جنبلاط وأبو فاعور غير منفصلة عن الجهود المبذولة على خط تأليف الحكومة، سيما بعد فتح قنوات الاتصال بين الزعيم الاشتراكي وقطبي الثنائية الشيعية: حزب الله وحركة أمل، متوقعة تسارع وتيرة الاتصالات اعتباراً من الثلاثاء المقبل.

ونفت المصادر ما تردد عن توجيه "حزب الله" تحذيراً للرئيس سلام بتشكيل حكومة أمر واقع، وقالت إن سلام ما زال في طور التشاور مع القوى السياسية لتشكيل الحكومة ولم يتخذ قراراً بعد، مشيرة إلى أن الجميع ينتظرون قرار "الدستوري" بمن فيهم الرئيس سلام، ليتخذ القرار في ضوء استطلاع رأي الأفرقاء.  

السابق
الأنوار : نصرالله : سنكون حيث يجب ان نكون
التالي
الأخبار: سليمان يهدد بحكومة أمر واقع