خيار القانون المختلط أو الفراغ

هل تحرك قطار البحث في قانون الانتخاب أم اننا نطبق في قطار متوقف أسلوب الزعيم السوفياتي بريجنيف وخلاصته: إسدال الستائر والتصرف كأن القطار يسير؟ هل يساعدنا سيف الوقت المصلت فوقنا في تبريد الرؤوس الحامية أم أن هدر الوقت هو الرياضة السياسية التي مارسناها ولا نزال في ماراتون الهرب من الانتخابات إن لم تكن نتائجها مضمونة سلفاً؟ وهل التعطيل المتبادل بين الزعامات المطلوب منها في عواصم العالم أن تجعل القانون والانتخابات صناعة لبنانية هو المعيار في ممارسة الاستعادة لحرية الخيار والقرار، بعد سنوات من التسهيل المتبادل بقوة الوصي الذي كان يفرض الموافقة على قانون الانتخاب في جلسة واحدة؟

لجنة التواصل النيابية تعاود الشغل، ولكن تحت سقف الحيرة بين الشك واليقين. فهي تعطي نفسها مهلة أيام لامتحان النيات، بحيث تقرر في ضوء ما تكتشفه استمرار العمل لانتاج صيغة توافقية أو التوقف عن لعبة محكومة بأن تبقى تمارين في العبث. لا هي تبدأ من الصفر. ولا ما تراكم في النقاشات السابقة يكفي للخروج من الطريق المسدود بحواجز المصالح الضيقة، إن لم يكن بالرهان على الحسابات الواسعة في صراع المحاور الإقليمية والدولية.
لكن المفتاح هو فك الألغاز في المواقف بين التعثر والتعذر بالنسبة الى التفاهم على قانون الانتخاب وإجراء الانتخابات. فالتعثر من طبائع الأمور في الخلافات، وله مخارج وحلول. والتعذر قرار كبير في خدمة أجندة خطيرة، يصطنع ظروفاً قاهرة غير قائمة ولا واقعية للبقاء بلا انتخابات، وليس له حلّ ولا يفيد فيه النقاش مهما طال.
والباب الذي يعمل فيه المفتاح صار محدداً. وحين يكون الخيار محدوداً وضيّقاً، فان اتخاذ القرار سهل كما كان يقول رئيس وزراء سابق في الهند. ذلك ان قانون الدولة معطل التنفيذ وميت سياسياً حسب خطاب كثيرين. ومشروع اللقاء الأرثوذكسي معلق باتفاق في بكركي. ومشروع القانون الذي أرسلته الحكومة الى المجلس حسب النظام النسبي تنكّر له عدد من أصحابه ولم يأخذ مكاناً على جدول الأعمال، والباقي الوحيد، بعد اعتراضات ومواقف حادة تراجع التمسك بها بعد الهزّة التي أحدثها خلط الأوراق حيال مشروع اللقاء الأرثوذكسي، هو المشاريع المتعددة للقانون المختلط النسبي والأكثري.
وليس من الصعب التفاهم على صيغة معقولة للقانون المختلط. فهو الخيار الوحيد على الطريق الى إجراء الانتخابات. واستمرار الخلاف حوله يعني ان القرار الحقيقي هو الهرب منها الى الفراغ بكل مخاطره المعروفة والمجهولة. وليس التمديد السياسي للمجلس واستمرار الخلاف على تأليف الحكومة سوى اسم مستعار للفراغ ومحاولة لملئه بالفشل.

السابق
بين القصر والقصير
التالي
واشنطن ـ سوريا: الخيارات الأقل ســوءاً