عيد التحرير: من إسرائيل إلى سلاح الغدر

يقال ان اليوم "عيد التحرير"، وان ثمة من سيحتفل به، وثمة من سيطلع علينا بخطاب "ناري ومزلزل" متحديا كل الناس دفعة واحدة. ويقال ان اليوم هو يوم فرح بانسحاب الاحتلال الاسرائيلي من لبنان، وانتصار ما يسمى "مقاومة". ويقال انه يوم فرح لبناني شامل.

كان يمكن ان يكون هذا اليوم يوم فرح لنا جميعا بصرف النظر عن الجهة التي بفضلها تحقق الانسحاب الاسرائيلي في ايار ٢٠٠٠. لكن الظروف تغيّرت كثيرا بين زمن التحرر من الاحتلال الاسرائيلي وزمن الوقوع تحت احتلال "حزب الله". نعم لبنان تحت احتلال جديد. دعونا نقلع عن التكاذب اللبناني التقليدي، ولنقل الامور كما هي: ان "حزب الله" هو قوة احتلال ايا تكن هوية قواعده او مسلحيه. وهو قوة غازية في سوريا لا تختلف ابدا عن الاسرائيلي. فالاسوأ من احتلال غريب هو احتلال قريب! هذا هو رأي ملايين اللبنانيين الذين وصل بهم الامر ان يعتبروا من كان "شريكا" في الوطن، غازيا ومحتلا وقاتلا وظالما. فمن قتل القادة الاستقلاليين، من رفيق الحريري الى وسام الحسن… ومن غزو المدن والقرى والمناطق تارة بالسلاح وطورا بالتمدد العقاري والديموغرافي الامني – العسكري، الى السطو على المؤسسات المدنية بدءا من الحكومة وانتهاء بالمؤسسات الأمنية والعسكرية، تترسخ في اذهان ملايين اللبنانيين هذه الصورة السيئة لـ"شريك" في الوطن اماط اللثام عن وجهه الحقيقي ميليشيويا فاشيستيا عنيفا وفاسدا. من هنا السؤال الدائم على ألسنة الناس: إلامَ نستمر في هذا النوع من التعايش؟ وهل يبقى ملايين اللبنانيين في موقف استسلامي ازاء هذا النوع الاسوأ من الاحتلالات… احتلال القريب؟

نقول هذا و"حزب الله" الغارق حتى اذنيه بدماء السوريين اليوم، واللبنانيين حتى الامس القريب، يهم بتنظيم احتفاله بـ"عيد التحرير". ونقول اننا فوق كل الآلام نحتفل نحن على طريقتنا بهذا العيد. لكننا ما عدنا نحتفل او حتى نعترف بان ثمة "مقاومة" باقية. هذه ليست مقاومة. انتهت المقاومة وصارت ميليشيا غزوات واحتلال في لبنان وفي سوريا، بل وميليشيا صانعة للفتن.

ما تقدم هو ما تقوله غالبية اللبنانيين… فدعونا من كذب التهانئ الملفقة والخبيثة. وليكن الرافضون للاحتلال الجديد شجعان في مقاومتهم للظلم وللاستكبار. ان الحقيقة يجب ان تقال على الملأ، لان التكاذب والتخاذل والاستسلام أدت بنا الى ما نحن فيه من وهن وانهيار.

صحيح ان "الاحتلال الجديد" قوي بالمعايير المادية لكنه ضعيف برفض الناس له. ولن يستقيم الوضع قبل ان تقوم مقاومة حقيقية رافضة له، لا تخاف قول الحقيقة وتجاهر بحقيقة موقفها، وتسحب شرعية "سلاح الغدر" والغادرين. عند ذلك فقط نحتفل باكثر من "تحرير".

السابق
قراءة متأخّرة لحروب حزب الله
التالي
إده: المختلط أسوأ من الستين