رسالة مفتوحة الى سماحة مفتي

سماحة المفتي،

اسمح لنا أولاً أن نعرّفك بأنفسنا…
نحن مجموعة من الشباب، نؤمن بالله الواحد الأحد، خالق السموات والارض، الرحمن الرحيم الذي لا يضنّ بعطفه ومحبته على خلقه، بصرف النظر عن المشارب والمذاهب والمعتقدات… ونحن، يا سماحة المفتي، نعلم من استقرائنا للتاريخ ان الانسان لم يعِ وحدة الله إلا حين ارتقى من سويّة الحزبيات الدينية المتناحرة الى سوية الوحدة الاجتماعية البناءة التي لا تقبل التفرقة مهما كانت الاسباب! وعلمنا هذا يستند الى البحوث التاريخية والانثربولوجية كما الى النصوص الدينية. فالقرآن الكريم، لم ينهِ عن التشرذم فحسب، بل جعله بمنزلة الشرك بالله، في الآية القائلة:
ولا تكونوا من المُشركين(31) من الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون(32) الروم
يا سماحة المفتي، نحن مجموعة من الشبان والشابات ترى في وحدة المجتمع الذي نحيا فيه انعكاساً لوحدة الخالق الحي القيوم، فيما نرى الفتنة والتشرذم – وهما أشد من القتل – جحوداً وكفراً بما أنعم الله علينا من وحدة اجتماعية تشرّف الحياة التي خلقها "كنفسٍ واحدة". ألسنا جميعاً من خلقه؟ ألم ينفح فينا الحياة على السواء؟ إذا كنا متفقين على ذلك، فبأي حق نفرز ونقسّم ما خلقه الله الواحد على صورته البهية؟ أبذلك يكون الايمان؟ يا سماحة المفتي، لقد تابعنا بقلق حديثكم في الثامن والعشرين من كانون الثاني، حين جعلتم من دار الفتوى صرحاً تقومون فيه بالحشر والحساب نيابة عن الله عز وجل… وقلقنا لا ينبع من خوفنا من الردة التي أنزلتموها على كل من يدعم الزواج المدني في لبنان، فإيماننا بالله ثابت لا يتزعزع، ويقيننا ان الله لا يفرّق بين عباده (مسلمين وكتابيين)، ولو أجمع العلماء جميعاً على غير ذلك: أتّبعوا ما أُنزل اليكم من ربكم ولا تتَّبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكَّرون(3) الاعراف
نعم يا سماحة المفتي، نحن لا نخشى حكم الله فينا، إلا ان ما أقلقنا هو مخالفتكم لنص قرآني صريح يُلزم المؤمن (والعالِم بالدين من باب أولى) باتّباع ما يراه واجباً، دون قرضه على الغير: واتَّبع ما يُوحى اليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين(109) يونس
يا سماحة المفتي، أليس السلم أن نتحلى بالحلم والروية قبل إصدار الأحكام، سيما اننا متفقون ان الديّان واحد، ولا ينوب عنه في ذلك أي من خلقه؟
لك منا التحية والاحترام
وكامل المحبة النابعة من الايمان

السابق
نجوم واعلاميون والزواج المدني
التالي
شمعة.. قتلت 6 من أسرة واحدة في غزة