أوباما الرابع والأربعون

أقسم الرئيس الأميركي الرابع والأربعون اليمين الدستورية، أمس، لتسلم ولايته الثانية بعدما سبقه إليها ستة توالوا على البيت الأبيض بهذه الصفة، وسط احتفال حاشد من رؤساء وملوك وفاعليات شعبية مقدراً لمواطنيه ثقتهم به، وهو الآتي من بلد افريقي وأصل إسلامي، لكنه، كما اكد، ملتزم بالحفاظ على الدستور وحمايته والعمل على إنقاذ الاقتصاد من أزمة ما زالت غير قريبة من اتفاق الجمهوريين والديمقراطيين ومجلس الشيوخ، إذ تمت الموافقة على خطة اقترحها، وشدّد عليها لمدة شهرين فقط.
ولم يتطرق أوباما لتفاصيل سياسته بالنسبة للمتغيرات في المنطقة والعالم، وما سيكون عليه برنامجه بشكل واضح لتنفيذ تعهده بحل الدولتين بعد تجميد الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة والإقرار بالقدس عاصمة للدولة الفلسطينية، كما لم يتطرق إلى التباين أو الخلاف المحتدم بينه وبين نتنياهو، الذي تحداه أكثر من مرّة، وما زال يُمعن في هذا التوجه وهو يطمح بالفوز في انتخابات اليوم، التي تُشير إلى فوز اليمين الديني بتحالف حزبه الليكود مع حزب يرفع شعار «إسرائيل بيتنا».
ولا تعطي اليقين بأن سياسة أميركا ستتبدل بالنسبة لما سبق وكرره بأن أمن إسرائيل من أمن أميركا، وهو ما زال داعماً لها، مالاً وسلاحاً ودبلوماسية، خصوصاً في منع ادانتها في مجلس الأمن، وهذا غير مطمئن لدفع عملية سلام الشرق الأوسط إلى الأمام، وما زال موقفه مهتزاً، ويمكن ان يتغيّر بالنسبة لدول الربيع العربي وما يجري فيها من مشاحنات وخلافات أشبه بالتقاتل قبل الاستقرار باعتماد الديمقراطية الصحيحة لتحقيق العدالة والمساواة وعدم هيمنة فئة على سواها.
ويدرك الرئيس أوباما أن ولايته الثانية مختلفة عن سابقتها من حيث تطورات إقليمية ودولية، وصولاً إلى قرع طبول حرب باردة مع المعسكر الشرقي نتيجة التباين الحاد حول وقف العنف في سوريا وحل سياسي يضمن وحدة هذا البلد ودوره البارز، ولم يتم تحديد واضح لتوقيت الانسحاب الكامل من العراق وأفغانستان، وقد أضيف إلى ذلك التدخل الدولي، وفي مقدمه فرنسا، في ايجاد حل لما تشهده مالي، وهو يُشير إلى عدم حسمه بسرعة بعد أن كثر العاملون على هذا الخط.
كل ذلك يضع الرئيس الأميركي أمام اختبار عملي يحتاج إلى اتخاذ قرارات تقرّب بلاده من الدول والشعوب، كما سبق وأعلن بعد الابتعاد عنها بفعل سياسة تقول بالالتزام بحقوق الإنسان ومنع احتلال أرض الغير بالقوة، وهذا يحتّم الانتظار حتى بروز معطيات توفّر الطمأنينة للدول والشعوب، وتجعل الشعب الفلسطيني يقترب من إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.

السابق
شربل: السجناء يستغلون عدم وجود أبواب في السجن
التالي
صوفي هوارد تفوز بلقب افضل صدر طبيعي