سليمان وسلام: وحكومة الإنقاذ

بقدر ما يدرك الافرقاء اخطاء واخطار ومضاعفات استمرارهم في تعميق خلافاتهم السياسية، وبقدر ما يدركون تداعيات الحرائق الاقليمية التي تلفح حدود وطنهم ودواخله بشظاياها، وبقدر ما يمارسون احكام الدستور ويحافظون على صيغة العيش المشترك من الانشقاق المذهبي والطائفي والانفصال المناطقي، ساعتئذ يتحول هذا الادراك الى الشعور بالمسؤولية الوطنية للعمل على تجنيب لبنان اثقال وتداعيات هذه الاخطار والأخطاء، فيتحاورون بلغة التفاهم والتقارب في المواقف، والتقريب بين الطروحات المتباعدة حول القضية المركزية المتمثلة اليوم في التأليف الحكومي والقانون الانتخابي واجراء الانتخابات في موعدها، حيث لم يتوصل الافرقاء الى مؤشرات ورؤى مشتركة تحمل التوافق على التشكيلة الوزارية وتوزيع الحقائب، وعلى مندرجات البيان الحكومي المنتظر لنيل ثقة البرلمان.
وبتأخير التأليف الحكومي للانتخابات، يصبح لبنان بين حكومة لتصريف الاعمال، وبين حكومة لتخلفها ممنوعة من الولادة في مناخ الانقسامات الحادة، وكأن كل طرف يسعى لتكون الحكومة الجديدة تحت كنفه السياسي ووفقاً لنفوذه المناطقي وحجم مصالحه، من دون النظر الى عواقب هذا النهج في التفكير السياسي وبعده الامني.
وكان لافتاً بالضرر والاستئثار ان اطرافاً توجه سهامها الاعلامية والسياسية ضد المنحى الدستوري والمسعى الوفاقي اللذين يقوم بهما رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والرئيس المكلف تمام سلام بحسب الصلاحيات الدستورية لكل منهما بغية التسريع في تأليف الحكومة للإشراف على الانتخابات، ما يعني ان الحملة المبرمجة على نهج الرئيسين سليمان وسلام تصب في خانة التعجيز والتأخير لهذا التأليف، وانعكاس ذلك سلباً على الانتخابات قانوناً واجراءً.
والى جانب المأزق الحكومي بكل تلاوينه الطائفية والمذهبية والمناطقية، فإن لبنان محاط ومهدّد يومياً بالأخطار الاسرائيلية وإرتجاجات الزلازل الاقليمية، وهذا ما يستدعي من الجميع استبصار ذلك، والتحوط منه بإقفال منافذه الداخلية والحدودية، وتسهيل تشكيل الحكومة والإلتفات الى خطورة تذويب لبنان في خارطة التوطين الفلسطيني كجزء من تقسيم المنطقة الى دويلات عرقية ومذهبية للصالح العدو الاسرائيلي، لان الانشغال بالنفوذ الذاتي والمصلحة الخاصة لكل طرف، يأتي لحساب هذا التذويب والتقسم وعلى حساب وحدة لبنان: ارضاً وشعباً ومؤسسات. في زمن التلاعب الدولي بالكيانات السياسية والجغرافية والثوابت التاريخية والسيادة السياسية لدول المنطقة.

السابق
الأردن: نرفض اي تدخل عسكري في سورية
التالي
استمرار توافد النازحين إلى منطقة العرقوب