الشرق: سليمان فاتح الحزب بتداعيات انخراطه في القصير

بين صواريخ الهرمل السورية وتطيير نصاب المجلس الدستوري لمنع اصدار قراره في الطعن بالتمديد لولاية المجلس النيابي 17 شهرا، توزعت الاهتمامات اللبنانية مناصفة، ذلك ان الدلالات السياسية التي حملها نبأ عدم اكتمال نصاب "الدستوري" كمخرج لوقف السير بالطعنين المقدمين من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وتكتل التغيير والاصلاح، بالغة الاهمية سيما انها تضع مصير العلاقات بين اكثر من فريق سياسي على المحك، وقد اتخذ سيناريو "المخرج" طابعاً طائفياً، باعتبار ان المتغيبين عن اجتماع الدستوري ينتمون الى طوائف معينة، بعدما تبين ان الطعن شق طريقه في ضوء موافقة الاعضاء المسيحيين الخمسة والعضويين السنيين.

وازاء هذا الواقع، نقلت وكالة الأنباء المركزية عن مصادر وصفتها بـ"المواكبة" اعتقادها "ان من لم يحضر جلسة المجلس الدستوري أمس سيتغيب عنها حكما اليوم والى حين انقضاء موعد الانتخابات المفترض في 16 الجاري أي يوم الاحد المقبل وبعده في 20 مع انتهاء ولاية المجلس الحالي ليصبح التمديد واقعا لا محالة والطعنان من دون افق. واعتبرت ان ما جرى سيترك اثارا بالغة على العلاقات بين مكونات قوى 8 اذار خصوصا رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب ميشال عون كما بين رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط وسائر المكونات، باعتبار ان بري وجنبلاط هما مهندسا التمديد ومخططا سيناريو "تطيير النصاب".

أضافت: المصادر ان صفقة التمديد جاءت بمباركة سنية – شيعية – درزية انضم اليها المكون المسيحي في شكل خجول واضعا نفسه خارج اطار المشهد التمديدي الذي رفضه الرئيس سليمان وطعن فيه كما العماد عون وتكتله.

وفي هذا المجال، نقلت "المركزية" عن مصادر بارزة في قوى 8 اذار ان لا شيء يوحي بامكان الوصول الى مخرج يرضي الجميع في ملف الطعن في التمديد، متوقعة المواجهة، ولم تخف المصادر ارتفاع منسوب التوتر بين حزب الله والرئيس سليمان بفعل مواقفه الاخيرة الا انها اوضحت ان لا مصلحة للحزب في مقاطعة الرئيس.

الى ذلك، لم تحرز التحقيقات في ملف قتل رئيس الهيئة الطالبية في تيار "الانتماء اللبناني" هاشم السلمان امام السفارة الايرانية في بئر حسن أي تقدم ولم يتم توقيف أي شخص، علماً ان النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان فتحت تحقيقا في الحادث. وبعد لقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان امس مع سفير ايران غضنفر ركن ابادي الذي تركز على الحادثة وضرورة تعاون السفارة مع الاجهزة الامنية للمساعدة في التحقيق زار أمس رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد قصر بعبدا وبحث والرئيس سليمان في الاوضاع السياسية والامنية وحادثة السفارة والوضع السوري.

وذكرت المصادر ان أجواء المصارحة والمكاشفة خيمت على اللقاء وفاتح الرئيس سليمان رعد بمختلف المواضيع التي تعني حزب الله بدءا من اعلان بعبدا وضرورة التقيد بمضمونه الموقع من جانب الحزب، مرورا بسياسة الحياد والنأي بالنفس التي تلتزمها الحكومة ويشكل الحزب احد ابرز مكوناتها اضافة الى الانخراط في الصراع السوري لا سيما بعد سقوط القصير وما خلفه من تداعيات في الشارع اللبناني والتوترات الامنية المستمرة حتى الساعة.

وفي انتظار المواقف المرتقب ان يطلقها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في اطلالته بعد ظهر الجمعة في ذكرى "يوم الجريح المقاوم" حيث توقعت اوساط قريبة من الحزب ان تشكل مواقفه استكمالا لخطاباته الاخيرة متضمنة اضاءات وردودا على الحملات التي يتعرض لها الحزب، فان مصادر مطلعة اوضحت ان قرار الحزب المبدئي لجهة مساندة النظام في سوريا غير قابل للمساومة او التفاوض لكن الحزب يتعامل مع الموقف حسب التطورات.

وليس بعيدا، استهجنت مصادر في قوى 14 اذار عدم توقيف اي من المتورطين في حادثة السفارة الايرانية وقالت لـ"المركزية" ان مسلسل الخروج على القانون والاستهتار بمنطق الدولة بات ملازما لممارسات وتصرفات حزب الله الذي يضع قمصانه السود وعصيه خارج اطار القانون باعتبار أصحابها من "أشرف الناس" في حين ان سائر المواطنين اللبنانيين ليسوا ضمن هذه الخانة. واكدت ان الحزب وكما العادة اتخذ احتياطاته وكل الاجراءات الضرورية لاخفاء معالم الجريمة من خلال مصادرة كاميرات المراقبة قرب موقع الحدث.

واعتبرت ان ممارسات الحزب التي ألِفها اللبنانيون لم تعد تفاجئ احدا خصوصا بعد التورط الفاضح في الصراع السوري وقتل السوريين المناشدين للحرية والديموقراطية، الا ان هذا الانخراط ليس سوى بداية مسار تفكك الحزب واضمحلاله، لان اللعبة الدولية في سوريا اكبر من محاولة حجز مقعد لايران في المفاوضات الجارية على المستوى الروسي – الاميركي، بعدما حول نفسه الى فصيل في الحرس الثوري الايراني وفقد صورته المقاومة محليا وعربيا. واكدت ان المشاركة في المعارك السورية هي لضمان خاصرة الحزب وحاجته لتسجيل انتصار يعزز موقعه.

أما الصواريخ السورية التي تساقطت اعتبارا من ساعات بعد الظهر على عدد من البلدات والقرى في الهرمل وبلغ عددها تسعة، فأدت الى سقوط قتيل يدعى علي احمد الحجيري جراء اصابته بشظايا صاروخ في حين اصيب آخرون بجروح، ما ادى الى حال توتر في المنطقة نتجت عنه روايات متضاربة عن اعتراض سيارات مسلحة لبعض الاشخاص وخطف آخرين، وتحدث نائب رئيس بلدية عرسال احمد الفليطي عن كمين نصب لـ"الحجيري" متهما حزب الله بالوقوف خلفه.

وفي المقلب الآخر من الساحة الداخلية، استعادت الهيئات الإقتصادية مشهد لقاءاتها الموسعة الطارئة تحذيراً من التدهور الإقتصادي القائم، فأطلقت امس من مجمّع "بيال" بداية تحركها التحذيري، على أن تليه سلسلة من التحركات التصعيدية "إذ لا يمكن ان نستمر في تلقي الضربات، في حين يُطلب منا القيام بواجباتنا وكأن البلد والاقتصاد بألف خير" كما جاء في بيانها الختامي، ودعت رئيس الجمهورية الى "العمل على إنتاج "إعلان بعبدا اقتصادي" يحيّد الاقتصاد ويدعّمه على اساس معادلة: الانتاجية والتنافسية والعدالة الاجتماعية". وأبدت إصرارها على تنفيذ خطوات إنقاذية "أهمها تشكيل حكومة متجانسة وفاعلة وقادرة، لإنعاش الاقتصاد وتحقيق آمال اللبنانيين"، مناشدة سليمان "السعي لدى الافرقاء السياسيين الى تجديد الالتزام بمبادىء "إعلان بعبدا" وروحيّته لناحية تشجيع الحوار والتهدئة الأمنية والسياسية خصوصاً الإعلامية، والتوافق على ثوابت وقواسم مشتركة، اضافة الى تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليمية…".   

السابق
اللواء: سلام يستأنف مشاوراته سريعاً حول الحكومة
التالي
البناء: صراع نفوذ للسيطرة على الطريق الجديدة وتحركات مشبوهة