الى حزب الله: الثالثـة ثابتة

يرى مرجع رئاسي سابق أن المرحلة التي يمر بها لبنان «من أخطر المراحل في تاريخه، لأنها تعيد رسم مستقبل الكيان والشعب ومعالم ما بقي من الدولة، في ظل ما يحصل في المنطقة، لا سيما في سوريا، في ظل هجمة سلفية تكفيرية تهدد بإطاحة كل أسـس النظام اللبناني، وأيضا في ظل انعدام المسؤولية الوطنية بسبب بحث أهل السياسة عن مصالح سياسية وطائفية ومناطقية ومادية، وترك القضايا الجوهرية مثل قانون الانتخابات وتشكيل الحكومات للمجهول».

ويستند المرجع ذاته الى مجموعة عوامل، أولها وأهمها الوضع السوري، الذي ينعكس على لبنان بكل تفاصيله السياسية والأمنية والاقتصادية، وينبه من استمرار رهان الكثير من القوى على متغير كبير في سوريا يفيدها في معاركها الداخلية (اللبنانية)، ولكن المرجع ـ الصديق للمقاومة والذي على اتصال أسبوعي بالقيادة السورية ـ «يُطمئن» بأن النظام السوري يستعيد زمام المبادرة الميدانية في الكثير من المناطق، على خلاف ما تروّج له بعض وسائل الإعلام المحسوبة على المعارضين السوريين.

ويؤكد حصول تغيير نوعي في طريقة قتال الجيش السوري ونوعية الأسلحة التي يستعملها، ويقول «هناك نهر بشري من المسلحين غير السوريين يتدفق الى سوريا يوميا من دول أوروبية وعربية وإسلامية تريد التخلص من هذه المجموعات المسلحة الموجودة في أرضها، لذلك تسهّل انتقالها الى سوريا وتمدها المال والسلاح، وهذا ما يطيل أمد المعارك في سوريا».

ويعتقد المرجع ان ما يجري في لبنان لا يتناسب مطلقا مع طبيعة المخاطر التي تتهدده من جراء خطورة الوضع الإقليمي، وان المفاوضات والتسويات والصفقات الجاري البحث عنها، لن تنتج مخارج نهائية للأزمة اللبنانية، خاصة مع اعتماد مشاريع قوانين انتخابية مذهبية وطائفية، تارة باسم «الأرثوذكسي» وتارة اخرى باسم القانون المختلط وتارة ثالثة باسم «قانون الستين»، وكلها تعيد إنتاج الطبقة الساسية ذاتها التي تتسبب بالأزمات، بل الأخطر انها قد تعيد إنتاج أكثرية من «قوى 14 آذار» وما تسمى فئة «الوسطيين»، وهي مجموعة سياسية لم تتخل حتى الآن عن مشروعها الأصلي وهو تطويق المقاومة ومحاولة محاصرة سلاحها، وإدخالها في المسار الاقليمي السائد، وبناء الدولة التي تريد على قياسها، عدا أنها لا تؤمّن صحة التمثيل المسيحي كما يقولون.

ويرى المرجع الذي أطلع «حزب الله» على موقفه أن لا حل إلا باعتماد قانون انتخاب على أساس الدائرة الواحدة والنسبية، بينما يمكن اعتماد القوانين الطائفية في انتخاب مجلس الشيوخ المنصوص عنه في اتفاق الطائف.

وينبه المرجع «حزب الله» من أنه اذا بقي سائرا في بازار التسويات القائمة حاليا، فسيعيد تجربة «التحالف الرباعي» في انتخابات الالفين وخمسة، وتجربة انتخابات العام 2009 التي جرت وفق قانون الدوحة وأنتجت أكثرية لـ«قوى 14 آذار»، ما يعني ان التجربة الثالثة اذا مرت بقانون لا يؤمن أكثرية نيابية للخط الوطني والعروبي أو على الأقل اذا لم يؤمن توازنا دقيقا للقوى، فستتسبب بخسارة سياسية كبيرة للحزب قد لا يقوم منها سالما هذه المرة، خاصة اذا اشتدت الضغوط الاميركية والدولية والعربية على الحزب وسوريا وايران.

ويرى المرجع ان إنتاج الأكثرية الحالية من «14 آذار» و«الوسطيين» لن يسمح للتيارات السياسية الوطنية الإصلاحية بأن تتمثل في المجلس والحكومة بما يتيح لها إجراء الإصلاح المنشود، ما يفترض ان تضع قوى المقاومة وحلفاؤها برنامج عمل مختلفاً عن الحالي، وتوقف لعبة التسويات التي كانت كلها على حسابها حتى الآن، لان المعركة الجارية في المنطقة تستهدف رأس هذه القوى، ما يعني وجوب اعتمادها أداءً آخر أكثر صلابة.

ويؤكد المرجع ان الحل في سوريا لن يكون إلا سياسياً، وربما تبدأ مؤشراته بالظهور خلال الاشهر القليلة المقبلة، وبناءً على ما سيكون عليه هذا الحل يمكن تصور مستقبل الوضع اللبناني، لذلك ينصح المرجع «حزب الله» وحلفاءه بالتروي في اتخاذ الخيارات وفق التسويات المحكي عنها حالياً.

السابق
زمن التحريم والخطوط الحُمر
التالي
رؤية المجتمع ومشكلاته